الحلقة الثانية- في مكان مظلم
في مكان مظلم
( قصة الإستحواذ الشيطاني على الطفل ستيفن سنيديكر وعائلته- قصة حقيقية من ملفات عالمي الشياطين إد ولورين وارن)
في الليلة قبل ما ينتقلوا بشكل نهائي للشقة الجديدة، نامت كارمن ودماغها مشغولة بألف حاجة، وحلمت بحلم غريب شافت فيه توابيت مرصوصة جنب بعض، جثث عارية شاحبة، أدوات قديمة مشؤمة، سلاسل، خطاكيف، ورجل مالوش ملامح لابس رداء عليه لطخة بنية بيمشي بين صفوف التوابيت وهو ماسك أحد الأادوات الغريبة في إيده...
صحيت كارمن مفزوعة، نفسها رايح وجسمها بيترعش. نور الصبح كان داخل من الشباك، ورغم إدراكها إن الي شافته حلم، لكن في حقيقة إستقرت جواها..بصت لآل النايم جنبها وقالت له:
- أنا أجرت بيت جنازات!
- هه؟
- الشقة..المبنى.. المكان ده كان بيت جنازات..
- إنت كنت بتحلمي؟
- لا..قصدي..آه كنت بحلم، بس ..المكان ده كان بيت جنازات..
قام آل وقعد جنبها وسألها في جدية:
- بتقولي إيه؟ إنت بتتكلمي بجد؟
- أيوه بجد..
حط آل دراعه حواليها وحضنها، النظرة على وشها مكانتش خوف من حلم أو كابوس، كارمن كانت بتتكلم بجد..
- طيب يا حبيبتي لو مش عايزة تروحي بلاش، ممكن نرجع في الإيجار..
إزاي ممكن ترجع في كلامها وهم محتاجين المكان للدرجادي..
- مش هانقدر نسافر كل يوم للمستشفى، الوضع كله صعب علينا كلنا، ومش هالاقي مكان مناسب تاني..
- بصي، حتى لو كان الحلم ولا الإحساس ده حقيقي، وكان المبنى بيت جنازات فعلا، فإيه المشكلة؟ مافيش حاجة مرعبة في كده. عموما إحنا ننقل، لو ما عجبناش المكان نرجع تاني.
__________________
أما وصلت العائلة، وقف آل العربية قدام البيت، وطلبت منه كارمن يدخلوا سوا الشقة قبل الأولاد ويشوفوا البدروم المرفق.
مدخل المبنى كان لسه فيه عمال، لكت صوت الضوضاء خفت بمجرد ما دخل آل وكارمن الشقة.
الشقة كانت خمس حجرات، منهم حجرتين في البدروم وتلاتة فوق. مشيوا لنهايو رواق ولقوا فيه دولاب، جوه الدولاب أرفف مليانة سلاسل وخطاكيف وادوات غريبة معدنيه وخراطيم وشفرات.
كمان كان في صناديق مليانة قطع بلاستيكية مستطيلة من الي بتتعلق على أصابع أقدام الجثث وبيتكتب عليها بياناتهم.
إتجهوا بعد كده للباب المؤدي لسلم البدروم، والي متعلق عليه صليبين كبار فضة.
الزوجين كانوا حاسين برهبة شديدة، وكل واحد فيهم ماسك إيد التاني في قلق. بصت كارمن في ركن حجرة من حجرت البدروم وصرخت:
- يا الله ! إيه ده؟!
كارمن كانت بتشاور لجهاز جاي من عالم افلام فرانكشتاين الابيض والاسود. كان عبارة عن سرير معدن متصل بيه سلاسل وتروس، وفوقه باب مفتوح من السقف.
قرب آل من السرير وركع بص تحته، لقا فتحة تصريف، وبقع بنيه وقطع خشب ملوثة.
- مش عارف ده عبارة عن إيه؟؟
- ما افتكرش انه المفروض نعرف..الجهل بالحاجات دي احسن.
إلى جانب البقع البنية على الحوائط، كان في رائحة غريبة قديمة ماحدش فيهم شم زيها قبل كده. وكانت الريحة دي متركزة في أوضة من الأوضتين إللي في البدروم.مد آل صباعه على بقعة بنية من الي على الحيطة ووشه وشم صباعه، وبص لكارمن بس ما إتكلمش. الإثنين كانوا عارفين البقع دي عبارة عن إيه. قال آل:
- مافيش مشكلة، هاندهن البدروم، هادهنه دلوقتي حالا وماحدش من الأولاد هايشوف البقع دي.
