إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

إهداء..
تأليف: ستيفين كينج
ترجمة عامية وإعداد: شيرين هنائي
غلاف الترجمة العامية: مي جمال

_____________________
في باب على جنب، بعيد عن عربيات الليموزين والأبواب الدوّارة لواحد من أقدم فنادق نيويورك. الباب ده صغير، ماعليهوش أي علامة، أو بمعنى اصح بقا متعلم بإنه ماعليهوش علامات. قربت مارثا روزويل من الباب ده وهي شايلة شنطة قماش زرقا وإبتسامة عريضة على وشها.
كان مألوف تشوفها وهي شايلة الشنطة دي، بس الإبتسامة كانت شيء نادر. هي مكانتش تعيسة بسبب شغلها كرئيسة خدم الغرف في الفندق، بالعكس، بالنسبة لبنت كانت متعودة تلبس فساتين متفصلة من أجولة الرز والدقيق من صغرها، كان الشغل ده ممتاز جدا.
لكن مهما كان شغلك، سواء كنت ميكانيكي أو نجم سينما، في وش كده بتلبسه وإنت رايح الشغل، وش بيقول: أغلب أعضائي نايمة لسه في السرير. لكن بالنسبة لماثا روزويل الصباح ده مكانش صباح عادي.
الموضوع بدأ من إمبارح، أما رجعت من الشغل العصر ولقت الطرد الي إبنها باعتهولها من أوهايو. الطرد الي كانت مستنياه من زمان.
ماقدرتش تنام بعدها، كل شوية تقوم وتبص عليه وتتأكد من إنه حقيقي وإنه لسه موجود معاها. أخيرا ماعرفتش تنام إلا ومحتوى الطرد تحت مخدتها زي لبس العيد.
فتحت مارثا الباب الصغير بمفتاحها، ودخل ومشيت تلات خطوات في الطرقة المدهونة بالأخضر. على جوانب الطرقة كان في عَربات شايلة فرش سراير مغسول ومكوي ومتطبق. الطرقة كلها كان ريحتها صابون غسيل، الريحة الي مارثا بتربطها لسبب ما بريحة الخبيز.
كانت سامعة صوت موسيقى جاي من الإستقبال، بس كانت متعودة عليه، وبقا زيه زي صوت الأسانسيرات و خبط الأطباق في مطبخ الفندق.
آخر الطرقة كان في باب عليه يافطة: رئاسة خدم الغرف. دخلت وعلقت الجاكيت بتاعها، ومشيت لحد الأاوضة الواسعة المخصصة لرؤساء الخدم والي كانوا 11 شخص. كانوا بيشربوا فيها قهوتهم ويتكلموا عن مشاكل الشغل ويحاولوا يخلصوا الشغل الورقي خلال وقتهم سوا.
الأوضة كان فيها دواليب وخزاين وكراسي، وكان في عمودين معدنيين متثبت عليها شماعات هدوم ضد السرقة.
آخر الأاوضة كان في باب الحمام. إتفتح الباب ده وخرجت منه دارسي ساجامور، ملفوفة في روب الحمام الخاص بالفندق. بصت بصة واحدة على وش مارتا المنور وجريت عليها وهي فاتحة دراعاتها وبتضحك وبتقول:
- وصل؟! مكتوب على وشك!
مارثا ما أدركتش إنها هاتعيط إلا بعد ما وشها غرق دموع، حضنت دارسي ودفنت وشها في شعرها الأسود المبلول.
- حبيبتي ماتعيطيش! اقولك؟ عيطي وطلعي كل الي جواكي.
- أنا..أنا بس فخورة بيه أوي يا دراسي..فخورة أوي!
- طبعا لازم تكوني فخورة. علشان كده بتعيطي؟ ولا يهمك..بس عايزة أشوفه بقا أول ما تخلصي عياط.
خرجت مارثا من شنطتها أول رواية عليها إسم إبنها. كانت لفاها كويس في ورق خفيف وحطاها تحت لبس الشغل البني بتاعها. شالت الورق بالراحةة من على الرواية علشان تقدر دارسي تشوف الكنز.
بصت دارسي على الغلاف، الي كان عليه صورة تلات ضباط بحرية، واحد منهم رابط رباط حوالين راسه. الرواية كان إسمها: بريق المجد. مكتوب باللون البرتقالي الناري، وتحت الصورة مكتوب: رواية تأليف بيتر روزويل.
قالت دارسي بطريقة مستعجلة كأنها عايزة تدخل في المهم على طول:
- جميل أوي..بس وريني المهم!
فتحت مارثا الكتاب وقلبت في الصفحات لحد صفحة الإهداء. بيتر كان كاتب: أهدي هذا الكتاب لأمي، مارثا روزيل. أمي..لم أكن لأصل إلى ما وصلت إليه لولاكِ.
تحت الإهداء المطبوع، مكتوب بخط اليد بقلم جاف: مش بجاملك يا ماما..بحبك..بيتر.
مسحت دارسي عينيها بكفها من التأثر وقالت:
- يالهوي على الجمال! 
لفت مارثا الكتاب تاني وهي بتقول:
- جمال بس؟ المهم إنه حقيقي!
والمرة دي دارسي شافت في إبتسامة مارثا أكتر من الفخر والحب، شافت الإنتصار.
____________________
بعد ما مارثا ودارسي بيخلصوا شغل الساعة تلاتة، بيروحوا سوا لكافيتريا الفندق ياكلوا حاجة سريعة، وفي حالات نادرة كانوا بيروحوا البار يشربوا حاجة أقوى من القهوة والشاي. والنهاردة كانوا محتاجين البار أكتر.
قعدت دراسي صاحبتها في واحدة من الكبائن الخاصة، وسابتها وراحت تكلم راي، الي كان ماسك البار النهاردة. هز راي راسه وابتسم، ورجعت درسي لصديقتها وهي راضية تماما. بصت لها مارثا في شك وسألتها:
- كنتي بتقولي له إيه؟
- هاتشوفي.
خمس دقايق ورجع راي بدلو فضي فيه تلج وإزازة شامبانيا فاخرة وكاسين. فتح الإزازة وصب لكل واحدة فيهم في كاسها، وإنحنى لهم في وقار ومشي.
- دي إحتفالي بك وبإبنك! في صحة مستقبله الجديد وفي صحته وفي صحة حبك له.
ابتسمت مارثا للفتة صديقتها الرقيقة، لكن عينيها ما ابتسمتش، وشربت الكاس كله مرة واحدة.
دراسي كانت عايزة تحتفل بإبن صديقتها ، بس في نفس الوقت في جملة قالتها مارثا.."جمال بس؟ المهم إنه حقيقي!" ..مارثا كان قصدها إيه؟ وليه تعبير الإنتصار الي كان على وش مارثا؟ إستنت دارسي لحد ما شربت مارثا تالت كاس وسألتها:
- كنتي قصدك إيه بموضوع إن الإهداء حقيقي..مافهمتش.
- نعم؟
- قولتي إنه مش بس جميل، إنما كمان حقيقي.
بصتلها مارثا كتير من غير ماترد لحد ما دارسي إفتكرت إنها مش هاترد عليها أبدا. فجأة ضحكت مارثا ضحكة مريرة صادمة على الأاقل بالنسبة لدارسي. مكانش عندها فكرة إن مارثا البشوشة المرحة ممكن تكون حاسة بالمرارة أوي كده، بس لسه نظرة الإنتصار مرسومة في عينيها.
