رفقة ‏الساعة ‏العاشرة- ‏ستيفن ‏كينج

رفقة الساعة العاشرة
ستيفن كينج
1
حاول بيرسون يصرخ لكن الذعر مسح صوته، وماصدرش منه إلا صوت مكتوم ضعيف زي صوت واحد بيحلم. أخد نفس عميق وحاول يصرخ تاني، بس قبل ما يبدأ حس بإيد بتمسك دراعه من فوق الكوع، وبتشده برفق وحزم.
- أكبر غلطة إنك تصرخ. 
الصوت المصاحب لليد القابضة على دراع بيرسون كان يادوب فوق الهمس، وصاحب الصوت كان بيتكلم في أذن بيرسون:
- غلطة كبيرة صدقني..
بص بيرسون حواليه، الشيء الي خلاه عايز يصرخ –خلاه محتاج يصرخ- دخل جوه البنك وإختفى عن نظره.
أدرك بيرسون إن الرجل الي ماسكه هو شاب أسمر وسيم لابس بدلة سكري، وبيرسون مكانش عارفه بشكل شخصي بس شافه كتير قبل كده، وعرفه زي ما بيعرف كل رفقة الساعة عشرة، وزي ما كلهم بيعرفوه.
الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري كان بيبصله بإهتمام وقلق، سأله بيرسون:
- إنت شوفته؟!
صوت بيرسون كان عالي زيادة عن اللازم نتيجة ذعره، وده مكانش شيء معتاد لأنه كان رجل ثابت متعقل.
الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري ساب دراع بيرسون بعد ما إتطمن إنه خلاص مش هايصرخ ويلم الميدان المزدحم بالموظفين عيلهم. كانوا واقفين قدام البنك الي بيشتغلوا فيه في بوسطون. مسك بيرسون إيد الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري تاني، وكأنه مش هايقدر يعيش من غير ما يمسك فيه، فالشاب بص لإيده ورجع بص في وش بيرسون تاني.
- شوفته؟! شيء مريع! كأنه حاطط مكياج أو لابس ماسك من بتوع الهالوين..

لكن الي شافه بيرسون مكانش قناع ولا مكياج، الشيء الي كان لابس بذلة فاخرة وجزمة بخمسيت دولار وعدى بالقرب منه للحد الي كان ممكن يلمسوا فيه بعض، كان حقيقي. الجلد الي كان بيكسوا وش الشيء ده كان بيتحرك وكأن تحته فقاقيع لسائل بيغلي.
الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري قال لبيرسون في رفق:
- يا صديقي، إنت محتاج..
- كان إيه ده؟! عمري ماشوفت حاجة كده في حياتي! زي مايكون فيلم سينما ولا..ولا..
حس بيرسون بدوخه والأرض مالت بيه وماقدرش يجمع أفكاره.
- إسمع يا صديقي..
من دقايق أما بيرسون خرج من البنك وفي إيده سيجارة مارلبورو، وكان الجو مغيم والسحاب كتير، لكنه شايف كل حاجة دلوقتي منورة أوي والأوان ناصعة بزيادة.
كان في شابة شقرا في إيدها سيجارة واقفة بتدخن قريب، ولابسة جيبة حمرا ضيقة، لون الجيبة كان زي كرة النار. لون القميص الي لابسه صبي توصيل الطلبان كان بيلسع عينيه زي الدبابير، وشوش الناس الوانها زي الوان الشخصيات في كتب الأطفال.
شفايفه نملت كأنه واخد جرعة مهديء زيادة، التفت للشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري وقال:
- أنا هايغمى عليا!
- لا مش هايغمى عليك. 
كان كلام الشاب واثق جدا وصدق بيرسون إنه مش هايغمى عليه ولا حاجة. الشاب مسكه تاني من فوق كوعه وجره ناحية كرسي.
- تعالى أقعد هنا.
الكراسي المتناثرة في الميدان كانت مرصوصة على هيئة حلقات حوالين مجموعات من الأزهار الملونة. وعلى الكراسي كان في ناس كتير بتتكلم مع بعض، وناس بتدخن أو بتاكل فطار متأخر، بإختصار بيمارسوا كل الي بيمارسه أي من رفقة الساعة عشرة.
الساعة عدت عشرة وعشرة، والموظفين إبتدوا يرجعوا. الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري قال لبيسرون:
- أقعد..
بيرسون ما قعدش، هو وقع حرفيا على مؤخرته على الكرسي جنب الأزهار. كمل الشاب كلامه وقال له:
- ميل على الورد بقا وإعمل نفسك بتشمه.
- ليه؟
- ماهو لا زم توطي شوية علشان ترجع الدم لدماغك وتفوق، بس مش لازم يبان إنك بتوطي علشان دايخ، فإعمل نفسك بتسم الورد!
- مش لازم يبان لمين إني دايخ؟؟
- أعمل الي بقولك عليه، أوكاي؟
الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري كان نافذ الصبر، فإضطر بيرسون إنه يسمع الكلام ويشم الورد الي مكانش له أي ريحة، بل وبعضه كان ريحته بول كلاب.
شوية وبدأ بيرسون يفوق، وقال له رفيقه غريب الأطوار:
- شكلك إتحسن..سيجارة؟
- شكرا..كان في إيدي سيجارة بس وقعت مني معرفش راحت فين.
بيرسون مكانش عايز سيجارة، كان محتاج سيجارة. سأل بيرسون عن إسم الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري فجاوبه:
- ددلي راينمان..بيقولولي دوك..
هز بيرسون راسه لدوك وبص ناحية الباب الدوار بتاع البنك ورجع بصل لرفيقه وسأله:
- دي مش هلوسة صح؟ إنت شوفت الي أنا شوفته؟
أومأ دوك براسه (أيوه)
- وإنت مش عايزه يعرف إني شوفته صح؟
أومأ دوك براسه (أيوه)
- طيب تجي ازاي إنه يعدي من قدامي وما أشوفهوش؟ يعني..إزاي هو متوقع إني ماشوفهوش!
- إنت شوفت حد من اللي في الميدان حواليا بان عليه إنه شاف حاجة غريبة؟ حتى أنا؟
حس بيرسون بالضياع، فعلا مابانش على حد إنه شافه، حتى دوك. كمل دوك كلامه:
- أنا حاولت أقف بينكم وأعتقد إنه ماشافش رد فعلك. إنت في قسم القروض؟
- ايوه..إسمي براندون بيرسون.
- أنا في قسم خدمات الكومبيوتر في البنك. ماتقلقش، رد فعلك طبيعي بالنسبة لأول باتمان تشوفه.
مد دوك إيده علشان يسلم على بيرسون، جه في بال بيرسون خاطر غريب..
((هو قال: رد فعلك طبيعي بالنسبة لأول باتمان تشوفه؟ والله شعور كويس إنه شيء مرعب زي ده يبقاله إسمه..الإسم ما بعدش الرعب طبعا، بس سيطر عليه كتير.نقله من خانة الوحش الغامض لخانة رجل وطواط، باتمان!))