- صح كده..مش هانقولهم كمان عن الي شوفناه.
- أكيد..المهم نتخلص من كل الحاجات دي، وهايبقا المكان واسع والأولاد هايحبوا يلعبوا هنا.
قالت كارمن وهي طالعة سلم البدروم:
- بصراحة مش قادرة أتخيل إني ممكن ارجع أدور على شقة تاني..لازم نستقر كلنا..لازم علشان ستيفن يتحسن.
في طريقهم لفوق لاحظوا ان في صلبان متعلقة على كل الأبواب في البدروم. وبره المبنى، قابلهم السيد لاوسون، وسألته كارمن بصوت واطي:
- عايزة أسألك على حاجة..البيت ده، زمان، هل كان بيت جنازات؟
كانت مُحرجة وهي بتسأل، رغم كل الي شافته بس الفكرة نفسها والصدفة ما تتصدقش. غبتسم السيد لاوسون في توتر وسألها:
- عرفتي إزاي؟
- في أدلة كتير في البدروم، إنت ما نزلتش تحت قبل كده؟
غمض عينيه وأومأ وقال:
- أيوة شوفت الحاجات الي تحت، لو مكانش في مانع سيبيها مكانها. مش عايز حاجة منها تضيع او تتكسر..تمام؟
مكانش عند كارمن أي قوة تجادل فسكتت. كمل السيد لاوسون:
- المالك الأصلي للعقار في التسعينات دلوقتي وراح يعيش مع إبنه. أما إشتريت منه المبنى كنت بفكر أعمله مكاتب..بس.. ده ممنوع في منطقة سكنية للأسف. فقولت اقسمه شقق، في ناس كتير بتحتاج شقق إيجار هنا علشان يبقوا جنب المستشفى المركزي..زيك كده.
ماتقلقيش، المكان مقفول من سنتين تقريبا، محدش إستخدمه إلا كم مرة لمناسبات خاصة.
- مناسبات خاصة يعني إيه؟
- قصدي لإستخدام بعض من أفراد عائلة المالك السابق..بصي شغل الجنازات انتهى هنا من زمان، ولسه ما خلصتش تشطيب البدروم. ممكن تخزنوا حاجاتكم في الجراج وتقعدوا في فندق اسبوع ولا حاجة لحد ما أجهزلكم البدروم وانضفه.
وافقت كارمن رغم إحباطها، كانت عايزة تتنقل للشقة النهاردة وتستقر وتخلص من المشاوير والسفر.
فعلا راحت كارمن والأولاد لفندق صغير، ورجع آل لهارلي فيل علشان شغله. حجرة الفندق مكانتش مقضياهم، وبعد تلات أيام قررت كارمن تنقل للشقة حتى لو لسه ما خلصتش.
_______________________
في الشقة، طلعت كارمن مراتب من الجراج وحطتهم في اوة السفرة ونامت هي وولادها لحد ما العمال يخلصوا شغلهم في الشقة والبدروم.
بحلول نهاية الإسبوع كانت الشقة في حالة تسمح بالحياة الطبيعية، وجه آل وأخوه وفرشوا المكان..وستيفن نزل البدروم علشان يشوف أول أوضة مستقلة له، ورجع بعدها قال لوالدته إن في شرير في المكان وإنهم لازم يرحلوا.
فضلت كارمن ليلتها تفكر إيه الي خلا ستيفن يقول كده، هل كون المكان بيت جنازات يأثر فيه ويخليه مكان وحش؟ ستيفن عف منين أصلا حاجة زي كده؟
آل كان في الجراج فنزلت له وحكت له الي قاله ستيفن، فرد عليها:
- انا ماقولتلوش أي حاجة عن البيت، انت قولتيله؟
- لا طبعا..مش إحنا إتفقنا مانقولش؟
- طيب..إيه؟!
- معرفش..بس ما أعتقدش إن البيت فيه حاجة وحشة..إزاي يكون مبنى وحش أو شرير؟ الشقة حلوة..
- حاولي تعرفي الولد ماله. ستيفن كان تحت ضغط عصبي وجسدي الفترة الي فاتت..غالبا هايتعود ومش هايتكلم في الموضوع ده تاني.
_________________________
شبابيك الشقة كانت عالية وكبيرة جدا، لكن بالرغم من كده مكانتش مدخلة نور ولا أشعة الشمس كان لا أثر على الأرضيات. فكرت كارمت تغسلهم، لكنها إتفاجئت اما حطت إيديها على الإزاز إن ماعليهوش ذرة تراب!
________________________
الفصل الثاني
ما سمعه ستيفن.