قالت مارثا أخيرا:
- كتابه هايبقا في قائمة الأكثر مبيعا، والنقاد هايشيلوه على راسهم. أنا مؤمنة بده، مش علشان بيتر قال كده..علشان ده بالضبط الي حصل معاه..
- الي حصل مع مين؟
- أبو بيتر..
فردت مارثا كفوفها على الترابيزة قدامها وبصت لدارسي في هدوء. قالت الأاخيرة:
- بس....
وسكتت. جوني روزويل جوز مارثا عمره ما كتب كتاب في حياته، كان آخره في الكتابة يكتب عبارات بذيئة على حيطان الحمامات العمومية...تكونش مارثا قصدها.....
(( بلاش سوء الظن ده، اكيد الست مش متعودة على الشامبانيا النضيفة دي وسكرت وبتقول أي كلام..ولا...ولا بيتر مش إبن جوني وأبوه حد مشهور؟!))
بس الظن ده مكانش منطقي ابدا. دارسي عمرها ما شافت جوني، بس شافتله صور كتير جدا مع مارثا وبيتر، وبيتر كان نسخة من جوني. كأن مارثا حست باللي بيدور في دماغ صاحبتها، فقالت:
- جوني أبو بيتر. الشبه بينهم واضح جدا.. بس جوني مكانش أبوه الطبيعي..فاهمة حاجة؟! صبيلي تاني من البتاع ده، حلو أوي..
صبت دارسي الي فضل من الإزازة في كاس مارثا، ومارثا رفعت الكاس وفضلت سرحانة في السائل اللامع..شربت منه وحطته قدامها..ضحكت تاني ضحكتها الحزينة.
- طبعا مش فاهمة أي حاجة من الي بقولها صح؟
- لا مش فاهمة حاجة.
- طيب، هاحكيلك..بعد كل السنين دي محتاجة أحكي لحد، خاصة بعد ما بيتر نشر روايته وخلى الي طول عمري مستنياه يحصل. ربنا يعلم إني مقدرش اقول له..ما اقدرش أقول له هو بالذات. الأبناء المحظوظين عمرهم ما يقدروا يتخيلوا أمهاتهم بتحبهم قد غيه..أو بتضحي علشان بإيه..مش كده؟
- كده. مارثا حبيبتي..عايزاكي بس تفكري تاني قبل ما تحكي لأي حد عن...
- إنت الي لازم تفكري لو عايزة تسمعي معنى كلمة إهداء المكتوبة في الكتاب ده..لو عايزة تعرفي لازم تسألي أم..ولا إيه يا دارسي؟
كان في إبتسامة غير مريحة على وش مارثا رعبت دارسي، وكأن لي قدامها حد تاني مش صاحبتها.لكن فضول دارسي دفعها تطلب من مارثا تحكي..وحكت...
____________________
مكانش ضروري مارثا تحكي تفاصيل صديقتها دارسي عارفاها من صداقة حداشر سنة وشغلهم سوا في نفس المكان. أكتر حاجة عارفاه دارسي عن مارثا إنها إتجوزت رجل مش كويس، رجل كل إهتماماتها الشرب والمخدرات وأي ست تعدي من قدامه ما عدا الست الي متجوزها طبعا.
أما قابلت مارثا جوزها كان لسه بقالها كم شهر في نيويورك، مرجد طفلة تايهة في الغابة. وكانت حامل منه في شهرين أما إتجوزته رسمي. سواء حامل أو لا، مارثا فكرت كتير قبل ما توافق تتجوز جوني. كانت شاكرة له إنه إتجوزها بعد حملها منه، بينما مئات الرجالة هربانين في الشوارع من أولادهم.
فقدت مارثا طفلها الأول منه في الشهر الثالث، لكن الليالي عدت قاسية عليها من جوزها ومن ضربه وإهماله لها. قبل ما تلم مارثا هدومها وتهجره إكتشفت إنها حامل تاني، وكان رد فعل جوني وقتها فوري: ضربها بعصاية المكنسة في بطنها على أمل إنها تسقط. 
بعدها بليلتين، حاول جوني واتنين صحابه مايتخيروش عنه يسرقوا محل خمور ومعاهم سلاح ناري يدوي الصنع. شظية طلعت من سلاح جوني ضربت عينه ودخلت مخه وقتلته في الحال.
اشتغلت مارثا في القندق لحد مابقت في الشهر السابع، وده كان قبل ما تيجي دارسي تشتغل معاها، وطلب منها مدير الفندق تاخد أجازة أحسن تولدلهم في وسط الفندق فجأة. طمنها إن شغلها ممتاز وتقدر ترجعله تاني بعد ماتولد وترتاح.
أخدت مارثا أجازة، وبعد شهرين ولدت ولد سمته بيتر، وبيتر كتب رواية كسرت الدنيا والكل متنبيء لها بالشهرة العالمية.
الي فات ده كله كانت دارسي عارفاه وسمعته قبل كده، الجانب الغريب بقا هو الي سمعته في البار من صديقتها وقدامهم إزازة الشامبانيا والكتاب الفاخر.
قالت مارثا وهي ماسكة الكاس في إيدها وسرحانة فيه:
- كنا ساكنين في شارع ستانتون، على أطراف البلد جنب الحديقة العامة. كان في ست غريبة عايشة في الحديقة، الناس بيسموها ماما ديلورمي، وكانوا بيقولوا عليها ساحرة أو عرافة. أنا شخصيا مش بصددق في الكلام ده، وقلت لواحدة جارتي مرة إني مستغربة إن في ناس بتصدق الكلام ده في عصر الأقمار الصناعية الي بتلف حوالين الأرض، والأدوية الي بتخفف الأمراض بقرص وقرصين. جارتي كانت ست متعلمة وكانت عايشة في العمارة البائسة إلي انا فيها لأانها مضطرة تصرف من مرتبها على أخواتها التلاتة وأمها. كنت فاكرة هايكون رأيها من رأيي في موضوع الخرافات ده، لكنها ضحكت وهزت راسها. قلت لها:
- يعني إنتي مؤمنة بالسحر؟!
-لا..أنا مؤمنة بيها. هي مختلفة. يمكن من بين كل الف ولا ميت الف ولا مليون ست حتى بتدعي إنها ساحرة، في واحدة بس مابتدعيش حاجة..ماما ديلورمي هي الواحدة دي.
ضحكت..الناس مش محتاجة السحر تقدر تضحك عليه، زي الي مش محتاجين الدعاء بيسخروا منه. كنت لسه متجوزة جديد وكنت لسه فاكرة إني ممكن أصلح جوني..فاهماني؟
بعدها حصل الإجهاض بسبب ضرب جوني، ووقتها ماكونتش عايزة أعترف بالحقيقة دي حتى لنفسي. مكانش بيبطل يضربني، كنت بديله فلوس وكان بيسرق من شنطتي برضو وبينكر.
من تعبي كتبت لأمي، كنت مكسوفة أوي من نفسي وعيطت كتير وأنا بكتبه. ردت عليا وقالت لي اهرب منه قبل ما يموتني. أختي الكبيرة كاساندرا بعتتلي تذكرة اوتوبيس في ظرف مكتوب عليه: اهربي دلوقتي.
كنت عبيطة وقتها وكرامتي ما سمحتليش أهرب وفضلت عايشة معاه لحد ما أكتشفت إني حامل تاني..ماحسيتش بأي اعراض في بداية الحمل ده اصلا زي ما حسيت في الحمل الأولاني.