لإفتكر بيرسون إن يومه كان عادي ومتوقع قبل ما يشوف باتمان، خرج الساعة عشرة من الباب الدوار للبنك وهو ماسك سيجارة واحدة في إيده، الجو كان مغيم..بص حواليه وحس بالأمان لوجوده وسط رفقة الساعة عشرة. شاف الشابة ام جيبة حمرا، وشاف عامل النظافة الي بيلبس الكاسكيت بالمقلوب دايما، والرجل العجوز ابو خدود بمبي وشعر ابيض منكوش، والست الي لابسة نضارة سميكة وشعرها طويل وأسود، وطبعا شاف الشاب الأسمر الوسيم أبو بدلة سكري..كلهم كانت وجوه مألوفة حتى لو مكانش يعرفهم بشكل شخصي.
مشي بيرسون ناحية المكان الي بيحب يقعد فيه وهو مركز على الجيبة الحمرا، هو طبعا كان متجوز وعمره ما خام مراته، بس الواحد مايقدرش مايفكرش في الجيبه والي تحتها أثناء تدخين سيجارته.
كان مشغل في خواطره أما لمح حد جاي، وبدأ يلفت نظره الشخص ده. كان لابس جزمة شيك جدا، وبدلة غالية وماركة، الكرافات كان لونها متوقع وعادي، بس تمام يعني حلوة..القميص كان ابيض وناصع ومكوي بعناية، لحد ما وصل لرأس الشخص الي بيقرب من البنك ده، وأدرك إنه بيبص لكائن مش موجود في معجم الكائنات الحية الأرضية.
(( ليه ماحدش خاف وجري؟ المفروض يجروا زي الأفلام كده ويصرخوا..بس انا خوفت وماجريتش!))
هو فعلا ما جريش لأنه كان متجمد مكانه، حاول يصرخ لكن صوته كان رايح، بعدها منعه ملاكه الحارس من المحاولة وإلا الله أعلم كان إيه هايحصل له.
بدأ المطر يتساقط، وسحب دوك آخر نفس في سيجارته، ووقف وقال لبيرسون:
- هاتمطر..ياللا نرجع البنك.
- نرجع فين؟ إنت بتتكلم بجد؟ الشيء ده دخل البنك!
- ما أنا عارف.
- أقولك حاجة متخلفة بس ما تضحكش؟ الشيء ده شبه رئيس مجلس إدارة البنك دوجلاس كيفر. نفس لذوق في اللبس والطول والوزن.
- إيه ده؟ أنا ليه ما إفاجئتش!
- مش فاهم؟
- الرجل مش شبه كيفر..الرجل هو نفسه دوجلاس كيفر..صباح الفل!
ضحك بيرسون على اساس إن دوك بيهزر، بس دوك ماضحكش. 
- أنا أنقذت حياتك يا سيد بيرسون، فممكن تسمع مني الكلمتين دول وتثق فيهم؟ أولا، الرجل الي شوفته هو دوجلاس كيفر بتاعنا، الي في البنك..وهو صديق مقري لعمدة المدينة، وبالصدفة هو الرئيس الشرفي لصندوق دعم مستشفى أطفال بوسطون. ثانيا، في تلات وطاويط تانيين في البنك على الأأقل. واحد منهم في الدور الي إنت شغال فيه. ثالثا، إنت هاترجع معايا البنك دلوقتي لو عايز تعيش وتاكل عيش وتربي عيالك.
دوك مسك بيرسون المحتار الي مش عارف يرد يقول إيه، وسحبه ناحية الباب الدوار وهو بيكمل كلامه:
- تعالى يا صديقي..الجو قلب وهانغرق كده بره. لو طولت في القعدة هاتلفت النظر لك، والناس الي زينا ميانفعش يتصرفوا بالطريقة دي.
مشي بيرسون مع دوك وهو لسه بيفكر في عيون الشيء ده السودا، وفمه الي عامل زي الجرح العريض الملوي..لحد ما وصل قدام باب البنك ووقف.
- مش قادر أدخل!
- لا هاتقدر..إنت متجوز؟ معاك أولاد؟
- أيوه..وعندي بنت.
- تحب مراتك وبنتك يقروا خبر في الجرايد بكره عن بابا الي لقوه مدبوح ومتقطع ومرمي في المصرف؟
بص بيرسون لدوك في رعب، المطر كان نازل على وشه الأسمر بيلمع زي الماس. 
- مش مصدق؟ بيعرفوا كويس قوي يقتلوا ويبينوها جريمة عادية عملها متسول ولا قاطع طريق. كل صحابهم في مراكز حساسة وإنت عارف الصداقات من النوع ده ممكن تعمل إيه.
- مش فاهمك..مش فاهم اي حاجة!
- معلش..الوقت ده خطر عليك، علشان كده إسمع الي بقولك عليه، وأنا بقولك ترجع مكتبك عادي علشان ما تتأخرش، وتشتغل عادي وإنت مبتسم وجميل. مهما تشوف يا صديقي خليك مبتسم..لو أعاصبك سابت لحظة يبقا نشوفك في الآخرة بقا..خلص شغلك ونتقابل في البار الي جنب الشغل الساعة تلاتة، وهافهمك كل حاجة.
_____________________________

بعد ساعات من الشغل، شاف بيرسون رجل وطواط تاني، بس المرة دي للدقة كانت وطواطة! كانت لابسة كعب عالي شيك وبنطلون إسود وجاكيت ماركة..لبس يدل على القوة والسيطرة والجمال، لحد ما توصل لراسها..
وشها كان زي قلب دوار الشمس، خشن ومحبب من غير ملامح..صدر منها صوت أنثوي مغري وهي بتقرب عليه هو وزمايله:
- إزيكم يا شباب..
وهي بتتكلم كان وشها كله بيتموج، والكلام بيطلع من منتصف قلب دوار الشمس..
((الست دي سوزان هولدينج..ده صوتها و جسمها..))
أرغم نفسه يرد عليها وهو مبتسم:
- أهلا عزيزتي سوزان..
(( لو قربت مني ..لو حاولت تلمسني، هارقع بالصوت والي يحصل يحصل))
- مالك يا براند..وشك مخطوف.
- لا بس هو دور البرد الي ماشي اليومين دول..بس انا تمام..قربت أخف..
- جميل..مافيش بوس بقا لحد ما تخف خالص يا روحي! أحسن أبعد عنك، مش هاينفع اعيا دلوقتي خالص، العملاء بتوع اليابان جايين الأربع..
(( احسن يا حبيبتي.. والله احسن، البعد عنك غنيمة يا روحي..))
- هاحاول ابعد عنك، بس المهم قلبي يطاوعني.
ضحكت لمزحته والتفتت للموظف الي جنبه وطلبت منه ييجي مكتبها علشان يراجعوا بعض الأوراق. قام الموظف ولف دراعه حوالين وسطها وباسها في خدها..
(( يا عم..ده مش خدها!!! يا ربي!!!))
بص الموظف لبيرسون وغمزله، بيرسون حاول يبعد عن باله تخيلاته للي ممكن يحصل لو الموظف زودها شوية، ومعدته قلبت لمجرد تخيل القبلات مش أكتر.