تاني يوم جهزت كارمن الفطار لها ولآل، علشان يلحق يرجع شغله بدري. لاحظ آل إن ستيفن نايم على الكنبة، فأكد على كارمن إنها تحاول معاه تاني وتقنعه ينام في أوضته علشان لو إستمر في الخوف، فكرة البيت الشرير هاترسخ في عقله. وأكيد أما يرجع مايكل أخوه الأمور هاتكون أفضل.
بصت كارمن لقت ستيفن واقف على باب أوضتهم وهومه واسعة عليه، وكان بيفرك عينيه وشبه نايم.
- حد نادى عليا؟
- لا يا حبيبي..بابا ماشي سلم عليه..
- بابا هاترج إمتى؟
- آخر الإسبوع، خلي بالك من ماما وإخواتك وإسمع كلام الدكاترة، ماشي؟
- خلي بالك وإنت سايق..مع السلامة.
مشي آل، وراح ستيفن مع كارمن المطبخ، مكانش عايز ياكل وقرر إنه يروح ياخد دُش. في نص طريقه للحمام سأل كارمن:
- كنتو بتتكلموا عليا؟
- يعني..إشمعنى؟
- مش عارف، أصلي سمعت حد بينادي عليا وصحاني.
تسائلت كارمن ممكن يكون ستيفن سمع إيه صحاه؟ طلبت منه يروح ياخد حمّامه، ولو حب يتفرج على التليفزيون يترفج بس ما يصحيش بيتر وستيفاني.
___________
في الحمام، بص ستيفن الشباك الكبير وشاف الشوارع والبيوت البيضا المتشابهة. المكان جميل والبيت واسع ونضيف. الشقة قريبة من المستشفى وده أفضل للعيلة كلها. كفاية إنهم إستحملوا كتير علشانه.
إفتكر أما نزل البدروم أول مرة علشام يشوف أوضته. ما شمش ولا شاف حاجة غريبة..مرجد إحساس بالإنقباض حتى إن جلد إيده بقا عامل زي جلد الوزة من القشعريرة. حس بغثيان ودوخة ورغن النور، كان حسس إن المكان ضلمة.
فضل كل ما يمشي خطوة يتلفت وراه، كان حاسس إنه متراقب وإن حد ماشي وراه. طلع جري وقال لأمه، لكنها طبع ما صدقتهوش، بس عدم تصديقها لا يعني إن مافيش حاجة وحشة في البيت.
بس عيلته إستحملت كل ده علشانه، وهو لازم يستحمل علشانهم.
فكر في سكان البيوت المجاورة، هل فيها أولاد في سنه يقدر يتعرف عليهم..هل حد فيهم هايكون عارف حاجة عن البيت؟
خلص حمامه وخرج، ودخلت كارمن. فكر يفتح التليفزيون، لكن قبل ما يقعد سمع صوت رجالي خشن بينادي عليه:
- ستيفن!
نط الولد مكانه من الفزع..الصوت كان جاي من الحمام! بس ده مش ممكن ابدا يكون صوت أمه.
الصوت إتكرر تاني..
- ستيفن؟
فضل الولد يبص حواليه في ذعر يمكن يلاقي مصدر الصوت.
- ستيفن؟
الصوت بقا أوضح، لكنه كان نافذ الصبر.
- ستيفن..تعالى!
ستيفن بدأ يتراجع وهو بيحاول يبعد عن مصدر الصوت.
- ستيفن؟
قرب ستيفن من باب البدروم، وبص للسلم المؤدي لأوضته..الصوت دلوقتي جاي من تحت، ومن وراه صوت الميه في الحمام لسه مستمرة.
- ستيفن..تعالى تحت هنا...
مال ستيفن أكتر علشان يشوف من تحت في البدروم، ريقه ناشف ورجليه بتترعش.
سمع ضحكة بعدها:
- ستيفن..تعالى هنا..لازم تشوف ده..
بيتر وستيفاني كانوا لسه نايمين، وستيفن حاسس بنفس الإحساس الي جاله أول مرة ينزل فيها البدروم.
- ستيفن..تعالى اوريك حاجة..
حط ستيفن إيديه على ورانه وبعد عن البدروم، جري على التليفزون وفتح وعلى الصوت وإندس تحت الأغطية الي كانت متكومة على الكنبة وغطى وشه.
رغم كل ده، برضو كان سامع الصوت لسه بيناديه.
- ستيفن..تعالى هنا..!
صوت معاه في الأوضة سأله:
- بتعمل إيه؟!
Comments
Post a Comment