الحلقة ‏١٢- ‏سيرسي

سيرسي!
تأليف: جيسيكا بينوت
الحلقة 12

نمت على بطن بريا، وصحيت نص الليل لقيت بريا في الحمام تاني، رحت اجيبلها كوباية ميا ولقيت حاجة مفزعة..
مخلوق صغير في حجم القطة كان ماشي على ترابيزة المطبخ، كان بيترحك بسهولة كأنه في بيئته الطبيعية..
اما دققت عرفت إنه شيء من الزواحف، لكنه في نفس الوقت له طابع حَشري واضح! بص لي بيعينه الصفرا المشقوقة وغمز!
كان ماشي على أربع إيدين زي القطة، بس ديله كان طويل كأنه أفعى بيهزه يمين وشمال في كسل. فضل باصص لي كأنه مستنيني أديله بسكوتة زي الكلب! وقعت كوباية الميه مني وإتسمرت مكاني مستني أصحى من الكابوس. صرخ الكائن صرخة شبه صوت الرُّضع، وهجت ريحة لعم معفن خليتني اكح.
حسيت بالخنافس قبل ما أشوفهم، كانوا بيتسلقوا رجليا، وكنت عارف مصدرهم..كنت شايفها في الركن، ريحتها بتخليني هايغمى عليا. دم أسود كان بينز منها وغرق السجادة..وفجأة إختفوا زي ما ظهروا.
صرخت بريا وفوقتني صرختها من تكتيفتي. جريت على الحمام وكسرت الباب ودخلت، كانت على ركبها قدام التواليت وعماله تهز شعرها في جنون.
- في شعري! خرجه من شعري!
بصت لي وعينيها مذعورة وقالت لي:
- يا ربي! الخنافس مغطياك!
فضلت تنفض شعرها وتخبط راسها وجسمها في البانيو والحيطان وهي بتطلب مني أخرج بره.
بصيت لرجليا ولقيت على الأاقل عشر صراصير كبيرة على البنطلون. جريت على بره ونفضتهم من عليا وقتلتهم برجليا بعنف نادرا ما بيظهر عليا أما بقتل حشرات لأاني مابخافش منهم أصلا. أما إتأكدت إن مافيش حشرات عليا دخلت الحمام وطلعت الصرصار الي في شعرها وقتلته.
كانت مرعوبة وعمالة تقول:
- مافيش حد بتاع حشرات؟ قصدي طارد حشرات..شكرة..اي حد بتاع طواريء!
- إهدي..أنا قتلتهم كلهم مافيش تاني، وهاكلم شركة الإبادة الصبح.
- إنت إزاي هادي كده؟ دول كانوا طالعين على رجليك!
ماكونتش هادي، كنت مذهول وفوقت، وده معناه إما إني إتجننت أو إن الحلم طلع معايا للحقيقة. بريا ماقدرتش ترجع تنام تاني لأنها كانت خايفة يكون في حشرات.
-ياللا نروح فندق ولا حاجة يا إيريك، ياللا نورح أي حتة بس النهاردة لحد ما البيت ينضف.
أنا كمان ماكونتش قادر أنام، وقضينا الليلة في أوتيل قريب، ونامت هي زي الأطفال بس أنا مقدرتش أنام..أحلامي جت ورايا وهلاوسي كانت بتقطع روحي.
الصبح إتصلت بريا بشغلها وطلبت إجازة وقال لي:
- هايموتوني..أنا لسه شغالة جديدة وعمالة آخد أجازات ولسه هاخد أجازة ولادة كمان..أنا مابحبش أبقا أسوأ موظف في أي مكان بالمنظر ده..هايرفدوني.
- بس إنت فعلا تعبانة، بس ماكنتش أعرف إنك بتاخدي أجازات كتير.
- هو إنت عارف حاجة أصلا؟ إنت حتى ما بتتصلش بيا من الشغل تتطمن عليا..إنت عارف إن أختي هااتجوز؟ طبعا ماتعرفش..ماتعرفش أي حاجة عنا..في إيه؟
- قولتلك إني بس إترعبت من فكرة الأبوة المفاجأة. أنا مش عايز ابقا أب ولا عايزك في النهاية تبقي مجرد أم وخلاص. معنديش حتى أدنى فكرة عن الأبوة.
- كان ممكن تقول لي كده، مش تتجاهلني كده. أنا عارفة الأطفال كويس وعندي قرايب يسدوا عين الشمس، كنا عاملين زي مزرعة أطفال وإحنا صغيرين من كتر عددنا. هاساعدك وهانلاقي حلول بس مش معقول تهرب مني كده......ماتسيبنيش..أنا خايفة أوي، خايفة لا حاجة تحصل للبيبي وحاسة إني تعبانة جدا..
- آدينا رايحين للدكتور النهاردة، وهانشوف في إيه..ماتخافيش.
________________________________
الدكتور طمننا على الجنين وكتب لبريا أدوية ومقويات وطلب منها ترتاح وتاكل كويس. ,اخيرا بريا مزاجها إتحسن وفعلا بقت أفضل.
