الحلقة الثامنة-سيرسي
سيرسي!
تأليف: جيسيكا بينوت
الحلقة الثامنة
في طريقي للبيت، سألتني آندي:
- بتتمشى أنت والدكتورة آلن في الغروب هه؟
سألتها في برود:
- مش فاهم عايزة تقولي إيه.
- شوفتكم وانتوا بتتمشوا، خلي بالك كلام الناس هايكتر.
- مافيش حاجة الناس تتكلم عنها، كل المضوع إني بجاريها علشان ما تقلبش عليا. ست مجنونة فاكرة أن سيرسي مسكونة!
- خلاص ابقوا إعزمونا نتمشى معاكم، إنت عارف إني بحب أعرف عن تاريخ سيرسي.
- مجرد ما تجيبوا سيرة سيرسي هاتلاقوها إتفتحت في الكلام.
- إنت هاتوقع نفسك في مشكلة، مدرك ده؟
- كبري دماغك.
- أها! الرد الأكثر شيوعا لأي حد بيتمسك وهو بيعمل عملة! إنت بتنام معاها صح؟ علشان كده بتتأخر؟
- لا طبعا أنا رجل متجوز! لو خنت مراتي هاتسيبني وحيتي هاتتدمر.
- أخيرا إتكلمت عن حاجة في حياتك! الست حلوة وإنتوا بتقضوا وقت زيادة عن اللازم سوا مؤخرا.
- ست غريبة، شايفاني حالة من ضمن حالاتها..بس مافيش إنجذاب جنسي بيننا يعني.
جون قال أخيرا:
- مصدقينك..إحنا بس مستغربين إنها تبقا كويسة مع اي حد اصلا.
- عارف، بس يمكن لأني بتفانى في شغلي فبتهتم بيا يعني.
- و يمكن بتهتم بك بغض النظر عن شغله..تكون وقعت فيك مثلا.
- لا مافيش الكلام ده..لازم تعرفها كويس علشان تفهمني.
ماروحتش إتعشيت مع كاسي تاني يوم،إتهامات آندي فضلت متعلقة قدامي. حاولت أتحاشى النظر لكاسي ومابقتش أقضي معاها وقت لوحدنا، وكاسي مكانتش ملاحظة تغيري. فضلت تسيبلي ورق عليها ملاحظاتها وتبتسم في مكر أما بقولها إني بفضّل أشتغل شغلي العادي ومش حابب اروح معاها التالت.
منحتني كاسي إسبوع من السلام، ورجعت تعاملني ببرود زي زمان. رجع مكتبى خنيق ودمه تقيل. بقيت بروح البيت بدري وبريا بقت بتحضرلي العشا وكله كان طبيعي.
لكني كنت بحس إن بحبس أنفاسي وأنا مع بريا، وبلاقي عقلي بيروح أماكن كنت فيها مع كاسي. حاولت ما أبنش شرودي لكن بريا دايما كانت بتقدر تشوف الي جوايا. قالت لي:
- حاسة غنك متغير، سرحان بقالك اسبوع. أنا فاهمة طبعا إن ممكن ماتكونش مستعد تتكلم، علشان كده هاسيبك براحتك.
- انا مش رسحان..انا تعبان بس ومرهق.
- حبيبي، أنا شوفت تعب وأرهاق منك أكتر من كده بكتير، بس الي إنت فيه ده مختلف.
بصت بريا بعيد عني، والحزن خيم على وشها وهي بتقول:
- طول عمرك كنت محافظ على مسافة بينك وبين كل الناس حتى أنا، بس كنت بتخلي بالك مني، بتجاملني وتظهرلي حبك، بتبوسني قبل ما تنزل الشغل، بتجيبلي اي حاجة صغيرة من وقت للتاني..التصرفات دي كانت كبيرة أوي بالنسبة لي. لكن الأسبوع ده إنت متغير وعارفة إنك مش هاتحكيلي، بس إنت محتاج تشوف مالك وتتعامل مع الوضع.
- آسف..الشغل بس أصعب مما توقعت.