غرق بيرسون في العرق، وبص على الساعة وفضل يحسب فاضل كم دقيقة على ميعاد دوك. فكر يشرب سيجارة في أي مكان مخفي، لكنه خلاص شرب سيجارة النهاردة، وماينفعش يزود عنها.
______________________ 
دوك كان واقف مستني بيرسون الساعة 3 عند ناصية البنك وهو بيشرب سيجارة، جري بيرسون عليه وقال له:
- رئيستي منهم! لازم تكون هي، مش معقول يكون دوكلاس كيفر بيلبس كعب عالي يعني! إنت قولت في تلاتة غير كيفر..من الإثنين التانيين؟
- دونالد فاين، غالبا ماتعرفوش، شغال في الأمن، وكارل جروسبيك.
- كارل؟! مدير البنك؟
- انا قولت لك، كلهم في مناصب مهمة ولسه هايترقوا أكتر..تاكسي!
ركب الرجلين التاكسي ووصف دوك البار للسائق.
 - عارف بار جالاجر فين، بس معلش تطفي السيجارة.
رمى دوك سيجارته وهو بيبص لبيرسون في إيماءة بيفهمها المدخنين من رفقة الساعة عشرة.. كده ضاعت عليه سيجارة الساعة 3!
في الطريق، كان مجموعات من رفقاء الساعة عشرة واقفين قدام كل مبنى إداري في المدينة، تحت المظلات ماسكين سجايرهم علشان ماتروحش عليهم.
رفقة الساعة العاشرة مكانوش غرابء، كانوا من سلالات أقدم مسحت الحياة الأمريكية الجديدة عاداتهم أو حرمتها بإسم الصحة. كانوا بيحاولوا يقلعوا عن التدخين تماما، وبعد فترة بينتكسوا مرة وإتنين وتلاتة، ومكانش بيبقا قدامهم حل غير تقنين التدخين. سيجارة الساعة عشرة، سيجارة بعد الشغل الساعة تلاتة، وسيجارة قبل النوم. رقص على السلالم من نوع خاص، لكن وجودهم مش هايستمر، فبحلول سنة 2050 مثلا هايكونوا إنقرضوا زي ما إنقرض طائر الدودو الي أكيد برضو كان بيرقص على السلالم بشكل أو بآخر.
بيرسون كان بتخطر في باله كل الأفكار دي، فإبتسم. سأله دوك:
- بتضحك على إيه يا سيد بيرسون؟
- ابدا..ممكن تقول لي براندون عادي، مابقتش غريب.
- اكيد..طالما هاتقول لي دوك، وطالما ألامور مش هاتتدهور بيننا لبيبي و دودو!
- ما تقلقش، أمان! عارف..ده أغرب يوم في حياتي.
- هو لسه اليوم خلص؟ لسه بدري..
____________________________________
2
حانة جالاجار كانت إختيار موفق بالنسبة لبيرسون، وتصلح تماما لمناقشة بين اتنين شغالين في بنك حوالين سلامة صحتهم العقلية.
البار كان أطول بار ممكن حد يشوفه بره شاشات السينما، وكان لافف حوالين مسرح للرقص. طول البار كان كافي للخصوصية، ومكانوشمضطرين للجلوس في كابينه خاص تخليهم يقلقوا من وجود باتمان بيتصن عليهم في كابينه مجاوره.
بيرسون كان ممتن لقدرته على الرؤية حواليه في كل الإتجاهات وهم بيتكلموا، ودوك تحديدا بيتكلم هو هايسمع بس.
قاده دوك للمكن المخصص لمدخنين، وهو مكان منبوذ على البار معلقين فوقه تليفزيون أي كلام، بينما الشاشة العملاقة مخصصة لمشاهدة غير المدخنين وهم القسم الأكبر من رواد البار.
((مرحبا بك في مؤخرة الأوتوبيس.. خلال عشر سنين مش هايسمحوا للمدخنين يدخلوا المكان أصلا))
خرج دوك علبة السجاير وطلع واحدة ومد إيده بالعلبة لبيرسون الي بص في ساعته، مسموحله بسيجارة أكيد لأنه ماشربش سيجارة الساعة 3 بتاعته.
- بتغش يا دوك! إنت مش شربت سيجارة الساعة تلاتة بتاعتك؟
- ما أنا رميت تلات أرباعها من التاكسي..أعوضها بقا!
جه الساقي وتفادي سحابة الدخان الصغيرة المتصاعدة من سيجارة بيرسون، فكر يضايقه أكتر وينفخ الدخان في وشه علشان يبطل يعالم المدخنين بتعالي كده، بس قال الطيب أحسن. 
طلبوا بيرة، لأن القعدة هاتطول ومش المفروض يسكروا. شرب دوك البيرة وسأله بيرسون:
- بتستعمل إيه للتبطيل؟ لاصقة نيكوتين؟ تنويم مغناطيسي؟ قوة الإرادة الأمريكية؟ من شكلك كده اعتقد إنك بتستخدم اللاصقة.
- صح. بقالي سنتين من بعد ولادة بنتي. اول ما شوفتها قررت أبطل تدخين فورا. الموضوع كان صعب، كنت بدخن خمسين سيجارة في اليوم..بس بنتي تستاهل معركة زي دي.
- ومراتك طبعا تستاهل..
- ومراتي طبعا.
- وولاد خالتك ونسايبك وجامعو الضرائب وأصدقاء البرنامج!
ضحك بيرسون للدعابة، فعلا الكل بيكره التدخين وبيتدهلوا في حياة المدخن بكل أريحية. سأله دوك:
- بس إنت بطلت خاص فترة، صح؟
- بطلت ست شهور، بس عقلي عمره ما بطل..فاهمني؟ شوية شوية بدأت أرجع ولقيت إن مافيش حاجة إسمها تبطل خالص. فرجعت تاني بس أخف بكتير.
فضل الحديث عن التدخين فترة، وقبل ما يطلع دوك علبة سجيره تاني، لقا بيرسون مادد إيده له بعلبة مارلبورو حمراء. بص الإثنين لبعض ثواني وإنفجروا في الضحك..الرجلين بقوا أصدقاء في عالم " الإقلاع عن الإقلاع عن التدخين"!
إتكلموا عن رحلة دوك مع التديخن ومع الإقلاع عنه وعن الإقلاع عن الإقلاع التام. بعدها إتغيرت ملامح دوك للجدية ومال على بيرسون وقال له:
- مش عايزين الوقت يسرقنا وينسينا كنا جايين نتكلم عن إيه..هاعمل مكالمة في تليفون البار وأرجعلك..دقايق مش هاتأخر.
إختفى دوك في ظلام كبائن التليفون، وبص بيرسون للتليفزيون المتعلق فوقه، كانت نشر الأخبار شغالة وفيها بيعلن المذيع عن خطبة نائب الرئيس الأمريكي   في مناسبة ما عن التعليم.
إنتقلت الصورة لتسجيل للخطبة، وملت الشاشة صورة مقربة لنائب لرئيس وهو بيتكلم، ومسك بيرسون البار بإيديه الإثنين في ذعر! 