سألت دراسي:
- ماتوقليش غنك روحتي لماما ديلورمي دي علشان كنتي حامل.
خطر في بال دارسي إن مارثا ممكن تلجأ لست زي دي علشان تديها حاجة تنزل الجنين. ردت مارثا:
- لا..انا روحتلها جارتي وماما ديلورمي هم الوحيدين الي قدروا يقولولي إيه الشيء الي لقيته في جيب جوني جوزي. كانت بودرة بيضا في إزازة صغيرة.
عايزة تعرفي إيه أسوأ من زوج عاطل بيضرب أكتر ما بيتكلم؟ عايزة تعرفي إيه اسوأ من زوج صاحب إزازة وكل يوم مع ست شكل؟ الاسوأ إن مع كل ده آجي أدور في جيبه على دولار أشتري بيه أكل الاقي إزازة كوكايين!
سألت دارسي في شفقة:
- واخدتي الإزازة لماما ديلورمي؟
- الإزازة كلها؟ لا طبعا حياتي سيئة بما فيه الكفاية ومش عايزة أموت مدبوحة كمان. لو رجع ومالاقاش الإزازة هايعمل فيا إيه؟ أخدت منها حبة صغيرين اوي في ورقة سلوفان من علبة السجاير ورحت لجارتي، جارتي قالت لي أروح لماما ديلورمي فروحت.
- كانت عاملة إزاي؟!
هزت مارثا راسها وهي مش قادرة توصف الست ولا إزاي عدت النص ساعة الي قضيتها معاها في شقتها، ولا إزاي نزلت جري على السلالم مش دريانة بنفسها وهي خايفة لاتكون الست دي جاية وراها.
الشقة كانت ضلمة وريحتها خليط من الشموع وورق الحائط القديم والقرفة. كان في صورة ليسوع المسيح على حيطة من الحيطان وعلى الحيطة المقابلة صورة لنوستراداموس ( عراف شهير).
- كانت ست غريبة..لحد النهاردة مقدرش اقولك عمرها كم سنة..ممكن سبعين..تسعين..أو مية وعشرة. كان في ندبة طويلة ماسكة من اول مناخيها لحد جبهتها وبداية شعرها..ندبة كأنها حرق مأثر كمان على شكل عينها اليمين. كانت قاعدة على كرسي هزاز وبين إيديها مفرش بتطرزه. دخلت عليها فقالت لي: عندي تلات حاجات اقولهالك..أول حاجة إنك مش مؤمنة بيا، تاني حاجة الإزازة الي لقيتيها في جيب جوزك هروين ماركة الملاك الأابيض. تالت حاجة إنك حامل في تلات شهور..ولد..هاتسميه على إسم أبوه الطبيعي.
بصت مارثا حواليها في البار علشان تتأكد إن محدش قاعد قريب منهم هايسمعها. مالت على دارسي وكملت حكايتها:
- بعدين، اما عرفت اتمالك اعصابي وافكر، افترضت إن طالما أول حاجتين قالتهم صح يبقا ممكن تكون عارفاهم من أي حد..ممكن جارتي تكون حكيت لها وعرفتها إني جاية بحسن نيه وممكن تكون قالت لها كمان سبب زيارتي. شوفتي التفسير سهل إزاي؟ شغل دجالين معروف. 
- فعلا عندك حق.
- بالنسبة لموضوع إني حامل ده، ممكن يكون تخمين وجه معاها صح..أو..أو في ستات بتعرف الي قدامها حامل أو لا..موهبة كده.
- فعلا عندي خالة بتعرف الحوامل قبل ما يعرفوا هم نفسهم إنهم حوامل..يمكن قبل ما يحملوا أصلا!كانت بتقول إن للحوامل ريحة مميزة.
ضحكت مارثا وكملت:
- سمعت فعلا الموضوع ده، بس في حالتي التفسير ده ماينفعش..هي بس عرفت..من جوايا وتحت الجزء المتشكك في عقلي كنت عارفة إنه عارفة، مش تخمين ولا موهبة زي الي عند خالتك.
- المهم عملتي إيه اما قالت كده؟
- كان في كرسي قديم كده جنب الباب، قعدت عليه، رجليا مكانتش شايلاني..لو مكانش الكرسي موجود كنت هاقعد مكاني على الأرض. الست كملت تطريز عقبال ما اجمع نفسي تاني. كأنها شافت المشهد ورد الفعل ده الف مرة قبل كده. اخيرا قلت لها: انا هاسيب جوزي.
ردت بسرعة وقالت: لا..هو الي هايسيبك..اصبري..
قلت لها: إزاي؟! ودي الكلمة الوحيدة الي قدرت اقولها وفضلت اكررها..بعد 26 سنة لسه شامة رية الشمع والقرفة وورق الحائط..لسه شايفاها..ضئيلة وضعيفة ولابسة فستان ازرق منقط. كان ضئلة جدا بس كان طالع منها إحساس غريب بالقوة.
قامت مارثا وراحت ناحية البار واتكلمت مع راي ورجت بكوباية مية كبير شربتها كلها. سألتها دارسي:
- حاسة إنك احسن؟
- يعني..مش قادرة انساها ومش قادرة ابطل احس بيها. قالت لي ماما ديلورمي: مش مهم ايه الي هايحصل للرجل جوزك، المهم تدوري على ابو ابنك الطبيعي.
أي حد يسمع كلامها ده يفتكر إن قصدها إن أبني مش ابن جوزي واني ماشية مع رجالة تانيين، بس كان في شيء مانعني اغضب من كلامها..كنت محتارة. سألتها: قصدك إيه؟جوني هو ابو الجنين الي في بطني!
مالت ناحيتي وبدات اترعب، قالت لي: اي عيل بيتخلق في بطن واحدة بييجي من صلب راجل، مش كده؟
طبعا كلامها مش كلام يتحط في كتب الطب، بس مفهوم الي قالته، اي طفل بييجي من حيوان منوي جي من رجل. كملت كلامها وقالت:
ربنا خلق الناس كده، بس الناس فاكرة ان علشان البذرة جاية من رجل يبقا العيل ابن ابوه أكتر، بس الحقيقة ان الست هي الي بتشيل وبتغذي، العيل بيبقا منها هي..بس في استثناء لكل قاعدة بيثبتها والي بقولهولك ده الإستثناء..الرجل الي حط العيل ده في بطنك مش هايكون ابو العيل الطبيعي حتى لو فضل موجود ورباه. هايضربه وهايموته قبل ما يكمل سنة لأنه غالبا هايحس إن الواد مش إبنه. العيل ده مش هايبقا زي جوني روزيل ابدا، فقوليلي يا بنتي من ابوه الطبيعي؟
ماعفتش أرد اقول إيه، مش فاهمة بتتكلم عن إيه اصلا، بس عقلي الباطن كان عارف ماتفهميش إزاي..للحظة حسيت إني هانطق إسم ابو الجنين الطبيعي. قلت لها: مش عارفة إنت عايزاني أقول لك غيه..مش فاهمة موضوع الآباء الطبيعيين ده..أنا حتى مش متأكدة أنا حامل ولا لأ، بس لو حامل فالجنين أكيد إبن جوني..انا مانمتش ما رجل غيره اصلا في حياتي كلها!
رجعت في كرسيها وسندت ضهرها وقالت لي: انا ماقصدتش أخوفك يا بنتي، بس انا شوفت رؤيا قوية علشان كده قولتلك الكلام ده. خليني اعمل لنا كوبايتين شاي علشان تهدي. هاتحبيه، ده شاي مخصوص.