ضحكت بريا في سخرية وقالت:
- مش عارفة غنت فاكر إنك بتضحك عليا ولا على نفسك، بس إحنا الإثنين عارفين انه مش الشغل. عموما أنا محتاجة أقضي وقت مع أمي، ضهرها بيوجعها ومابقتش اقدرة تقوم من السرير. هاشعده شوية في البيت.
في أوقات معينة كنت بشوف بيريا مثالية جدا، متعاطفة، متفهمة..بتبقا عارفة أنا محتاج إيه وبتديهولي قبل ما أطلبه..ده الي مصعب عليا حياتي..أنا عارف قد إيه انا قذر وأني ما أستاهلش بريا.
بليل، الحلم جه تاني.
في البداية شوقت كاسي بس وعتقد إننا كنا في سيرسي، لكن الحلم مكانش مخليني اميز المكان. كنت ماشية ناحيتي وسط الضباب، عارية..
حضنتها واتلفيت في عطرها، لكن جسمها إنهار في حضني وطلع من جثتها أذرع أخطبوطية كأني في فخ شيطاني. اما فتحت عينيا كانت بريا نزلت..وسابتني أدور على نفسي بنفسي.
____________________________
البوليس جه تاني، بس ما قعدوش كتير. التحقيق كان قصير وسريع. كان في قدام المستشفى عربية إسعاف وعمال نظافة علشان ينضفوا الفوضى الي كانت حاصلة. إستخبيت في الركن تاني وشفت الجثة متشالة على النقالة، ويادوب قدرت أميز إن الجثة لرجل إيديه متقطعة.
محدش إتكلم عن الحادث، وكأن محدش لاحظه. غرابة الصمت ده قلقتني فعملت حاجة مش معتاد عليها..دورت على كاسي وروحت قعدت جنبها وسألتها:
- إيه الي حصل؟
- استاذ بيتشمان مات.
قالتها ومارفعتش عينيها عن الورق الي كان معاها.
- مات إزاي؟
- إنتحر.
- أنا شوفت الجثة، محدش بيقتل نفسه بقطع إيديه الإثنين خالص!
- إيه الإهتمام المفاجيء ده بالمرضى؟
- أنا على طول بحاول أساعدهم.
- محاولاتك ماكانتش جادة.
- انا ماقولتش إني عايز أنقذ العالم، بس أما مرضاي يتشالوا متقطعين يبقا لازم أهتم!
- والله؟
- إيه الي حصل للمريض؟
- قلت لك انتحار.
- وانت مش فارق معاكي ده حصل إزاي؟
بصتلي كاسي بيعينها الشاحبة الغريبة، ووقفت ومالت عليا..كانت لابسة جيبة قصيرة. لدقايق سيبت عينيها تتلاقى وشفايفنا تقرب..كنت شامم ريحتها وحاسس بنفسها على خدي. حطت إيدها على رجلي وحسيت جسمي بيشتعل بالرغبة، لكن بعدت عنها بسرعة فتراجعت وابتسمت وقالت:
- حاجات زي كده بتحصل..بعد فترة من وجودك هنا هاتتعود. كل الناس هنا موجودة من زمان وكلهم إتعودوا.
_____________________________
كان لازم ابعد في أجازة نهاية الأأسبوع، كان لازم أطلع كاسي من دماغي هي وسيرسي والأحلام..كنت حاسس إني مسحور ولازم اهرب علشان السحر ده يتفك. الهرب تصرف جبان، بس كان بيهديني.
جيريمي- أخويا- كان دايما سعيد بمقابلتي، اما مراته بروك فتجاهلتني كعادتها. قعدت في بلكونة البيت الخلفية تتفرج على البحر والكلب متكوم تحت رجليها، الحاجة الوحيدة الي كانت بتفكرني إنها موجودة كُحتها المتكررة.
قال لي جيرمي بلهجته الريفية الجنوبية:
- ماجاش في خاطري أبدا تطل علينا فجأة كده يوم جمعة! مراتك مش هاتتقمص؟
- الصراحة انا كنت زبالة معاها مؤخرا.
بص جيريم لمراته وإتأكد غنها مش سامعة وقال لي:
- أنا كمان خلاص مابقتش طايق.
- الدنيا ملخبطة بينكم؟
- كالعادة..إنت عارف مافيش جديد بس الواحد إتخنق.