(( لهم أصدقاء في مناصب عُليا حساسة....))
كلام دوك الصبح رن في ودانه وهو بيبص على وش الوطواط المشوه الواقف ورا المايكروفون. يد إتحطت على كتف بيرسون، فعض شفايفه علشان ما يصرخش، وبص وراه لقاه دوك!
دوك كان واضح إنه متحمس جدا لسبب ما. قال بيرسون لدوك:
- إياك تعمل العملة جي تاني! قلبي كان هايقف!
إستغرب دوك من رد فعل بيرسون، لكنه فهم بسرعة أما عينه جت على الشاشة وشاف نائب الرئيس.
- آسف يا براندون، دايما بنسى إنك دخلت فيلمنا ده في نُصه.
- هو الريس كمان.....؟؟
- لا لا..لسه..
- قصدك إيه ب(لسه)؟إيه الي بيحصل يا دوك؟ هم عبارة عن إيه وجم منين؟ عايزين إيه بالضبط؟
- هاقولك كل حاجة أعرفها، بس المهم عايز أعرف لو تقدر تيجي معايا إجتماع صغير كده الساعة ستة؟ مش لازم طبعا براحتك لو في مانع.
- إجتماع عن..عنهم؟
- أكيد.
- موافق..بس هاكلم مراتي أقولها.
- ماتقولش أي حاجة عن..فاهم طبعا.
- لا طبعا، هاطلعلها بأي حجة.
- أهم حاجة تبعد مراتك عن أي صلة بالوطاويط. خلينا نبدأ الكلام المهم..ونبدا تحديدا بعادات تدخينك. إنت بطلت تدخين، بعيدن بدأت ترجع، بس كنت ذكي كفاية إنك تعمل لنفسك عدد محدد من السجاير لا تتجاوزها في اليوم الواحد علشان الدنيا ماتفتحش معاك وترجع للتدخين تاني، صح؟
- ايوه، بس مش شايف...
- هاتشوف..إصبر بس..بكده إنت عقد إتفاق مع التدخين، لا تقدر تبطله ولا تقدر ترجع مدخن شَرِه زي الأاول.
بص له بيرسون مستغرب من معرفة دوك بعلاقته بالتدخين، لكنه إتفتكر إنهم الإثنين من رفقة الساعة عشرة وكلهم مروا بنفس الأطوار، وأخيرا سمح لنفسه إنه يشارك دوك مصطلح رفقة الساعة عشرة . كمل دوك كلامه:
- رفقة الساعة عشرة! حلو الإسم ده، حلو إنك تنتمي لمجموعة لها إسم..عارف.....
سكت دوك وهو بيبص من الشباك ورا بيرسون وبيتابع الي بيحصل.كان في شرطي ماشي ورا شابة وهي وقفت تكلمه بطريقة مغرية وتضحكله في إغراء وهي مش واعية لإنها بتبص لعينين سوداء تماما ووش مرعب مُشعر.
مال دوك على بيرسون وقال له:
- بس وراك بس من غير ما تلفت النظر..الموضوع بقا شائع أوي وعددهم بيكتر. أيا كان الكائنات دي عبارة عن إيه، فإحنا – رفقة الساعة عشرة- المقلعين عن الإقلاع عن التدخين، الوحيدين الي بنقدر نشوفهم. يمكن ده له علاقة بكيماء المخ، او نسبة النيكوتين..أو..أو.. محدش قدر يلاقي تفسير لحد دلوقتي.
______________________________
بعد ما كلم بيرسون مراته وقال لها إنه هايتأخر شوية، خرج الساعة خمسة ونصف من الحانة مع دوك، ومشيوا في الشوارع الي بدأت تفضى. قال له دوك:
- مجرد ما تتعود على رؤيتهم، هاتلاقي نفسك ما بتتخضش أوي..بيبقوا جزء من حياتك. مجرد ما كيميا مخك تتوزن عند مستوى معين بتبدأ تشوفهم، ومن ساعتها مش هاتقدر ماتشوفهومش..بس إنت عارف كم واحد شافهم ومات فورا بأزمة قلبية؟ أول مرة شوف فيها باتمان، كنت راكب القطر وراجع البيت. القطر كان لسه طالع من المحطة بطيء، وشوفته من الشباك..ستر ربنا إني كنت راكب قطر لأني صرخت، بس القطر أخد صراخي معاه وبِعد..
- وبعدين؟
- أبدا..أهلا بك في المدينة.. الناس إفتكرتني مجنون ولا شارب حاجة. كان في واحد بنمش في وشه مسكني من كوعي زي ما مسكتك أنا الصبح، إسمه روبي ديلراي، هانقابله النهاردة في كيت.
- إيه كيت ده؟
- مكتبة في كامبريدج بيتبيع كتب الخوارق والجريمة والرعب. بنتجمع هناك كل أسبوع أو اتنين. مكان ظريف. المهم روبي مسك كوعي يومها وقال لي: إنت مش مجنون، انا كمان شايفه..هو حقيقي، باتمان!
- والله مبسوط إنك كنت موجود الصبح معايا..من حظي السعيد.
- من حظك طبعا..لو الوطاويط أخدوا بالهم إن حد شافهم، الحد ده بيلموا جثته في صندوق بالملقاط..فاهمني؟
هز بيرسون راسه (ايوه). 
- وكل ضحاياهم كانوا زيي وزيك، ناس بتحاول تبطل تدخين وإنتكست وحددت لنفسها عدد قليل كل يوم وخلاص. طبعا التشابه ده بين الضحايا عدى على الشرطة، محدش ممكن يلاحظه إلا إللي بيدور عليه.
- طيب ليه بيقتلونا؟! قصدي إنواحد ماشي يقول إن رئيسي في الشغل طلع باتمان، من هايصدقه؟محدش هايبعت شرطة تحقق يعني.
- إنت شوفتهم..خليك واقعي..كان ممكن مايتشافوش.
- قصدك إنهم قاصدين يظهروا لناس معينة؟
- بالضبط..هم زي الذئاب يا براندون، ذئاب خفية طايحة وسط الخرفان..الذئاب بتعوز إيه من الخرفان؟
- نعم؟ قصدك إنهم بياكلونا؟!
- بياكلوا بعض أجزاء منا. دي الي قالهولي روبي ديلراي، وده الي بنؤمن به كلنا.
- من (كلنا) يا دوك؟
- الناس الي إحنا رايحينلهم دلوقتي. مش كلنا هانكون هناك، بس هاتقابل أغلبنا..في حاجة مهمة هاتحصل. خلينا نركب تاكسي وكفاية مشي.
بيرسون كان حاسس إنه في قصة خيالية، وكان حابب الإحساس ده جدا. الأضواء في الشارع كان شكلها مختلف، كلام دوك وشخصيته زي شخصيات الأفلام.
(( العميل إكس جايبلنا معلومات كويسة من قاعدتنا تحت الأرض، لقينا سم الوطاويط!))
- الحماس بيتطفي يا براندون، صدقني..