كنت عايزة أقولها مش عايزة شاي بس ما قدرتش..حسيت اني هابذل مجهود خرافي علشان بس اتكلم  كلمة واحدة.
كان عندها مطبخ صغير مزيت ضلمة زي الكهف. من مكاني جنب الباب شوفتها بتحط معلقة شاي من برطمان مشروخ في براد، وبتحط البراد على النار. ماكونتش عايزة أي حاجة "مخصوص" من ناحيتها ولا أي حاجة من المطبخ المزيت ده. قولت لنفسي هاخط بُق شاي علشان ما أحرجهاش واخلع من هنا وما اوريهاش وشي تاني.
إتفاجئت إنها جايبة الشاي في فنجانين صيني نضاف جدا ومعاهم سكر ولبن ومخبوزات طازة. الروائح نبهتني وقبل ما أدرك أنا بعمل إيه، لقيتني شربت فنجانين وأكل كل المخبوزات في الطبق. هي شربت كوباية شاي وأكلت قطعة واحدة من المخبوزات وقعدت تتكلم في أمور عادية خالص..عن جيراننا في الشارع، وعن مسقط راسي في الاباما، وبشتري لبسي منين..إلخ. أما بصيت في الساعة لقيت نفسي عديت الساعة ونص معاها. قومت وقفت، فحسيت بدوخة جامدة فقعدت تاني.

دارسي كانت بتتابع حكاية مارثا وعينيها واسعة من الفضول. كملت مارثا:
- قلت لها: إنت خدرتيني؟! كنت خايفة، بس الجزء الخايف مني كان بيغوص بعيد جوايا.
قالت لي: يابنتي أنا عايزة أساعدك، بس إنت مش عايزة تستسلمي وتقوليلي الي عايزة اعرفه منك، وأنا عارفة إنك مش هاتعملي الي عايزاكي تعمليه حتى لو إستسلمتي..مش هاتعملي حاجة من غير زقة مني. دلوقتي هاتنامي شوية، وقبل ما تنامي عايزاكي تقوليلي إسم أبو إبنك الطبيعي.
وانا قعادة في الكرسي جنب الباب دايخة، سامعة دوشة الشارع من بعيد شوفته..شوفته يا دارسي زي ما أنا شايفاكي دلوقتي وعرفت إن إسمه بيتر جيفريز..وكانت بشرته بيضا زي ما بشرتي سمرا..وكان طويل زي ما أنا قصيرة..وكان متعلم زي ما أنا جاهلة..كنا عكس بعض في كل حاجة إلا حاجة واحدة، إحنا الإثنين كنا من الاباما. مكانش عنده فكرة اصلا عن وجودي في الحياة..كنت البنت السمرا الي بتنضف الجناح الي بيسكن فيه في الفندق، وبالنسبة لي كان شخص بتحاشى أعدي من قدامه حتى. كنت عارفة تصرفاته كويس وعارفة هو إيه. كان من الناس الي ما يشربش من كوباية حد أسمر مسكها قبله من غير ما يغسلها كويس. كان شخص مقيت، وده مالوش علاقة بكونه أبيض. اللي زيه بييجوا من كل الألوان.
عارفة يا دارسي، كان زي جوني في حاجات كتير..بمعنى أصح لو جوني كان ذكي  ومتعلم وربنا رازقه موهبة كان هايبقا نسخة منه.
الرجل ده مكانش بيخطر في بالي خالص وكل علاقتنا إني بتحاشى نتلاقى. بس أما ماما ديلورمي مالت عليا لدرجة إني شميت ريحة القرفة فايحة من نَفَسها وبتخنقني، مكانش في في عقلي إلا إسمه..نطقته بدون تردد: بيتر جيفريز..الرجل الي بيقعد في جناح 1163 وبيكتب رواياته فيه هو أبو إبني الطبيعي.....بس ده أبيض!
مالت عليا أكتر وقالت لي: لا يا حبيبتي مش أبيض..مافيش رجل أبيض. كلهم من جوه سود. مش مصدقاني إنت، بس أنا بقولك الحقيقة..جواهم سواد ليل حالك، بس الرجل يقدر يطلع النور من وسط ظلام الليل. الطبيعة مالهاش علاقة بالألوان. دلوقتي غمضي عينيكي..انت تعبانة..تعبانة أوي. غمضي عينيكي دلوقتي وما تبصيش..ماما ديلورمي هاتحط حاجة في إيدك دلوقتي، ماتبصيلهاش واقفلي كفك عليها.
غمضت وحسيت بحاجة مربعة بلاستيك او إزاز في إيدي. قالت لي: هاتفتكري كل حاجة في الوقت المناسب..دلوقتي نامي..ششششش..نامي....شششششش...
ونمت فعلا..اول حاجة افتكرتها بعد كده إني بجري على السلم كأن الشيطان بيجير ورايا! ماكونتش فاكرة أنا بجري من غيه بس مش مهم، كنت بجري وخلاص. رجعت بيتها مرة تانية بعد كده بس هي مكانتش هناك.

إبتدا البار حوالين مارثا ودارسي يبقا زحمة، والاتين كانوا بيبصوا لبعض كانهم في حلم مشترك. الاتنين كانوا عايزين يمشوا من البار. صحيح مكانوش لابسين يونيفورم الشغل، بس كانوا حاسين انهم ما بينتموش للمكان ولا للأشخاص الي ابتدت تتوافد على المكان بلبسهم الشيك ولغتهم الراقية. قالت مارثا لصاحبتها:
- عندي أكل وبيرة في البيت، هاسخن الأولاني وأسقع التانية..لو عايزة تيجي وتسمعي باقي الحكاية يعني.
- مش مسألة عايزة..أنا لازم أسمع الباقي!
- وانا لازم أحكي..
________________________

اكلت الصديقتين بعد ما اتصلت دارسي بجوزها وقالت له إنها هاتتأخر. سألت مارثا تاني صديقتها إن كانت عايزة تسمع باقي الحكاية، وبعدين كملت وقالت:
- بسألك لو متأكدة إنك عايزة تسمعي علشان بس في الحكاية أجزاء مش لطيفة..أجزايء منها أسوأ من المجلات الي كان بيسيبها أي رجل أعزب بعد ما يمشي من الفندق.
دارسي كانت عارفة نوعية المجلات دي، بس مكانتش قادرة تتخيل صديقتها النضيفة المهذبة بتلمس المجلات دي أصلا فضلا عن إن حكايتها تكون فيها أجزاء بقذارة محتوى المجلات!
كملت مارثا وقالت:
- رجعت بيتي بعد ما هربت من العرافة دي، ولأاني ماكونتش فاكرة أغلب اللقاء، اقنعت نفسي إني كنت بهلوس أو بحلم..بس البودرة الي اخدتها من إزازة جوني مكانتش حلم، وكانت لسه معايا في جيبي. كنت عايزة أخلص منها وما أفكرش تاني فيها ولا في السحر.
بس مالاقيتش الورقة الي فيها البودرة بس، لقيت حاجة تاني..صندوق صغير بلاستيك فيه قطعة من فطر (مشروم). صحيح ماكونتش فاكرة ده غيه وإيه الي جابه في جيبي. فكرت ارميه، بس قلبي ما جابنيش..كت حاسة إن ماما ديلورمي معايا في الأوضة بتقولي ما ارميهوش. كنت حتى خايفة ابص في المرايا أشوفها ورايا.