- تحب نخرج نتمشى؟
- ونجيبلنا إزازتين بيرة مشبرين ندفن فيهم أحزاننا ياخويا.
جبنا البيرة ومشينا كتير على الرمل الأبيض، واخيرا قعد جيريمي على الارض وسألني:
- إيه الي جابك يا إيريك؟
- ولا حاجة..الدنبا مضغوطة شوية وأخويا وحشني.
- بقولك إيه بلاش ملاوعة! أنا مش مراتك يا ولا حد من المجانين بتوعك..أنا أخوك الكبير وتقدر تفضفض براحتك ماتخافش. بس ماتقوليش إن الشوق الي جابك يعني.
أبتسمت، جيريم اخويا الكبير وهو الي كان بيسرق لعبي ويضربني، وهو الي كان بينقذني اما حد كبير يضايقني وكان بيفهمني الدنيا الحقيقيةالقاسية. مايهمنيش ثقافته ولا الدنيا رمته فين، هايفضل كده كده الكبير.
- رئيستي في الشغل عاملالي مشاكل.
- وبعدين؟
- مش عارف، بتتلاعب بيا ومش فاهم إيه هدفها..بتوترني.
- مش فاهم.
- الأول كانت بتتجاهلني وتعاملني ببرود وكنت عادي مرتاح، أصلها كانت بتعامل الكل كده. بعيدن بقت تعزمني على الغدا والعشا وتبصلي بصات غريبة. حاولت أحط مسافة بيننا بس كنت خايف تقفش ومستقبلي يضيع.
- ما اتكلمتش معاها ليه؟ قول لها إنك رجل متجوز وتخلي عندها خِشا وتتلم. أو أقولك علشان ما تطفشهاش، قول لها مراتي بتوريني الويل أما أتاخر ومش هاينفع أخرج معاكي وهاتلاقيها شوية شوية إتلمت.
كلام عاقل، جيريمي كان رجل عاقل، وماكونتش لاقي سبب ما يخلينيش أنفذ الي قاله. شاف جيرمي ترددي فقال وهو بيضحك:
- عامل فيها دَكترة وانت ضارب لخمة زي المراهقين..عايز تنام معاها قول لي وتعالى دوغري كده معايا وأنا أقولك تعمل إيه!
بصيتله وسكت من جرأته فقال:
- ماتقعدش تهزلي في دماغك زي المجاذيب. أول مرة عيني زاغت على واحدة غير مراتي كنت زيك كده وقعدت أقول لنفسي لا ياعم استغفر الله انا مش بتاع الكلام ده..بس بصراحة أنا بتاع الكلام ده عادي!
- بس أنا بحب بريا..بريا مش زي بروك مراتك.
- أخويا..آخر مرة كنا فيها في نيو أورليانز كنت عارف إنت عكيت في إيه بلليل والي عملته مش عمايل واحد بيحب مراته..ده لو في أصلا واحد بيحب مراته يعني.
- عرفت منين؟
- شوفتك مع البنت أم طاووس على ضهرها..
- بس..بس الي حصل مجرد علاقة عابرة.
- إيه الفرق؟ ماهو انا وبين مراتي مافيش إلا العلاقة العابرة دي كل إسبوع. ودلوقتي خلاص لا بقا في عابرة ولا غابرة.
- علاقتي ببريا مختلفة عن الي بتقوله ده.
- أيوه الكلام الشفتشي بتاعكم ده..عندك كلمتين حلوين كبار كده توصف بيهم كل حاجة.
- ده جزء من كوني متعلم.
- بص إضحك على نفسك وبشوقك كده..بس أنا وإنت عارفين الي فيها.
- وإيه الي فيها؟
- الست الريسة حليت في عينيك، وهي بتسوق العوج وتشد وترخي..ممكن تكون لفتت نظرك علشان في مشاكل بينك وبين مراتك وممكن لأ. خش في الموضوع واعمل معاها الي عملته مع البت أم طاووس..نام معاها وأرميها في حارة..دي عدتك ولا هاتشتريها؟ الست تعجبك وتموت عليها، هوب تنول غرضك فترميها وتشوف غيرها. غيرش بس مراتك طولت شوية عارف ليه؟ علشان ماعرفتش تنولها إلا بعد ما إتجوزتها، ولا هاتعرف تنولها لو مشيت وسابتك..الجواز كويس يا إيريك..بيخليك تفكر قبل ما تهجم على اي واحدة تعجبك كده. من ساعة ما لبست دبلة الجواز وأنا بحترم معناها.اه في ستات كتير بتعجبني بس بفتكر كلمتي قدام ربنا وعمري ما نمت مع غيرها أبدا. ده الفرق بيني وبينك..إنت خونت بريا الف مرة واراهنك تقدر تعد الي خونتها معاهم..انت حتى مش فاكرهم..عارف ليه أخوك جيف مش طايقك غيرش بس حق الاخوة؟ أراهن أنك مش فاكر لكنه عمره ما هايسامحك.
جيريمي كان غلطان..انا فاكر..
لسه شايف البنت وجمالها، وفاكر إنها كانت حبيبة جيف وعارف قد غيه كان بيحبها ومحافظ عليها.
بريا كانت مع عيلتها وقتها، وكان عيد الفصح..كنا متجمعين عند جيريمي وجيف جاب حبيبته علشان يعرفها على العيلة. كانت مدرسة وشقرا وطموحة جدا. خدتها واتمشينا بعد الغدا من باب التعارف يعني، وجيف وجيريم راحوا يشتروا حاجات. طول مشينا سوا كنت بقول لنفسي إني مش عايزها وغن بريا حياتي كلها..البنت كانت عاملة زي الكوكايين..ريحتها مغرية وبتسبب الإدمان وماقدرتش أقول لا...
ما أخدتش وقت معايا، وإنهارت. كانت محرومة واخويا كان جاهل..وعدنا بعض إننا مش هانحيب سيرة لحد باللي حصل. لكنها إنفصلت عن جيف بعدها بكم يوم وماخطرش في بالي أسأل عن السبب.
- أعرف منين إن جيف كان عارف؟! هو ما نطقش اصلا!
- وينطق لي؟ إنت هاتفضل بهيم زي ما إنت مش هاتتغير. جيف حط اللوم عليها وقالها لو كنتي بتحبيني حقيقي ماكونتش عملتي كده..انا كمان لومت عليها..هانلوم على اخونا يعني؟! عارف، في يوم هاتعك الدنيا مع الريسة وهاتقول سلام لمستقبلك بسبب الي هاتعمله.
- إيه الحكمة دي؟ الي يسمعك مايقولش إن معاك ثانوية عامة.
- انا بس رجل دوغري ما أحبش اللف والدوران.
قعدت أتفرج على النجوم بتظهر بالتدريج في السما وحاولت ما أفكرش في الي قاله جيريمي. كان سكران..إتمدد على الرمل وبان كرشه الكبير من تحت التيشيرت. بص لي وابتسم فبصيت له كاني باصص لمريض على شيزلونج العلاج.
- إنت بتقول اي كلام على فكرة.
- يعني الريسة مش عاجباك؟
- هي جذابة بشكل مابتوضفش..بس مافيش أي مشاعر جنسية بيننا.
- مش يمكن علشان كده معششة في دماغك؟ بتعجبك الي تتقل عليك وتطلع عينك.
- إنت غيران شكلك.
- ممكن.
- انا مش منجذب لكاسي مطلقا. أنا بحب بريا بس.
- أمال شرفتنا ليه هنا؟
فتحت إزازة بيرة تانية، وبصراحة ماكونتش عارف أنا هنا ليه. كنت بحاول أهرب مش أكتر.
- بقولك..ارجع لمراتك يابني وكلمها بصراحة كده وحلوا مشاكلوا. وطالمها بتحبها كده مابتبطل طفاسة وعك بره؟
- انا بطلت فعلا.
- أما أشوف بعيني الاول أبقا أصدق.
- إحتياجي لإثبات نفسي جنسيا مع كذا ست من القيم المغلوطة الي علمهالنا بابا زمان. أنا عرفت مشكلتي وعرفت علاجها ومش هاخون بريا تاني.
- ما أروعك!
- أن هارجع البيت..
Comments
Post a Comment