شكرة رش الحشرات جت وكنا لمينا هدومنا وروحنا بعدها لأخويا.
جيريمي كان مبوسط أنه شافنا، وحضرلنا أوضة الضيوف الي كان عفشها من طراز تمانيناتي جدا. كل شيء في الأاوضة كان بمبي وورق الحائط كان منقوش بنقشة ورق نخل أخضر كبير. السجادة كانت خضرا ومن عمر جيريمي إن مكانتش أكبر. مكانش في الأاوضة أثاث كتير، كرسي هزاز، أباجورات، وسرير.
بريا كانت سعيدة وفضلت تشكر جيريمي على كرمه وإستضافته لنا. مراته كانت عند أهلها لذلك جريمي حاول يضايفنا على قد ما يعرف. كان بيعمل لنا بيض وبيكون الصبح في الفطار، بعدها بنخرج كلنا أو أنا وبريا وبناكل بره.
بريا كانت بتنام بدري بعد ما تاخد أدويتها وبفضل لوحدي بعدها.
الشقة كانت قديمة ومتهالكة، لكن كل قيمتها لإي إنها على الشاطيء مباشرة، وطبعا جيريمي كان بيحبها أوي، وكنت بكرهها.
قعدت معاه بعد نوم بريا في البلكونة الضيقة والنظر كان ممتاز، السما كلها باينة والبحر والرمل والبيوت الغالية الي بتطل عليهم.
قال جيرمي في سعادة بكلماته البسيطة الريفية:
- يتربى في عزك! مراتك نورت كده وزهزهت..عرفت ولد ولا بنت؟
- لا لسه شهرين كده، بس بريا دايما بتدعي تجيب بنت.
- هو كويسة؟ أصل تحسها من جوه تعبانة كده بس مش مبينة.
- تعب الحمل، وإمبارح الصراصير هجمت علينا فبقالنا يومين صاحيين.
- كويس إنكم جيتوا، تغيير الجو مفيد وياعيني تلاقيها هاتطق من جنابها من القعدة لوحدها.
- عرفت منين؟
- إتصلت بيا من كم يوم..لازم تعرف إنها مكانتش هاتكلمني إلا لو أتزنقت يا عيني..
- إتصلت بك ليه؟
- مكانتش عارفة توصل لك وكانت فاكراك معايا ولا أعرف إنت فين. كانت عايز حد يوصلها في حتة وقت الغدا..مش فاكر التفاصيل والله..تقريبا كان عندها مشكلة في الشغل. قلت لها إني ما بتتصلش بيا ومعرفش إنت فين.
- أنا مابتصلش بك؟!
- أيوه..من ساعةما نقلت الاباما مابتتصلش، كنت بتكلمني أكتر اما كنت في دترويت.
- يعني هاكلمك كل يوم ليه؟ عشيقتي؟!
- لا..أخوك..
خلص جيرمي البيرة الي في إيده وفتح علبة تانية وكمل:
- ولا حتى بتتصل بأمك..بقول إيه، إنت بتنام مع الريسة..خلاصة القول يعني.
- مش مشكلتك.
- لا مشكلتي..أنا أخوك ومربيك من ساعة ما كنت بتعملها على كتافي..أنا الي علمتك تخش الحمام وتعملها زي الرجالة وإنت واقف..يبقا إزاي أما الاقيك بتبوظ حياتك أقف أتفرج؟!
- أنا في مصيبة يا جيريمي بس مش ناقص تقطيم بقا.
- بجد؟!
جيرمي التفت لي وفتح لي بيرة وقال:
- طالما الموضوع غامق كده خد إشرب وفضفض.
- إيه الي حصل بينك وبين بروك يا جيريمي؟
- وإحنا في إيه ولا في إيه؟
- ما بقتش بشوفها خالص حتى لو كانت موجودة.
- كل الحكاية إنها ماعرفتش تخلف، سقطت تلات مرات وبعد التالت ده مابقتش تقرب لي. بتسأل ليه؟
- مش عارف. حسيت إني كنت بعيد فترة طويلة، ملاحظتش اللي حصل لكم غير دلوقتي.
- ولا يهمك..المهم في إيه؟ غالبا أنا البني آدم الوحيد في الدنيا الي إنت تهمه أكتر من اي حاجة تانية. وأنا الوحيد الي تقدر تقول له اي حاجة.
- أنا نمت مع كاسي، وقبل ما تقطمني، عايزك تعرف إن مكانش قصدي خالص..فعلا كنت معاهد نفسي ما أخونش بريا بعد موضوع البنت أم وشم دي، أحلف لك ما كان قصدي.
- إزاي بقا مش قصدك؟ سقتك حاجة صفرا؟
حكيت له كل حاجة، وحسيت إني إرتحت وكل غضبي داب قصادي في البحر.
- فهمت؟ ماكونتش عايز أنام معاها، بكرهها..بص لسه جسمي معلم من الي عملته معايا.