اخيرا، رميت البودرة في الحوض وحطيت الفطر في آخر الرف في الدولاب بحيث محدش يلاقيه ولا انا حتى.
اعتقد لازم أكلمك أكتر عن بيتر جيفريز.رواية إبني عن حرب فيتنام، وروايات بيتر جيفريز عن الحرب العالمية التانية، أشهرها رواية إسمها: بريق الجنة. فاهمة قصدي إيه اما بتكلم عن الأاباء الطبيعيين؟ شافة التشابة بين أسماء الروايتين؟ بريق الجنة وبريق المجد؟
- بس لو ابنك بيتر كان سمع بالكاتب ده أو قرأ له بالصدفة، ممكن يكون إتأثر ب..
- طبعا ممكن..بس مش ده الي حصل، ومش هحاول اقنعك بالي حصل اصلا، هاحكيلك وانت احكمي.
- فهمت.
- كنت بشوف بيتر جفريز كتير من سنة 1957 اما بدأت اشتغل في الفندق، لحد سنة 1968تقريبا. ساعتها هو حصل له مشاكل في القلب والكبد بسبب شربه الزايد للخمور. سنة 1969 رجع تاني يزور الفندق وكان خاسس جدا، جلد على عضم. بس مكانش بيفارق البار ولا الإزازة برضو. كنت بسمعه ساعات بيكح بليل وبيرجع في الحمام وبيبكي من الألم. كل مرة بقول هايبطل بس مابيبطلش.
سنة 1970 جه الفندق مرتين بس، وكان معاه رجل بيتسند عليه..وبرضه كان لسه بيشرب!
اخر مرة جه فيها كان سنة 1971 في فبراير، كان معاه رجل مختلف، وكان جيفريز قاعد على كرسي متحرك. كان متعود ينزل في جناح معين، وكنت انا الي بنضفله طول السنين الي اشتغلت فيها، واما بكون مشغولة في مكان تاني كان بيطلبني بالإسم. بس ده كان عادي انه يعرف اسمي لأني معلقة كارت على هدومي فيه وظيفتي واسمي، وكنت مؤمنة انه عمره ما شافني بالمعنى الحقيقي للكلمة. كنت شبح بالنسبة له.
الكلام ده لحد سنة 1960، بعدها بدأ يسيبلي دولارين فوق التليفزيون قبل ما يغادر الفندق كبقشيش يعني. سنة 1964 بقوا تلات دولارات، بعدها بقوا خمسة. ده كان مبلغ ممتاز ساعتها. هو مكانش يقصد يديني أنا بقشيش، هو كان بيعمل الأصول واللي المفروض يعمله شخص مشهور مش أكتر.
كان بيدير شغله كله من الفندق، وساعات كان بيعمل حفلات في أوضته، باجي تاني يوم انضف عشرات الازايز المرمية على الأرض، والم الفوط من الأحواض وارمس اعقاب السجاير الي مالية الطفايات..مرة لقيت طبق جمبري جامبو بحاله مرمي في التواليت!
ساعات الحفلات بتفضل شغالة حتى اما باجي انضف الساعة عشر الصبح. كان بيسيبني ادخل وكنت بنضف من حواليهم وهم قاعدين، بس مكانش في ستات خالص في الحفلات دي. كانوا بيقعدوا يتكلموا عن الحرب وقتلوا مين وعملوا ايه وكده..ساعات كانوا بيلعبوا بوكر وهم برضو بيتكلموا عن اهوال الحرب الي ماينفعش تتقال في البيوت قدام الأطفال والستات.
دراسي استغربت غزاي مدير الفندق كان بيسمح بحفلات زي دي، لكن مارثال قالت لها إنهم كانوا مهذبين جدا ومحدش كان بيبوظ حاجة من ممتلكات الفندق. بالإضافة إلى إن نزول شخصية شهيرة زي دي الفندق مهم لسمعته.
- بس على قد ماهو كان شيك ومهذب على قد ما كان بيكره السود وبيتكلم عنهم بطريقة مستفزة جدا كأنهم حيوانات. مرة اتفتح الموضوع في حفلة من حفلاته وكنت بنضف..كان بيتكلم عنا كأننا أشياء أو حيوانات، كان له آراء سياسية بتدعم رجوع العبودية تاني. بصراحة اول مرة في حياتي ما أكملش تنضيف وخرجت من الأوضة. طبعا ما حسش إني خرجت، ودي ميزة إن الواحد يكون أسود.
كنت عارفة إنه أبو إبني الطبيعي معرفش إزاي، كنت بلعن الحقيقة دي وبلعن كونه في الحقيقة مسخ سادي عنصري..بس هو مكانش مسخ..كان رجل..رجل سيء شيك. حتى إن الواحد ممكن يحبه لو قراله.
- إنتي كمان قريتي له؟!
- حبيبتي انا قريت كتبه كلها..كان كاتب تلات روايات في الفترة قبل ما اقابل ماما ديلورمي سنة 1959 وكنت قاريه منها اتنين، بعدها قريت كل حاجة كتبها.
بصت دارسي على مكتبة مارثا وشافت الرفوف المليانة كتب بوليسية وجريمة وتشويق وقال لها:
- مش شايفة يعني إن الروايات الحربية من ذوقك.
- لا مش ذوقي، بس هاقولك حاجة غريبة، لو كان رجل لطيف عادي غاليا ماكونتش هاقراله حاجة. بس كان عندي فضول أعرف الرجالة الي زيه بيفكروا إزاي..ولو كان رجل سوي لطيف مكانتش رواياته هاتطلع بالجمال ده!
- إيه الي بتقوليه ده؟!
- صدقيني مش عارفة..اسمعي وخلاص ماشي؟ ذروة كلامه المعلن عن كراهيته للبشرية كلها اصلا كان بعد مقتل كينيدي، بس انا كنت عارفة حقيقته من سنة 58. كان شايف إن كل واحد ماشي في الشارع رايح يسرق علشان يشم، كل حاجة يسرق علشان يشم..كان هو وصحابه فاكرين إن الشرقة علشان الشم دي أقذر حاجة في الدنيا يعني! تحت قشرة الرجل المهذب الأرستقراطي شخص بيكره السود واليهود والروس والصُفر وكله..كنت بسمعه في حفلاته بيقول كل القرف ده وأسأل نفسي، هو ليه كاتب مشهور كده؟ ماكونتش عايزة أعرف راي النقاد فيه وسر حبهم ليه، كنت عايزة أفهم ليه الناس العادية الي زيي بتحب رواياته، هم الي خلوها الأكثر مبيعا مش النقاد. وده الي خلاني أشتري روايته بريق الجنة. كنت فاكرة إنها هاتبقا رواية ناشفة ممليانة جعجعة على الفاضي، بس لقيتها حكاية خمس شباب في الحرب، وحكاية زوجاتهم واهلهم في الوطن. حكاية تتحب مش من النوع الي إنتي فاكراه ،رواية حربية جافة. إزاي رجل ممل قاسي كده بيكتب رواية تخليكي ماتناميش إلا أما تخلصيها؟ إزاي شخص مالوش قلب كده يكتب شخصيات تبكيكي وتضحك كأنهم ناس بجد؟ كان في شاب شغال حارس على بوابة الفندق ساعتها، مكانش أسمر طبعا علشان وقتها نزلاء الفندق مكانوش يحبوا إن ناس سمرا تقف على الأابواب ويشوفوهم في الرايحة والجاية. الشاب ده كان شخص مهذب ومتعلم وبيقرا لبيتر جيفريز. سألته إزاي شخص زي ده بيكتب روايات بالرقة والروعة دي. قال لي إن في كُتاب مايسووش بصلة كبني آدمين، بس مجرد ما يمسكوا القلم بيبقا كأن نزل عليهم وحي إلهي بالضبط..بيتر جيفريز منهم. مش هاخبي عليكي يا دارسي، بعد ما قريتله كتابين بدأ يصعب عليا.