بص براندون بيرسون لدوك، الرجل ده إما إنه مر بكل الي مر بيه هو مفسه خطوة خطوة علشان كده عارف دايما بيفرك في إيه، ,غما إنه بيقرا الأافكار. كمل دوك كلامه:
- في المرة الي هايطلعوا صديقك من الميناء جثة هامدة مقطعة، الحماس هايتطفي، وهاترعف إننا مش قصة مغامرات والبطل مش هاييجي ينفذك على آخر وقت. الكائنات دي بتاكل مادة أو مركب كيميائي أمخاخنا بتفرزه، يمكن إنزيم معين، يمكن موجة كهربية..محدش عارف، لكنها نفس الشيء الي بيسمحلنا نشوفهم..الكائنات دي عاملة زي الفلاح الي بيتمشى وسط الزرع ويختار الطماطم المستوية بس.
- بقولك يا دوك، أنا مش مقتنع بموضوع الطماطم والإنزيمات ده، الكائمنات دي بتمتص أرواحنا.
- فعلا؟ إنت مصدق الكلام الفاضي ده؟
ضحك بيرسون أما أدرك سخافة وغرابة الي بيتناقشوا فيه وقال:
- مش عارف يا صاحبي، الكائنات دي ظهرت في حياتي في الوقت الي قررت فيه أتخلى عن إيماني بوجود إله وملايكة وجنة. دلوقتي رجعت أتلخبط تاني..
- مش مهم تفسير وجودهم دلوقتي، الي محتاج تعرفه إنهم خايفين مننا ومن تجمعنا وعندهم الف سبب يحاولوا يقتلونا. همفعلا بيكروهنا يا براندون..مرة إصطدنا واحد فيهم، وكأننا كنا بنحاول نحبس إعصار جوه إزازة!..كنا....
- إصطادتوا واحد؟!
- أيوه..كنا حولي 12 واحد، أنا وصديقي روبي ديلراي كنا معاهم. إستدرجناه لمرزعة مهجورة وأطلقنا عليه طلقة مخدرة من بتاعة الحيوانات دي. ربطناه في سلاسل وكلابشات وحاولنا نستجوبه علشان نعرف على الأاقل إجابة كل الأاسئلة الي خطرت على بالك دي. كتفناه بحبال كمان لحد ما بقا عامل زي المومياء. عارف أكتر حاجة فاركها من اليوم ده إيه؟ لحظة أما فاق من التخدير. مكانش في مرحلة وسط، كان نايم، فجأة صحي بكل طاقته ووحشيته. بصلنا بعينيه السوداء المرعبة ومانطقش..كان مدرك إننا مش هانسيبه يخرج من هنا حي، لكه مكانش خايف..نظرته كانت كلها كراهية.
- وبعدين؟!
- قطع القيود الحديد كأنه ورق مناديل، الكلابشات في رجليه كانت أقوى شوية ومسكته مكانه. بدأ يقطع الحبال بأسنانه ..شوفت أسنانه عاملة إزاي؟! وقنا كلنا مكاننا مذهولين، حتى روبي كان خايف..أو يمكن منوم مغناطيسيا..صديقنا ليستر أولسون الوحيد الي قد يطلع من حالة الذهول دي لأنه كان بره بيراقب المكان، ودخل متأخر وشاف الي بيحصل..أطلق عليه الرصاص ..طاخ طاخ طاخ..قتله!
-ببساطة كده؟ طاخ طاخ طاخ؟؟
فضل صوت الطلقات يتردد في عقل بيرسون، واسترجع يم ما شاف الوطواط قدام البنك، وخطر في باله إنهم مش وطاويط، دول ناس عاديين ورفقة الساعة عشرة هم الي مجانين وبيهلوسوا. ممكن خلال فترة توازن النيكوتين في دمهم حصل خلل في مخهم خلاهم يهلوسوا كده. الناس الي واخده دوك علشان يقابلهم قتلوا على الأأقل شخص واحد بريء تحت سيطرة جنونهم، ممكن يقتلوا أي حد بنفس الإدعاء. لازم يبعد عن دوك أقرب وقت بدل ما يتورط في قتل هو كمان.
لكنه شاف تلاتة باتمان في يوم واحد..أربعة لو دخل نائب الرئيس في العدد.... بص بيرسون لوش دوك، وعرف إنه خمن أفكاره تاني..
- طبعا تلاقيك بتفكر إننا كلنا في البتنجان..وإنت معانا..صح؟
- أيوه..
- الكائنات دي بتختفي..أنا وشفت الي كنا صايدينه بيختفي.. بيبقا شفاف بعدها بيتحول لدخان..بجملة الجنان بقا، إشمعنى دي الي مش مصدقها؟ صدقني في البداية كنت فاكر زيك إن الي بشوفهم دول مش حقيقيين، حلم او هلوسة. لكن يوم ما إصطدنا الوطواط الهلوسة زاد عليها كمام روائح، وهو بيختفي ساب ريحة زي التراب والبول والشطة لو خلطتهم على بعض. ريحة بتحرق العينين وتحلي الواحد عايز يرجَّع..ليستر رجَّع، وجانيت فضلت تعطس ساعة بعدها. بعد ما إختفى مشيت ببطء ناحية الكرسي الي كان مربوط عليه، شوفت القود والحبال وهدومه..قميصه كان لسه متزرر والكرافته مربوطة حوالين ياقته. البنطلون كان مقفول بالحزام ومن جوه شوفت ملابسه الداخلية..منظر مفزع إنك تشوف إنسان إختفى من جوه هدومه كده.
- إتحول لدخان وإختفى؟! طيب فين دوجلاس كيفر وسوزان هولدينج الحقيقيين؟ فين نائيب الرئيس الحقيقي؟
- معرفش..بس بشكل ما الي إنت شوفته الصبح هو دوجلاس كيفر..أعتقد إننا بنشوف الحقيقة، حقيقة الكائنات الي هم تحولوا لها. روحهم وحقيقتهم بقا وطاويط وشكلهم زي ماهو بالنسبة لكل الناس ماعدا إحنا.
- تخاطر روحاني؟
- عليك كلام! لازم تقابل ليستر..برضو له تعبيرات شاعرية كده.
الإسم وتكراره فكر بيرسون بحاجة، وعرف تقريبا إيه هي الحاجة دي. سأل دوك:
- ليستر رجل كبير في السن وشعره أبيض كثيف؟
- أيوه صح.
مشيوا في صمت فترة، وكان النهر جنبهم منعكس عليه أضواء كامبريدج، وفكر بيرسون إن عمره ما شاف بوسطون بالجمال ده.
- دوك، مافكرتش إن الكائنات دي بتعزو أجساد الناس زي الميكروب وبتحولهم؟
- في منا وصل للفكرة دي. بس عمرنا ما شوفنا عامل ولا بواب إتحول لوطواط. كل الي بيتحولوا في مناصب عليا..عمرك سمعت عن ميكروب بيختار علية القوم بس؟
- طيب الناس الي رايحين نقابلهم دول، نقدر نقول إنهم جنود المقاومة؟
- لسه..بس يمكن بعد الليلة يبقوا جنود مقاومة حقيقيين.