- دي حكاية ما تخشش العقل..بس مصدقك. بس إنت هاتروح معاها السفرية دي الأسبوع الجاي بجد؟
- فاضل لي أسبوعين مع الست دي ومحتاج شهادة كويسة منها عن شغلي. مش هابوظ ست شهور علشان كم يوم. فهاروح المؤتمر علشان أخلص..قول لي..هي بروك سابتك؟
سألته علشان أغير الموضوع، فقال:
- بقالها خمس ايام أهي عند أهلها، وما سألتهاش هاترجع إمتى لأنها أما مشيت ماقالتليش إنها ماشية. هي ما أخدتش حاجتها كلها فمش عارف هاترجع ولا إيه.
- إنت كويس طيب؟
- تفرق معاك؟
- طبعا..عارف إني ساعات ببقا عيل رخم، بس يهمني إنك تكون كويس..بص أنا ماكونتش بتصل بيك بس إنت كمان ماكونتش بتتصل.
- عندك حق.
دخلت نمت، وكان الجو بقا برد والشقة رطوبة ولقيت بريا بتترعش تحت الغطا. غطيتها كويس وحضنتها، كنت عايز أحكيلها كل حاجة، كنت عايزها تعرف لكن الخوف سكتني..إزاي ممكن أكسر قلبها كده؟
___________________________
روي، الشاب الي في التالت، بعت لي رسالة مع واحد من الممرضين يوم الإثنين. إتفاجئت من تصرفه وماكونتش عارف إيه المفروض يتعمل.
الرسالة مكانش فيها حاجة مهمة وأنا مش الطبيب المعالج بتاعه أساسا فماكونتش متأكد إيه الصح في المواقف دي.
حكيت لكاسي وقال لي إن علاقتهم الطبية متورتة وبتواجه صعوبات معاه، وقال لي لو عايز أتابع أنا معاه مافيش مشكلة، ورمت لي ملفه في وشي ومشيت.
الدور التالت مكانش مالوف ليا وماعنديش فكرة الأوضاع الأمنية فيه المفروض تكون إزاي. أما طلعت لقيت روي قاعد على كرسي قدام الشباك في الردهة وكان نضيف ولابس هدوم نضيفة. قام وسلم عليا وقال:
- ماكونتش واثق إنك هاتيجي. تحب نتلكم هنا ولا نروح أوضتي أحسن؟
- أوضتك أحسن أكيد.
مشيت وراه لحد الأوضة وهو بيتكلم بصوت واطي ويقول:
- أنا عارف إني مجنون، وعارف إن الي هاقوله مالوش معنى. بس أنا مش قادر أستحمل ولازم أتكلم مع حد. فلو عايز تنفض لي قول لي وهاسكت. بس لازم تعرف رغم إني مجنون فكلامي مش بالضرورة مايكونش حقيقي.
- أحكيلي.
بدأ يتوتر ويقرقض ضوافره وهو بيقول:
- إنت عارف أنا هنا ليه؟
- أيوه.إنت عارف؟