- يصعب عليكي؟!
- أيوه، لأن الكتب كانت جميلة، والي كتبهم إنسان دميم روحه ميتة. أجيبلك بيرة تاني؟
- لا كفاية.
- طيب لو غيريتي رايك قولي، علشان الحكاية هاتبتدي تسخن هنا. في حاجة تاني عايزة اقولهالك عنه، إنه مكانش رجل جذاب..جنسيا يعني..
- إيه ده كان شاذ؟
- لا لا..ولا شاذ ولا مثلي ولا اي حاجة من الي بتقولها اليومين دول. قصدي إنه طبعا مش جذاب للرجالة ولا للستات. خلال السنين الي كان بيقضي ايام منها في الفندق يمكن مرة ولا أتنين كنت الاقي اعقاب سجاير عليها أحمر شفايف، أو أشم عطر حريمي على الفرش. ومرة لقيت قلم محدد عيون واقع تحت الحوض. العطر ومحدد العيون كانوا من ماركات رخيصة فواضح إن الي كانوا معاه مدفوعلهم مش عشيقات بالمعنى المفهوم. بس مرة أو مرتين خلال السنين دي كلها معدل قليل جدا على أي رجل في مكانه، صح؟
- صح أوي.
فكرت دارسي في عدد الملابس الداخلية النسائية الي كانت بتلاقيها في أوض الرجالة العزاب في الفندق، الواقيات الذكرية المستعملة الي بتملا التواليتات وتسدها، غير البقع الي بتفتن على صحابها على السراير.
سكتت مارثا صشوية كأنها مكسوفة تتكلم، بعدين قالت ووشها أحمر:
- واضح إن الرجل مكان مثير جنسيا حتى لنفسه! مكانش عنده اي مجلات إباحية وملاياته دايما زي الفل.
المهم، سيبك من قلة الأادب، كان عدى إسبوعين مثلا على زيارتي لماما ديلورمي وإتأكدت إني حامل. ماقولتش طبعا لجوني مع إن كان لازم يعرف، بس كنت مرعوبة منه.
- حقك.
- كنت في أوضة جيفيرز بنضفها في يوم الصبح بدري وكنت بفكر هاقول لجوني إزاي إني حامل، وكان جيفريز في مشوار بره الفندق. السرير كان دابل والناحيتين كانوا منكوشين. ده مالوش معنى محدد، ممكن يكون بينام على السرير كله، او بيفرك كتير. ساعات كنت بلاقي الملاية أصلا متشالة من تحت المرتبة. بدات أشيل الأغطية على جنب وأشيل الملاية، وهنا في ضوء الشمس لمحتها..وكانت قربت تنشف..وقفت أبص عليها كأني منومة مغناطيسيا..كنت شايفاه نايم بعد ما صحابه مشيوا، شامم دخان السجاير وعرقه، شوفته أتقلب على ضهره في ملل وبدأ يمارس الحب مع مدام إبهام وبناتها الأاربعة..كنت شايفة المشهد زي ما أنا شايفاكي بالضبط..ماكونتش عارفة بيفكر في إيه ولا بيتخيل إيه..فجأة حسيت بحاجة، بشيء بيدفعني اعمل حاجة مالهاش أي معنى ولا اي سبب..عارفة عملت إيه يا دارسي؟
بدات مارثا تحكي الي عملته، نص دقيقة وقامت دارسي على الحمام ترجع كل الي أكلته وشربته. فكرت مارثا:
(( ياترى بتقول عليا إيه؟ هابص في عينيها تاني إزاي؟!))
بعد ما خرجت دارسي من الحمام دايخة وبتترعش، سألتها مارثا:
- إنت كويسة؟
- ايوه..أنا بس..أصل...
- عارفة..صديقني عارفة..تحبي تكملي الحكاية ولا كفاية كده؟
- كملي!
قعدت الصديقتين تاني وكملت مارثا حكايتها وقالت:
- كملت شغلي باقي اليوم وانا مذهولة، كأني منومة مغناطيسيا. الناس بتكلمني وانا برد عليهم ومش واعية بقول إيه. الساحرة نومتني..نومتني واجبرتني اعمل القرف الي عملته..دي ساحرة مؤمنة بالأعمال والعكوسات وهي الي خلتني أعمل كده بحجة موضوع الأب الطبيعي ده. الغريب في الموضوع إني ماكونتش فاكرة تفاصيل زيارتي لماما ديلورمي لحد اللحظة الي عملت فيهاالي عملته في أوضة جيفريز. ما عيطتش ولا إنهارت ولا أي حاجة..كملت اليوم عادي من ورا لوح إزاز، مش فاهمة ولا حاسة بحاجة. أما وصلت البيت كنت عطشانة جدا، عطشانة أكتر من اي وقت في حياتي، كأن في عاصفة رملية في زوري. فضلت أشرب اشرب أشرب وما برتويش. معدتي قلبت..جريت على الحمام وبصيت لنفسي في المراية..فتحت بُقي ومديت صباعي في حلقي وبصيت، يمكن الاقي أثر للي عملته لسه موجود في زوري..وطبعا مكانش في اي حاجة..ولا اثر للي عملته. ميلت على التواليت وفضلت أرجّع لحد ماكنت هاموت. كنت بدعي ربنا يسامحني. للأسف شوفت نفسي تاني وأنا واقفة في أوضته ماسكة الملاية في إيدي، وبمسح الي عليها وبلحسه من على صوابعي..ليه عملت كده؟ ليه؟!! ورجعت تاني..
مدام باركر جارتي سمعتني برجع وجت ساعدتني انضف نفسي. اما جه جوني لقاني تعبانة ضربني بالبوكس في عيني، وبحمد ربنا إنه ضربني علشان يصرف تفكيري للضربة بدل الجحيم الي كنت فيه.
شوفت جيفريز تاني يوم بالبيجاما في أوضته بيكتب، بعدها بقيت اتحاشى أشوفه قدر الإمكان لحد ما مات. لكن يومها قلت له إني هامشي وارجع انضف وقت تاني، لكنه طلب مني انضف وهو قاعد عادي. ماكونتش قادرة اشوفه، دخلت الحمام وبدأت أنضف وارتب واغير الفوط والصابون. خلصت الحمام وطلعت أوضة النوم، بصيت على السرير وتوقعت إنه يبصلي هو كمان، بيننا سر مشترك مرعب. غيرت الملايات وكان عليها بقع تاني من إياها..توقعت أحس بأي حاجة غريبة تجاهها، أو أكرر الي عملته تاني، بس مافيش اي حاجة حصلت.
سواء في سحر أو لا، الي في بطني إبن جوزي، وهو الرجل الوحيد الي لمسني في حياتي، والجنون الي عملته مش هايغير حاجة في الحقيقة دي.
شكرت ربنا إن كل حاجة كويسة، وإني كويسة..وقبل ما أكمل شكري لقيت نفسي بشيل كل الي على الملاية بصوابعي وببلعه..تاني..