قبل ما يسأل بيرسون عن قصد دوك، شاور دوك لتاكسي فاضي ووقفه وركب الإثنين فيه. وطريقهم كان عبارة عن كلام عن الكورة والشياسة بدون أي ذكر وطاويط.
__________________________
( مكتبة كيتي لكتب الألغاز)
البارة كانت مكتوبة على لافتة في خلفيتها قط سود مضيء. قبل ما يدخل دوك/ مسك بيرسون دراعه ووقفه وقال له:
- عندي كم سؤال..
- مش وقته يا براندون..إحنا إتكلمنا كتير وإتأخرنا عن الإجتماع.
- سؤالين بس طيب.
- عامل زي مذيعين الماسبقات الي بيوقفوا الناس في الشوارع ويجروا وراهم. 
- الموضوع ده بدأ إمتى؟
- شوفت؟ بتسأل برضو! مانعرفش، بي روبي ديلراي اقدم واحد فينا، وشاف أول وطواط من خمس سنين، وبيقول إنهم من ساعتها بيكتروا، بس لسه إحنا أكتر..لكن لحد إمتى؟ مؤخرا أعدادهم بقت بتزيد بشكل مرعب. إيه سؤالك التاني؟ إنجز..
- المدن التانية فيها وطاويط؟ وهل فيها ناس بتشوفهم؟
- مانعرفش. ممكن يكونوا موجودين في العالم كله، بس في منا متأكد إن أمريكا بس هي الي فيها عدد من الناس الي بتقدر تشوفهم.
- إشمعنى؟
- لأنها البلد الوحيدة المهووسة بالإقلاع عن التدخين وبتكرههم!  ويمكن كمان لأن الأمريكيين هم الوحيدين المؤمنين من جواهم إنهم لو أكلوا أكل صحي،  وخدوا خلطة فيتامينات، وفكروا في الأفكار الإيجابية بس، ومسحوا مؤخراتهم بالمناديل الورقية بماركات معينة هايعيشوا للأبد! أما تيجي تطبق ده على التدخين هاتلاقي الصراع بين إلي مؤمنين بيه والواقع نتج عنه سلالة هجين..إللي هي إحنا!
- رفقة الساعة عشرة..
بص دوك ورا بيرسون وصحا:
- هاي..مويرا!
بص بيرسون وراه ولقاها الشابة أم جيبة حمرا إياها! 
- أقدملك ميورا ريتشاردسون، ميورا، ده براندون بيرسون.
- أهلا بيكِ..إنتِ في قسم الإئتمان صح؟
- أيوه..
وإبتسمت إبتسامة خلابة، ونادت على شخص إتضح إنه عامل النظافة في البنك. إستغرب بيرسون جدا أما قرب وحط دراعه حوالين وسط ميورا وباسها على خدها بشكل تلقائي، بعدها مد إيده لبيرسون وقال:
- أنا كاميرون ستيفنس..
- براندون بيرسون..
- مبسوط إنك نجيت من الي حصل الصبح..
- ثواني، هو كم واحد فيكم كان مراقبني؟
ردت ميورا:
- أغلبنا من موظفي البنك، علشان كده عرفنا بعض، وفي منا كان عارف إنك بتبطل تدخين فكنا واخدين بالنا منك علشان لو شوفتهم ما تقعش في مشكلة.

ودخلت المجموعة الصغيرة المكتبة.
______________________________
المكتبة كانت ضيقة ومظلمة، وفي آخرها على الشمال سلم إتجه دوك ناحيته وواره الباقين. سأله بيرسون:
- كيت، صاحبة المكتبة..مننا؟
- لا..أنا قابلتها مرتين وهي مش بتدخن أصلا. المكان ده كان فكرة روبي وصاحبة المكتبة كل معلوماتنا عنها إننا نادي قراءة، بنتجمع علشان مهاويس بسلسلة كتب بوليسية رديئة وبنتناقش فيها. عموما لازم تبقا تاخد فكرة عن الكتب دي احتياطي علشان لو حد غريب سألك.
نزلوا ورا دوك على السلم الضيق الي مكانش مكفي إلا عبور شخص واحد بالعرض، ودخلوا بدروم واسع بسقف واطي، كان مرصوص فيه حوالي تلاتين كرسي، وقدامهم منصة متغطية بقماش سماوي. ورا المنصة صناديق كتب كرتون عليها أسماء عدد من الناشرين المعروفين. على الشمال كان في لافتة بسيطة عليها إسم سلسلة الروايات البوليسية.
سمع بيرسون سيدة بتسأل من وراه:
- دوك! الحمد لله! كنت فاكرة حاجة حصلت لك!
بص بيرسون ولقى إنه يعرفها، كانت الشابة أم نضارة سميكة وشعر إسود ناعم. 
- أنا زي الفل..كنت بجيبلكم عضو جديد لكنيسة الخفاش اللعين! 
عرفهم دوك على بعض وقال له إنها جانيت..((إنت الي قعدتي تعطشي من ريحة باتمان بعد ما إتقتل؟))
(( أنا بعمل إيه هنا؟ كأني ف إجتماع للمتعافين من الكحول، بس ده إجتماع في عنبر الخطرين في مستشفى المجانين!))
أعضاء كنيسة الخافش اللعين كانوا بيملوا المكان حتى أن الكراسي إتملت وبعضهم فضل واقف وراها. أخد دوك براندون ورجعوا للصف الخلفي جنب الشباك المفتوح والمسنود برافعة خشبية في آخرها خطاف لتسهيل فتح وغلق الشبابيك العالية، وقعدوا على آخر كرسيين. إتخبط بيرسون فيها وهو بيقع ومسكها على آخر لحظة قبل ماتقع على حد.
رجل بنمش في وشه وشعر أحمر كان مشغول بالحديث مع أولسون الي قتل الوطواط طاخ طاخ طاخ في المزرعة المهجورة. قال دوك:
- أبو شعر أحمر هو روبي ديلراي. لو دي فعلا كنيسة فروبي هو المُخلِّص. بعد ما خلص روبي كلامه مشي ناحية المنصة، وكان العدد إكتمل وإرتفعت ساحابات الدخان فوق الرؤوس. أول إجتمعل يحضره بيرسون ويكون مسموح فيه التدخين.
= دوك..الناس كتير جدا!
- ده أكتر عدد حضر من ساعة ما بدأنا.
- ده مش قالكم؟ إن كل رجالتكم في مكان واحد كده؟
- لا..روبي بيقدريشم الوطاويط ويعرف وجودهم...شش..الإجتماع هايبدأ.
وقف روبي ورا المنصة ورفع إيده، فسكتت الهمهمات وبص الجميع لروبي في إحترام وإعجاب.
-شكرا لحضوركم..أعتقد إننا أخيرا حصلنا على الشيء الي بيأمل فيه أغلبنا من أربع خمس سنين.
تعالت صيحات الإستحسان، وكان دوك باصص لروبي بإنبهار شديد ونسي تماما بيرسون. شعر بيرسون بشعور مقلق تجاه روبي، مصدره غالبا غيرته على صديقه منه، لكن فعلا كان في شيء مش مريح فيه..غرور، ثقة زايدة..