- طبعا! بس الي محدش يعرفه خالص إني ماقتلتش عيلتي..بص..أنا عارف إني قتلتهم بس فعلا ماقتلتهومش! كنت بكره بابا وماما ساعات بس هم كانوا بيجبروني اروح الكنيسة كل شوية واصلي وبتاع وأنا كنت عايز أعيش حياتي عادي. فإتصاحبتك على شوية شباب بيحبوا السحر و كده..عارف السحر؟
- إنت كنت متمرد على الي بيؤمن بيه أبوك وأمك؟
- أيوه..بدأت بقا أعمل تعاويذ في أوضتي أحضر بيها شياطين. بس مكانش لها تأثير.
- عموما كنت بترشب أو بتاخد مخدرات؟
- إسكت شوية ,إسمعني..المهم مافيش سحر إشتغل معايا لحد يوم أمي خلجت مع أختي الصغيرو أبويا وأخواتي التلاتة كانوا في أوضهم بسمعوا إنشاد ديني سمج ده. فجأة ظهر لي وسط دايرة التحضير الي كنت اسمها على الأارض. كأن الهوا نفسه إتقطع وطلع هو من الفتحة. كان شكله حيواني بعيد عن تصوري للشيطان..كان عامل زي القطة أم ديل تعبان. إسمع كان كال، وماقليش غير إسمه، ودي كانت آخر حاجة فاكرها قبل ما الاقي نفسي في الزنزانة في السجن. لإانا ماقتلتهومش، كنت بحبهم.
- مكنتش بتعاني من هلاوس أو أي حاجة؟
- تقدر تبطل تبقا دكتور مجانين خمس دقايق بس؟ أنا ماحكيتش لحد الموضوع ده علشان المحامي قال لي كده. أنا إتجنت أما ماقدرتش استوعب الي انا عملته وحاولت انتحر تلات مرات..صورالي عملته بتلاحقني طول الوقت..

بكى روي تاني، وماقدرش يتكلم. مسح وشه في كُمه وبعد شوية بص لي وقال لي:
- انا ماحكيتش لحد الحكاية دي، بس لاقيتها عارفاه وعارفه إسمه!
- من؟
- دكتورة آلن!
- علشان كده مش عايزها تعالجك؟
- كال كان سابني في حالي، وأخد الي هو عايزه مني خلاص وضيعني..بس بدأت دلوقتي أشوفه تاني. بيفضل قاعد مكانك كده ويبص لي طول الليل..الدكتور هي الي رجعته تاني علشان عايزة تموتني!
- ليه فاكر إنه عايزة تموتك؟
- لا، جابته علشان يموتني!
- دكتورة آلن عايزة تساعدك وتعالجك وإنت عارف إن الي بتشوفه ده وهم.
- يا سلام! مش عايزة تموتني؟ أمال ليه أخدتني معاها البدرم واغتصبتني!

Comments

Popular posts from this blog

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي

الحلقة ‏العاشرة- ‏في ‏مكان ‏مظلم

المنزل ‏في ‏شارع ‏ميبل- ‏ستيفن ‏كينج