كأني كنت براقب نفسي من بعيد، كنت بصرخ في نفسي: إيه يا مجونة الي بتعمليه ده! مجنونة وبتعملي كده تاني، وبتعملي كده وهو في الأوضة التانية جنبك؟! مش خايفة يشوفك؟ مش خايفة من الفضيحة وقطع العيش في المدينة كلها؟!
كل الي فضلت اقوله لنفسي ما فرقش خالص، ماسيبتش الملاية إلا أما خلصت الي كنت مجبرة أعمله. كنت حاسة إنه واقف على الباب، مش قادرة الف ومش قادرة اقف مكاني. لو لفيت ولقيته هاترجاه يسامحني ومايقولش لحد.
لفيت ومكانش واقف..ضميري بس كان بيلاعبني شوية. خرجت بره وبصيت لقيته لسه قاعد وضهر ليا وبيكتب. قام فجأة وفضل رايح جاي في الأوضة، يمشي كفه على شعره وعينيه سرحانة كأنه بيطارد فكرة معينة. كان شايفني متسمرة مكاني مش عايزة اعدي بالقرب منه، ومش شايفني في نفس الوقت. عادة مكانش بيتكلم معايا إلا بطلباته بسيطة، زي عايز مخدة، علي التكييف..لكنه المرة دي بص لي وقال لي:
- دماغي هاتنفجر!
- أجيب لحضرتك اسبيرين؟
- لا..لا مش صداع..فكرة..كأني كنت بصطاد بساريا وطلعلي قرش، فاهماني؟ انا بكتب روايات..عارفة؟
- ايوه يافندم عارفة حضرتك، وقريتلك روايتين عجبوني جدا.
بصلي كأني إتجننت وقال لي:
- عجبوكي فعلا؟ متشكر اوي لرأيك. بس أنا صحيت الصبح النهاردة وفي دماغي فكرة جديدة. كنت طالب فطار هناك أهو، وانا باكل جتلي الفكرة..ممكن تبقا قصة قصيرة...في مجلة كده....ولا يهمك..المهم وانا بفكر فيها حسيتها تدي رواية قصيرة، بدأت اكتب الأفكار بسرعة بس لا..دي احسن فكرة جتلي في حياتي! بصي..تفتكري ممكن اخين توأم ينتهوا بأن كل واحد بيحارب في جبهة ضد التاني في الحرب العالمية التانية؟
كنت لسه حاسة إني ورا لوح إزاز..في العادي كنت هابتسم ومش هارد، بس لقيت نفسي بديله رأيي عادي. قلت له:
- أيوه بس المهم المواجهة هاتبقا فين..أنهي بلدين؟
- طبعا طبعا مفهوم، لازم أفكر واختار كويس. ماتقلقيش.
قبل ما أرد عليه، بدأ يروح وييجي في الأوضة تاني بسرعة أكبر وبدأ يتسائل:
- طيب هل الفكرة نفسها ميلودرامية بزيادة؟ هاتكون مفتعلة؟ الناس هاتحبها؟
- يافندم كل الناس بتحب فكرة مواجهة الأأخين وهم مش عارفين حقيقة علاقتهم.
- طبعا بيحبوها! هاقولك حاجة تانية....
سكت فجأة وعلى وشه كان في تعبير غريب جدا، وفهمت التعبير ده فورا. كأن واحد دهن وشه صابون حلاقة وشغل الماكينة الكهربا علشان يحلق..هو أدرك أخيرا إنه بيتكلم مع خادمة غرف زنجية في الأوتيل. فجأة قال لي:
- بلغيهم تحت إني هامد إقامتي. شكرا. وطلعي عربية الفطار الزفتة دي بره وإنتي خارجة.
- تحب آجي بعدين أكمل تنضيف ال...
- أيوه ايوه ايوه..تعالي بعدين أعملي الي إنت عايزاه. المهم دلوقتي خليكي حلوة وخدي كل حاجة بره، وخدي نفسك كمان بره.
عملت الي قال عليه، زقيت عربية الفطار قدامي ومشيت. كان بياكل بيض وعصير وكان في البيض مشروم وكان فاضل منه شوية. بصيت له ومنظره نور حاجة في دماغي..افتكرت المشروم الي العرافة اديتهولي في العلبة الصغيرة. افتركته لأول مرة من ساعة ما حطيته في الرف البعيد. المشروم الي كان معايا شبه بواقي المشروم في طبق جيفريز..نفس النوع!
بلغت الإستقبال ان جيفريز هايمد غقامته، وجريت على المطبخ سألت زميلتي الطباخة هناك لو في اي حاجة غريبة حصلت في المطبخ النهاردة. قالت لي مافيش، بي واحد من الطباخين مجاش النهاردة، وجت ست سمرة عجوزة تسأل عليه..لبسها بسيط خالص، فستان كالح منقط وشال.
وصف الست دوخني، كان هايغمى عليا..
سألتها الست عملت إيه بعد ما سألت. قالت لي إنها اتمشت في المطبخ وقعدت تبص على صواني الأكل الي مجهزينه كأنها تايهة كده. طلبت منها توصفلي شكلها، قالت لي انها سمرا وحجمها صغير وفي جرح كبير من مناخيرها لجبهتها...وماقدرتش اسمع قالت إيه تاني لأني فقدت الوعي!
ودوني البيت، واما فوقت حسيت أني عايزة أشرب مية كتير تاني، بس ماحصلش أكتر من كده، وفضلت قاعدة جنب الشباك بحاول أهدي نفسي.
الي عملته فيا مش تنويم مغناطيسي، كان اكتر من كده بكتير..كان سحر..كان ورطة مع رجل برغم انه كريه بس مالوش ذنب في اي حاجة..اسيب الشغل؟مقدرش، هناكل منين..اطلب اغير الدور الي بخدم فيه؟ بس انا حامل وهاخد أجازة وهايبقا طلباتي كتير. بس أمي كان لها حكمة بتقول: الي ماتقدرش تعالجه استحمله.  فكرت ارجع للست دي اطلب منها تعكس مفعلو الي عملته، بس الست مش هاتسمع كلامي، كانت مقتنعة تماما إنها بتعمل لمصلحتي. عمضت عينيا ربع ساعة، واستوعبت فجأة أن ماما ديلورمي عايزاني افضل اعمل الي بعمله كل يوم، وده مش هايتوقف إلا لو غادر بيتر جيفريز الفندق. عشلشان كده اتسللت للمطبخ وحطتله المشروم وبشكل ما المشروم جابله فكرة خليته يفضل في الفندق اكتر!
فعلا فضل اسبوع كمان، كل يوم ادخل له الاقيه قاعد على المكتب بيكتب، وكل يوم بدخل الاقي نفس الي بلاقيه على الملاية..وكل يوم اقول مش هاعمل حاجة واعمل! المسألة مكانتش مسألة مقاومة رغبة، الموضوع كان ان الفكرة بتجيلي وفي ثانية بتتنفذ معرفش إزاي.
في يوم روحت الفندق لقيت جيفريز مشي خلاص. ماقولكيش كنت مبسوطة إزاي! كنت سعيدة ومرتاحة وجاي في بالي اروح اقول لجوني اني حامل وان ربنا هايهديه ويستقيم وكل حاجة هابقا زي الفل.
كل شيء إنتهي وملاياته كانت نضيفة زي ما اتعودت منه من سنين. كده خلاص هو حصل على روايته وانا حصلت على طفل ونقفل بقا باب السحر ده..مايهمنيش الأب الطبيعي والأاب الروحي وكل الكلام ده. جوني هايكون اب كويس وخلاص.
بليل قلت لجوني اني حامل، الفكرة ماعجبتهوش وفضل يضربني بعصاية المكنسة ووقف على بطني وقال لي:
- إنت مجنونة يا ست انتي؟ مافيش خلفة تاني!
ولف وخرج من البيت. فضلت متكومة مكاني على الأرض وافتكرت اجهاضي الاول، ماكونتش عايزة احس بالألم ده تاني، ياريتني كنت سمعت كلام امي واختي وسيبته ومشيت.
قولت لنفسي انا هاقوم والم هدومي وامشي  حالا. جمعت هدومي ولسه هاخرج من الباب افترك كلام ماما جيلورمي، إن جوني هو الي هايسبني مش انا الي هاسيبه.
وتاين حصل معايا زي ما حصل ف ياوضة جيفريز. لقيت نفسي بروح لدولاب جوني وبفتحه وبقلب في هدومه، لقيت مخدرات ومطاوي وبلاوي، بس كأني كنت بدور على حاجة معينة ولقيتها..مسدس محلي الصنع. اخدته جنب البوتوجاز. وبعدين مديت إيدي آخر رف وطلعت علبة المشروم.
طلعت الي فيها، ملمسها كان دافي وغريب كأنها حتة كبدة طازة لسه فيها الروح. مسكت المسدس بإيد اليمين والمشروم في الشمال وطبقت عليها إيها لحد ما اتهرست خالص . صوت هرسها كان زي صوت الصرخة..ايه الي خلاني اعمل ده؟ بجد معرفش..نفس الي خلاني اعمل الي عملته قبل كده.
طبعا مش مصدقة، ولا انا..ماصدقتش وانا ببص على إيدي وهي غرقانة من دم المشروم! ولقيتني بنقط من الدم ده على المسدس لكن الدم كان بيختفي اول ما يلمسه. ثواني وفتحت إيدي مالقتش ألا حتة مضروم مهروسة، مافيش دم ابدا.
أنا مسحورة!
سمعت جوني طالع على السلم، اخدت المسدس وجريت على أوضة النوم رجعت المسدس جيب جوني تاني ودخلت السرير بهدومي واتغطيت. اما دخل كان شكله ناوي على شر وماسك في إيده منفضة سجاد معرفش جابها منين ولا هايعمل بيها إيه. قال لي:
- مش هايكون في عيال هنا..
قومت من السرير ورديت عليه:
- لا مش هايكون في عيال هنا، ومش هاتلمسه ولا هاتشوفه، وارمي البتاعة الي في إيدك دي. إنت مش رجل ولا عمرك هاتسترجل.
طبعا كان مقامرة اني اشتمه، بس كنت محتاجة أخليه يصدقني بدل مايضربني وخلاص. ابتسم إبتسامة واسعة وماكرهتوش في حياتي قد ما كرهته في اللحظة دي.
- سقطتي؟
- سقطت.
- هو فين؟
- في المجاري هايكون فين؟ هاحنطهولك؟
قرب مني وحاول يبوسني..يبوسني متخيلة!! وديت وشي الناحية التانية. قال لي:
- بكرة تعرفي إن عندي حق، قدام هاييجي وقت الخلفة والعيال مش دلوقتي.
خرج تاني، بعدها بليلتين حاول هو صحابة يسرقوا محل الخمور والمسدس إنفجر في وشه وقتله..المسدس الي كان عليه دم المشروم..
قالت دارسي في ذهول:
- تفتكري انت سحرتي المسدس؟؟
- لا..هي الي سحرته عن طريقي. هي شافت اني مش هاقدر اساعد نفسي فأجبرتني اساعد نفسي بالعافية.
- بس إنت مصدقة فعلا ان المسدس مسحور!
- دي نهاية القصة..جوني مات، وانا خلفت بيتر..
- بس كده؟!
- لا..في كمان حاجتين..صغيرين. رجعت لماما ديلورمي بعد اربع شهور من ولادة بيتر. ماكونتش عايزة اروح بس روحت، وكان معايا ظرف فيه عشرين دولار..ده حقها..السلم لبيتها كان ضيق ومظلم اكتر من المرة الي فاتت..كل ما كنت اطلع كل ما كنت اشم ريحتها أكتر..قرفة وشمع وورق حائط قديم..
خبطت على الباب بس محدش فتح. وطيت وحطيت الظرف من تحت الباب وسمعت صوتها، كأنها بتتكلم من تحت عقب الباب! اتفزعت ورجعت لورا..كأني سامعة صوتها من تحت الأرض، من قبر..
- هايبقا ولد ممتاز..زي ابوه..زي ابوه الطبيعي..
قلت لها بصوت مهزوز:
- انا جبت لك حاجة....
سمعتها بتسحب الظرف وبتفتحه. قال لي:
- كفاية اوي..امشي من هنا يا حبيبتي وماترجعيش لماما ديلورمي تاني أبدا..سامعة؟؟
نزلت السلم بأسرع ما يمكن..

قامت مارثا لمكتبتها وطلعت كتاب، دراسي استغربت من التشابه بين غلافه وبين غلاف كتاب ابن مارثا. الكتاب كان إسنه بريق الجنة، لبيتر جيفريز. طلعت مارثا كتاب ابنها من شنطتها وحطته جنبه. نقط التشابه كانت أكبر من إنها تتعد.
- ده يا دارسي تاني حاجة كنت عايزة أوريهالك.
- والقصة؟ سبهها؟
- قصدك إن إبني قلد الرواية الخايبة دي؟ لا طبعا..هم الإتين يبس عن الحرب..لكن الإختلاف بين كان زي..زي الإختلاف بين الأبيض والأسود. لكن بيتر إبني وجيفريز كان عندهم نفس البريق، نفس الإلهام السماوي الي ربنا بيديه لناس معينة بدون سبب.
- بس ممكن يكون إبنك متأثر ببيتر جيفرسون برضو، يكون قراله ولا حاجة..
- غالبا بيتر قرا روايات جيفريز، بس الإختلاف في أسلوبهم ماعليهوش خلاف. بعد صدور رواية جيفريز مباشرة إشتريتها وجمعت شجاعتي ورحت حفلة التوقيع وطلبت منه يمضيهالي..بصي..
فتحت مارثا الكتاب، وشات دارسي الإهداء المطبوع الي كتبه بيتر جيفريز لأمه:إلى أمي، آلثيا ديكسمونت جيفريز، أفضل إمرأة عرفتها في حياتي.
وتحت الأإهداء المطبوع بخط إيد جيفريز مكتوب:
إلى مارثا روزويل، التي تنظف حماقاتي ولا تشتكي.
بيتر جيفريز 1961
الإهداء نفسه مكانش المشكلة، فضلت تبص دارسي على الإهداء وتقارن بين الكتابين، نفس نوع القلم ونفس الخط..
نفس فورمة التوقيع..
وبرغم كل التشابه ده، دارسي كانت شايفة الإختلاف بينهم، زي الإختلاف بين الأبيض..والأاسود.

تمت



بصت مارثا ناحية شباك شقتها نظرة غريبة، نظرة باردة

Comments

Popular posts from this blog

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي

الحلقة ‏العاشرة- ‏في ‏مكان ‏مظلم

المنزل ‏في ‏شارع ‏ميبل- ‏ستيفن ‏كينج