- قبل ما نبدأ، عايز أعرفكم على عضو جديد في المجموعة، برادندون بيرسون من ميدفورد..أقف ثواني يا بيرسون وخلي رفاقنا يشوفوك.
بص بيرسون لدوك معترض، لكن الأخير شجعه. وقف بيرسون وسط تصفيق رفقة الساعة العاشرةن بعدها قعد على كرسيه ووشه محمر من الحرج.
شاور روبي لسيدة سمرا قاعدة جنب أولسون فقامت، وبصفي ساعته وواجه المجموعة مرة تانية.
بيرسون مكانش مرتاح، جزء من إنعدام راحته جاي من كونه جديد، وجزء من شكه في المجموعة وفي قواها العقلية.
بدأ روبي دلراي وصلة من الكلام الفارغ بتاع التنمية البشرية المخلوطة بمصطلحات شعرية ودينية. كان بيمدحهم شوية، ويشجعهم شوية، كلام فارغ لكن الناس كانت منبهرة تماما.
بص روبي لساعته مرة تانية، لكن ده تصرف بيعمله كل رفقة الساعة عشرة،دايما بيشوفوا فاضل قد إيه على ميعاد السيجارة التالية.
أخيرا بدأ بعد الحضور يزهقوا، حتى دوك الي كان منتصت، بدأ يتململ في كرسيه ويبان عليه الملل.
صاح أحد الحضور من ناهية القاعة:
- روبي..إختصر!
- ايوه أيوه..عندك حق..معلش الحماس أخدني. ليستر، ممكن تيجي عندي دقيقة واحدة.
قام ليستر ولف ورا الصناديق مع روبي، وخرجوا شايلين صننطة جدية ضخمة حطوها قدام المنصة.
سأل بيرسون دوك بصوت هامس:
- فيها إيه الشنطة؟
هز دوك كتافه إنه مايعرفش، لكنه كان قلقان نوعا. قال روبي:
- واضح إني طولت عليكم فعلا. لكن النهاردة يوم تاريخي..
شال روبي الغطاء الأزرق من على المنصة، وشهق الناس وهم بيملوا لقدام علشان يشوفوا كويس، ثواني وتنهيدات خسيبة الأمل تعالت. اللي كشف عنه روبي هي صورة عملاقة بالأبيض والإسود بتبين مخزن مهجور مليان زبالة. قال روبي ديلراي:
- من خمس أسابيع، ليستر وكيندرا وأنا مشينا ورا إتنين وطاويط لحد ما وصلنا للمخزن ده في كلارك باي. الإثنين إتقابلوا هناك مع تلاتة تانيين من الذكور وإثني من الإناث..وطاويط برضو..دخلوا المخزن وغابوا جوه. كان لازم ننظم وردية مراقبة..واضح إنه مكان إجتماع لهم..
على وش دوك ظهر ضيق واضح لإنهم ما خدوهوش معاهم في التتبع ولا المراقبة. لكن خطر لبيسرون فجأة خاطر تاني مزعج، هم إزاي عرفوا إنه من ميدفورد؟!
- دوك، هو إنت قولت لحد هنا أما كلمتهم في التليفون إني من ميدفورد؟
- لا..وأنا هاعرف منين المعلومة دي؟ خليني أسمع بقا...
بص روبي في ساعته تاني، وفضل يتكلم عن المراقبة والوطاويط وبدأ الكلام يزيد عن حده تاني والناس مستنية الخبر الحلو أو معرفة ليه النهاردة يوم تاريخي.
هل الشيء اللي مستنيينه مجرد صورة بالأبيض والإسود لمكان مهجور وخلاص؟ روبي مقالس أكتر من كده عن الصورة والصورة مش مبينة أي شيء تاني. يبقا أكيد الشيء في الشنطة الجلد الضخمة.
((المهم يا سيد ديلراي، عرفت منين إني من ميدفورد؟))
إفتكر كلام دوك إن الوطاويط لهم أصدقاء في مناصب عليا، أصدقاء ممكن يدوهم إسم حد فيجيب قراره في دقايق..
قام بيرسون من كرسيه في فزع وخبط تاني في الرافعة الخشب الي سانده الشباك وبدأ الشباك يتقفل، وسمع صوت روبي من المنصة بيقول:
- ليستر، ممكن إنت وكندرا تساعدوني تاني؟
مسك بيرسون الرافع بسرعة قبل ما تقع على حد، وبدأ يرفع بيها الشباط تاني ويفتحه، أما شاف وش الوطواط الي بيبص له من الشباك!
- إفتحوا بس معايا القفل..
ديلراي كان بيفتح الشنطة وبيضحك على نكاته البايخة، بالنسبة لبيرسون، اليوم جه من الـأول تاني، وحس إنه عايز يصرخ زي ما كان عايز الصبح..زي ما كان محتاج..
الخطبة الطويلة المملة..
الصورة الي مالهاش معنى..
البصات المتتالية للساعة..
الكل متجمع في مكان واحد..(( روبي بيشم الوطاويط...))
المرة دي محدش كان واخد باله من بيرسون علشان يمنعه من الصراخ.
- يا جماعة ده كمين!! كمين أخرجوا بسرعة من هنا!
الكل بص له في تساؤل ما عدا تلاته، روبي وأولسون وكيندرا، كانوا فتحوا الشنطة الضخمة وعلى وشوشهم تعبير غريب، وإحساس بالذنب..

لأل 

باب البدروم إتفتح ..
- إهربوا يا جماعة كمين! الوطاويط هنا حوالين المكتبة!
من باب البدروم، سمع الجميع صوت مزعج غريب جدا، صوت شبيه بأصوات كلاب البيتبول وهي بتنهش حد.
صرخت جانيت:
- من على الباب؟!
صرخ روبي في المجموعة:
- إهدوا..هم إدوني الأمان..ماتخافوش!
إتكسر إزاز الشباك الي جنب بيرسون، واتمدت إيد غليظة مخلبية مسكت ميورا, بدون ما يفكر، مسك بيرسون الرافعة وضعن بالخطاف وش الوطواطي المطل من الشباك. الخطاف دخل في عين الشيء، ولطخ بيرسون دم إسود مقزز. مسك الكائن الرافعة من يد بيرسون وهرب بيها، ومن الشباك شاف بيسرون دخان وشم ريحة تراب وبول وشطة..
شد كاميرون ميورا لحضنه وبص لبيسرون في فزع. الكل كان امل زي الغزلان المحاطة بالأاسود.
صوت كلاب البيتبول كان بيقرب ببطء، ده لأان السلم ضيق ومش هيستحمل عدد كبير من لوطاويط مرة واحد. شد بيرسون دوك من كرافتته وقال له:
- إحنا لازم نهرب، مافيش باب خلفي؟
- مش..مش..مش عارف! روبي؟ روبي الي عمل فينا كده؟!
- فوق يا دوك وركز معايا..
شد بيرسون دوك ومشي بيه خطوتين ناحية المنصة. شاف روبي واولسون وكيندرا بينقبوا عن حاجة جوه الشنطة، وأخيرا طلعوا قطع سلاح أوتوماتيكي. قال روبي لبيسرون ودوك وهو رافع السلاح:
- مكانكم!
بيرسون ماوقفش وكمل مشي ناحية المنصة ومعاه دوك وكل الموجودين. الكل كان بيحاول يبعد عن الباب والشباك المكسور.
صرخ دوك:
- ليه ياروبي؟! ليه؟!ليه بيعتنا لهم؟
- أقف مكانك يا دوك، بحذرك!
كنردا كانت بتؤمر الباقين إنهم يبعدوا عن المنصة وهي موجهة السلاح لهم. قال روبي لدوك:
- مكانش عندنا إختيار..كانوا عرفين مكاننا وكان ممكن يهاجمونا أي وقت، لكنهم عرضوا عليا إتفاق..فاهمني؟ أنا مابعتكومش! هم الي جم وطلبوا يتفقوا..
- إنت كداب وإبن كلب!!
قالها دوك وهو مجروح وغاضب من الخيانة. للحظة شاف بيرسون روبي بيبعد سلاحه للجنب كأنه هايضرب بيه دوك زي الهراوة، أما أولسون الي قتل الوطواط طاخ طاخ طاخ، كان فقد تعقله وبدأ يضرب نار على الي حواليه في جنون، وبدأ الناس تتساقط قتلى.
دخل من الباب المفتوح وطواطين في زي شرطة بوسطون رافعين سلاحهم. فضل روبي يصرخ:
- هم إدوني الأمان! مش هايؤذوكم يا جماعة لو وقفتوا مكانكم ما إتحركتوش!

فعلا بعض الحضور رفعوا إيديهم لفوق في إستلام، فجري عليهم واحد من الشرطيين ومسك واحد منهم فتح فمه العملاق وأكل رأس الرجل!
- لا! لاااااا..إنتوا وعدوني بالأامان!
مع شلالات الرصاص ززيادة عدد الوطاويط، الدم بقا في مكان، وفضل بيرسون يشوف رفقة الساعة العاشرة واحد را التاني في أفواه الوطاويط.
أصوات سرينات عربيات الشرطة زادت، ومن الشبابيك عدد مهول من الوطاويط في زي الشرطة بيهجموا.
الذخيرة مع أولسون خلصت، فمسك إيد كيندرا وجريوا ناحية الباب، لكن واحد من الوطاويط مسكه وطوحه فوق وتلقاه بين أنيابه.ربي كان واقف على المنصة مذهول، سلاحه في إيده المرتخيه وبيبص على الهول حواليه ومش قادر يتكلم تاني. جري بيرسون عليه وأخد منه السلاح فمقاومش..بس قال: وعدوني بالأمان!
- إنت فاكر إن ممكن حدي يثق بكائنات زي دي؟!
ضرب بيرسون وشط روبي بمؤخرة السلاح في غل، فوقع العجوز على الأأرض. إلتقط بيرسون سلاح كيندرا واولسون ورماه لميورا وكاميرون الي كانوا واقفين وسط كل ده متجمدين.
أدرك الوطاويط إن بعض الموجودين معاهم سلاح أما فتح بيرسون النار على الداخلين من الشبابيك المكسورة، بيرسون فقد دوك في مكان ما في الزحمة، بس هو فين؟
دخان القتلى من الوطاويط بدأ يملا المكان ويتسبب في الإختناق للناس. صناجيق الكتب في نهاية القاعة كانت وقعت وكشفت عن باب صغير، أمر بيرسون كاميرون وميورا ييجوا وراه للباب يمكن يلاقوا مهرب. لف بيرسون وإتكعبل في جثة على ألأارض، كانت جثة شاب أسمر وسيم لابس بدلة سكري، وفي وسط صدرة خمس رصاصات.
إتمنى لو في وقت يشيله ويخرج بيه، لكن الأوضاع كانت سيئة والريحة خانقة. جري بيرسون على الباب وهو بيضرب النار وراه على أي حد يقرب، ورا الباب لقا أوضة أدوات تنضيف وفيها شباك صغير، وكان هو المخرج الوحيد..
_____________________
في الشارع، تحت الشباك، كان في أحد الوطاويط الشرطيين واقف يحرس ووشه للشارع. قبل كل شيء، نادى عليه بيرسون وأطق على وشه النار.
جري التلاتة في الشوارع الخلفية، منظرهم مريب وحالته مالنفسية أسوأ. كانوا متجهين لمحطة قطار البضائع. تسللوا من السور وجريوا ناحية عربة اللبضائع، وكان القطر بيتحرك ببطء. قفز كاميرون في العربة ومد إيده لميورا علشان تطلع. شالها بيرسون وسحبها كاميرون بسرعة والقطر بيمشي.
بعد سنين من التدخين ، كان صعب على بيرسون يجري ويلحق القطر قبل ما يطلع من المحطة. كان بيجري وشايف إيدين مويرا وكاميرون ممدودة له.
حاول يجري، وكل ما يحصل باب العربة مايقدرش يرفع نفسه لها. أي غلطة هايتفرم تحت عجلات القطر. 
للأسف الرصيف كان بيخلص، وقدامه سور من السلك الشائك. لو ما طلعش دلوقتي، إما القطر هايمش يوأما السور هايخبطه ويقطع جلده.
فكر في مراته الي بحلول النهار هاتتصل بالشرطة علشان تبلغ عنه. هاتقعد تبكي قدامهم وواحد منهم هايحط إيده على كتفها ويطبطب عليها، وهي مش عارفة إنه مش شرطي، ومش آدمي أصلا..
((يارب، خليها عميا عنهم..خليها عامية عنهم للأبد))
عجلات تالقطر بتلف وتطلع شرار، مويرا بتصرخ:
- إجري!
- بسرعة وخلي بالك من السور!
((مش قادر..مش قادر أجري تاني..عايز انام..أنام..))
خطر في باله دوك، صديقه الي مات غدر، وإتكر كل الي ماتوا..هل هايسب الوطاويط تنتصر عيلهم؟ هل هايسبهم بدون إنتقام؟
جري براندون ومد إديه قدامه، مسكه كاميرون..ده بسرعة والسور بيمزق بنطلونه وجزمته..
إترمى التلاتة على أرضية العربية وسط البضايع، بصت ميورا لهم وسألتهم بدون مقدمات:
- من معاه سيجارة؟ مش هانينفع أفوت سيجارة بليل!!
بصوا لبعض وضحكوا، ضحكوا لحد ما عينيهم دمعت، ضحكوا وهم بيدخنوا آخر سجاير في جيب كاميرون من ماركة فيكتوري..النصر..
____________________________
نوفمبر..
أكتر من عشرين شخص من رفقة الساعة العاشرة بيعقدوا إجتماعهم في محل مهجور في لافيستا.
نجحوا في قتل تلاتين وطواط آدمي، ولسه العدد هايزيد..
براندون بيرسون كان عارف إن في شيء مشترك بين صيد الوطاويط والإقلاع عن التدخين، الشيء ده هو إنك لازم في الحالتين تبدأ في أقرب وقت، ولو بدأت ماتبطلش...

Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي