المنزل ‏في ‏شارع ‏ميبل- ‏ستيفن ‏كينج

المنزل في شارع ميبل

رغم كونها الأصغر من بين إخواتها، إلا إن ميليسا كان نظرها ثاقب، وهي أول حد أخد باله إن في حاجة إتغيرت في بيتهم في شارع ميبل أثناء ما كانت هي وعيلتها " عائلة برادبوري" في رحلة لإنجلترا.
جريت على أخوها الكبير برايان وقالت له إن في حاجة غريبة في الدور الثالث، وإنها هاتوريهاله لو أقسم إنه مش هايقول لأي حد عن الي لقيته. أقسم برايان وكان عارف إن ميليسا خايفة جوز أمهم يعرف. 
البنت خايف خايفة من رد فعل بابا ليو أما مايعجبهوش (الكلام الفاضي) بتاع العيال على حد تعبيره، وكان معتقد إن ميليسا هي مصدر الكلام الفاضي في العالم أصلا.
ممكن يكون الي شافته ميليسا فعلا كلام فاضي، بس برايان مكانش عنده مانع يهاودها. راح وراها لحد الصالة في الدور التالت وهو بيشاغبها ويشد ضفايرها كل شوية. ان بيقولها إن الضفاير دي فرامل الأمان بتاعتها.
اما وصلوا قدام مكتب ليو، مشيوا على أطراف صوابعهم لأانه كان جوه بيشوف البريد ويفضي شنطه، وسمعوه وهو متعصب جوه وبيبرطم مع نفسه.
برايان كان بيفكر هايتفرجوا على إيه في التليفزيون الليلة بعد ملل القنوان الإنجليزية الي عانوا منه في الأجازة، أفكاره إتبخرت اول ما شاف الي أخته بتشاورله عليه في نهاية الصالة الطويلة.
همست ميليسا:
- إحلف تاني إنك مش هاتقول لحد، ولا لبابا ليو ولا لأي حد وإلا تموت!
- أحلفلك.
كان لسه برايان باصص لشيء الي بتشاور عليه ميليسا، ومش قبل نص ساعة أما عرف يجمع أفكاره وراح حكى لأخته الأكبر لوري، الي كانت بتفضي شنط سفرها في أوضتها.
لوري برغم كون عمرها حداشر سنة بس، إلا إنا كانت بتعتز بخصوصيتها وزعقت لبرايان علشان دخل عليها بدون ما يخبط الباب.
- أسف يا لوري، بس لازم أوريكي حاجة عجيبة أوي.
كملت لوري رص هدومها في الدولاب، أصل إيه الي ممكن يثير إهتمامها في كلام طفل عنده سبع سنين..لكن الفضول دفعها تسأل:
- فين؟
- فوق في الدور التالت، أخر الصالة بعد مكتب بابا ليو.
كرمشت لوري مناخيرها زي كل مرة بتمسع فيها أخواتها الأصغر بيقولوا لليو "بابا". هي وترينت كانوا فاكرين أبوهم الحقيقي ومكانوش بيحبوا بديله ده.
كانوا بنادوه لويس. لويس إبفانز مكانش عاجبه طبعا تصرفهم ده.
قالت لوري لبرايان:
- مش عايزة أطلع فوق، لويس مزاجه مش حلو من ساعة ما رجعنا.ترينت بيقول إنه هايفضل مش طايق نفسه كده لحد ما المدارس تفتح ويرتاح مننا شوية.
- ماتخافيش باب المكتب مقفول، وبعدين إحا هانمشي بالراحة زي ما عملت أنا وميلسيا وماحسش بينا. عموما خدي معاكي شنطة فاضية ولو قفشنا هانقول له إننا رايحين نحطها في الدولاب الكبير في نهاية الصالة.
___________________
في الدور التالت، طلب برايان من لوري:
- إحلفي إنك مش هاتقولي لحد خصوصا ميليسا وإلا تموتي! أصلي حلفت لها إني مش هاقول لحد.
- ماشي..
كانو شايلين شنطتين احتياطي وماشيين ببطء، لكن جوز امهم كان مشغول وعمال يبرطم ويخبط في الأدراج ويرمي في الورق، ومن تحت الباب إتسربت ريحة مألوفة للوري، ريحة غليون لويس.
أول ما بصت على المكان الي شاورلها عليه برايان، نسيت لويس خالص زي ما برايان نسي برامج التليفزيون.
- إيه ده؟!! يعني إيه أصلا!
- معرفش، بس ماتنسيش إنك حلفتي يا لوري!
- ايوه بس..
- أحلفي تاني!قولي ورحياة ماما..
- وحياة ماما، بس ..يانهار أبيض! إيه ده بس؟!
اللحلفان كان حلفان بالمسبة للوري ماينفعش نكدب فيه، لذلك مسكت لسانها ساعة كاملة وبعدين جابت ترينت يشوف وحلفته مايقولش لحد خاصة برايان وميلسيا! 
ترينت كان الأكبر بينهم وكان عنده 14 سنة، ومكانش هايقول لحد أكيد.
الأخين الأكبر مكانوش مجتاجين يشيلوا شنط فاضية علشان يتلككوا بيها لأن جوز أمهم كان تحت بيتفرج على التليفزيون وبياكل سندوتش كاتشب وكوباية لبن.
سألت لوري ترينت وهو بيبص على الي كان بيبص عليه أخواته قبل كده:
- إيه ده يا ترينت؟
مجاش في خطارها أبدا إن ترينت ممكن مايكونش عارف، ترينت من وجهة نظرها كان عارف كل حاجة. بس ترينت في الشق قدامه وقال:
- مش عارف، حاجة معدن. يارتني كنت جبت كشاف.
مد صوابعه وخبط على المعدن وإتأكد من كونه معدن فعلا. لوري كانت مرعوبة من الحركة دي. سألته:
- المفروض يكون في معدن في الحيطة؟ قصدي يعني هل كان موجود من الأول؟
- لا. أنا فاكر آخر رمة كانوا بيصلحوا فيها الحيطان، اما ماما إتجوزت إسمه إيه ده، مكانش في أي معدن.
- أمال كان في إيه؟
- الحيطة طبقتين، الطوب من بره وبعدين فراغ وبعيدن الخشب الي إحنا واقفي قدامه ده، بيتدهن بقا أو يتلزق عليه ورق حائط.
مد ترينت غيده في الشق تاني ولمس المعدن وأضاف:
- في الراغ الي بين الخشب والطوب المفروض بيحطوا مواد عازلة..فاكرها ..كانت عاملة زي غزل البنات كده.
- أنا مش شايفة أي غزل بنات، راحت فين؟
- مش عارف، بس أنا متأكد وشوفتهم وهم بيحطوها في الحيطان. المعدن اللي في الحيطة ده حاجة جديدة. يارتى غير الكم سنتي الي ظاهرين من الشق في قد إيه منه تاني مش متشاف؟ ويارتى ده في الدور التالت بس ولا في الحيطان كلها.
إترعبت لوري من الفكرة، معدن غامض ورا الحيطان كلها؟!
___________________________
تاني يوم بعد المدرسة، عقد ترينت إجتماع مع أخواته الأربعة. للأسف الإجتماع بدايته كانت خناقة ميليسا الي أتهمت برايان إنه كشف السر المقدس، وشعور برايان بالحرج بسبب إن لوري حكت لترينت. وإتهم لوري بأنها هاتكون السبب إن أمهم تموت لأنها حلفت بحياتها كذب.
- لا مش هاكون السبب، إنت الي اقترحت عليا أحلف بحياة ماما! يبقا إنت السبب..مش كنت تقول لي احلف بحياة لويس أحسن؟
بسبب ذكر الموت، بدأت ميليسا تعيط وخافت على أمها. أخيرا قال ترينت وهو بيحضن أخته الصغيرة:
- هششش..إسكتوا كلكم. الي حصل حصل، وأنا شايف إن ده أحسن إن كلنا نعرف. حاجو زي كده محتاجة تحري ولو ضيعنا وقت في الخناق مش هاننجز حاجة.
التلاتة كانوا مقتنعين تماما إن طالما ترينت قال حاجة تبقا أكيد صح. بص ترينت للساعة وكانت تلاتة وتلت. الفكرة إنهم يستغلوا غياب لويس عن مكتبه في محاضراته في الجامعة، ونوم أمهم بسبب نوابت صداعها المتكرر ويروحوا يشوفوا الشق ويفحصوه قبل ما يخلص لويس شغله بسرعو ريجع في حدود الساعة خمسة.
الحماس كان واخد الأولاد كلهم بسبب حماس ترينت، لأن ترينت أما يتحمس لشيء يبقا الشيء ده فعلا يستاهل الحماس. سألته لوري:
- قول لنا بس يا ترينت هانعمل إيه وإحنا ننفذ.
- هاقولكم على شوية حاجات هانحتاجها الأول..
__________________________
مجرد ما إجتمعوا حوالين الشق في الدور التالت، شال ترينت ميليسا عشان تنورلهم الكشاف ويشوفوا كويس. كلهم قدروا يميزوا المعدن الي مكانش لامع كفاية إنه يعكس الضوء. راي ترينت إن المعدن ده كان حديد مخطلوط زي الستانلس ستيل.
- ناولوني الشنيور..
الشنيور كان ملك لأبو الأولاد، ولأن لويس مالوش في الأشغال اليدوية فمكانش بينزل البدروم اصلا. الاولاد كانوا خافيفن من صوت الشنيور، لكن ترينت طمنهم وقال:
- بصوا أنا هاركب السن الرفيع..شايفين رفيع إزاي..مش هايعمل صوت عالي..ماتخفوش إحنا هانحفر بيه ورا اللوحات فمش هايبان أثر. عايز بس أعرف المعدن واصل لحد فين.
طالما ترينت قال إن الشنيور مش هايعمل مشاكل، يبقا مش هايعمل مشاكل. كان في حوالي 12 لوحة على جدران الصالة في الدور التالت. نزلت لوري لوحة منهم وخلت برايان يمسكها، وبدأ ترينت يحفر بالشنيور. بعد ما جربوا  ورا سبع لوحات ومكانش فيه حاجة، جه ترينت بطل الشنيور وهو بيحفر ورا اللوحة التامنة.
- في حاجة ناشفة ورا الحيطة...مش خشب خالص.
فعلا على ضوء الكشاف شافوا نفس المعدن.
جربوا ورا باقي اللوحات لحد ما وصلوا جنب باب مكتب ترينت، وكان وراهم فاضي..مافيش الا مادة العزل الي شبه غزل البنات.
قرروا يجربوا الناحية التانية من الصالة، بس مكانش في أي معدن، وقبل انتهائهم من تعليق آخر لوحة مكانها، سمعوا صوت عربية لويس تحت البيت.
اللوحة وقعت من إيد برايان، فلحتها لوري، لكنها مكانتش قادرة تمسك اعصابها وترفع اللوحة وتعلقها. ترينت أخد منها اللوحة وعلقها. لقاها معووجة فرجع وعدلها.
في نظر أخواته، ترينت كان إله، سريع البديهة وبينقذهم في كل المواقف. همس لهم:
- بسرعة إنزلوا أقعدوا قدام التلفيزيون.
بصت ميليسا على اللوحة ولقتها إتعوجت تاني، قالت لترينت:
- الصورة معووجة..ترينت..
لوري قالت لها:
- إنزلوا إنتوا بس.
صوت باب البيت تحت إتفتح واتقفل. لو إن بس لويس يروح يعمل لنفسه سندوتش تصبيرة ولا أي حاجة هايكون ممتاز. المهم مايطلعش مكتبه دلوقتي..لو طلع هايقابل برايان وميليسا على السلم، وبصة واحدة في وشهم هايعرف إنهم كانوا بيعملوا جريمة.
نزلوا الأاخوة الأصغر بسرعة ونزل ترينت ولوري وراهم بس ببطء، وللحظة مكانش في غير صوت خطوات أخواتهم على السلم، لكن فجأة سمعوا صوت لويس بيصرخ:
- وطوا صوتكم أمكم نايمة!
كأن صوته ده مش هايصحيها! 
المهم إنه ماشفهومش، ونزلت لوري وترينت بهدوء لأوضهم.
_________________________
بليل كان ترينت لسه بيحاول ينام، اما لوري فتحت عليه باب أوضته وقعدت جنبه على السرير.
- إنت مش بتحبه صح؟
- مين ده؟
- لويس..إنت عارف قصدي إيه يا ترينت.
- عندك حق..مابحبهوش.
- إنت خايف منه صح؟
بعد لحظات صمت رد ترينت:
- أيوه..ِشوية..
- شوية بس؟
- يعني..أكتر شوية من الشوية..
غمزلها علشان تضحك، لكن لوري كانت مهمومة وخايف بزيادة. سألها:
- مالك؟ إنتي خايفة يأذينا؟
لويس كان بيزعقلهم كتير، لكن عمره ما لمس حد فيهم..إلا مرة واحدة، اما برايان دخل مكتبه، فقام ضاربه على مؤخرته جامد. برايان حاول مايعيطش لكنه في النهاية كان طفل وعيط، وأمهم كمان عيطت. واضح إنها إتخانقت مع لويس بعدين لأانهم سمعوه بيزعقلها.
بس في النهاية كانت مجرد ضربه على مؤخرة طفل بيعرف يبقا رخم ولزج كويس أوي.
- ايوه خايفة، ولا إيه رأيك؟
فكر ترينت شوية، وشبك صوابعه ورا راسه وقال:
- لا ما أظنش. ما أفتكرش هايضربنا، رغم إنه يقدر يضرب..فاهماني؟ اعتقد إنه بيأذي ماما وبيزودها معاها كل يوم أكتر من التاني.
لوري كانت عايزة تعيط، ليه الكبار بيبقوا أغبيا كده برغم إن كل شيء واضح قدامهم؟ لوري قالت:
- ماما مكانتش عايزة تروح انجلترا أصلا..بعدين شوفت شخط فيها إزاي؟
- ماتنسيش كمان نوبات الصداع الي ملازماها. النوبات الي بيقول إنها بتكلم نفسه فيها..أعتقد إن ماما ندمانة على أختيارها له.
- هو ممكن....يتطلقوا؟
- لا لا..مش ماما الي تطلب تتطلق.
- يعني مافيش حل؟!
ترينت مكانش عنده إجابة ولا حلول..
____________________
خلال العشر الأايام التالية، حفر الأولاد عشرات الثقوب في كل حيطان البيت حتى أوضهم والمطبخ والحمام، ومكانش في معدن في اي دور من أدوار البيت؟
ونسي الاولاد الموضوع كله لفترة.
بعد شهر، أما رجع لويس للتدريس في الجامعة بشكل يومي منتظم، جه برايان لترينت وقال له إن في شق تاني في الدور التالت.
راح الأولاد – ماعدا لوري الي كانت في تمرين- وشافوا معدن ورا الشق.
امهم كانت يف اوضتها بتعاني من الصداع، بعد خناقة على حاة تافههة بينها وبين لويس الليلة الي قبلها. لويس كان مصمم يعزم صحابه من هيئة التدريس، وأمهم كانت شايفاها فكرة سخيفة مالهاش أي معنى لأنه مش مصاحب حد فيهم اصلا، فإيه فكرة العزومة. لكنها أخيرا استسلمت بعد خناق طويل.
الشق الجديد كان في الناحية الغربية من الجدران، مابين باب المكتب والسلم. كان واسع ومبين المعدن برغم إنهم المرة الي فاتت كانوا متأكدين أن مكانش في إلا المادة العازلة في المكان ده. قال ترينت في قلق:
- إحنا لازم نشتري ورق حائط جديد، مش هاينفع لويس يشوف الشق ده، لازم نغطيه.
سألت ميليسا:
- وليه مش لازم يشوفه؟
ترينت ما ردش لأنها مكانش عارف السبب.
______________________
بدأ الأولاد يحفروا تاني، وإكتشفوا إن في معدن حوالين كل حيطان الدور التالت بما فيهم حيطان مكتب لويس. قدر ترينت يتسلل للمكتب في يوم وخرم الحيطة وشاف بنفسه.
____________________
أم الأولاد كانت شاحبة بشكل ويادة اليومين دول، جتى إن ميليسا لاحظت. اما الأاولاد كانوا بيسألوها عن صحتها كانت دايما تبتسم وتقول إنه (زي البمب) ، وأما كانوا بيعلقوا على نحافتها كانت بتقولهم إنها عاملة دايت علشان ترجع شباب تاني.
لوري كانت الأقرب لأمهم، وكانت عارفة إنه بتكذب. ولو إن كل واحد فيهم سألها لوجده كانت هاتجاوب كل واحد إجابة مختلفة. لكن محدش فيهم جرب يعمل ده جتى ترينت الي بيخطر في باله كل حاجة.
مع إستمرا حفر الحوائط، لاحظ الأولاد إن لمعدن قرب يغطي الدور الثاني كله ماعدا حيطة من حوائط أوضة لوري.
قالت لوري:
- لسه ماوصلش هنا..
قال برايان فجأة كأن جت له فكرة:
- جرب الأرض يا ترينت خلينا نشوف لو في حاجة تحتها.
مكانش في معدن تحت أرضية أوضة لوري، لكن كان في تحت باقي الأوض. الأغرب إن الأاسقف كمان كان فوقها نفس المعدن. لوري الوحيدة الي لاحظت قد إيه ترينت شال الهم أما أكتشفوا أن المعدن بيبلع البيت كله.
______________________
المرة دي، ترينت هو الي راح للوري أوضتها، ومكانش جايلها نوم. الأثنين مكانوش بيناموا كويس بقالهم حوالي اسبوعين.
- إنت كان قصدك غيه إن المعدن ماوصلش لسه لأاوضتك؟
-واضح يعني..المعدن ده بينمو جوه حيطان البيت كأنه كائن حي...بيسرق البيت.
- بيسرق البيت...ممممم..
مدد ترينت جنبها على السرير وبص على بوستر كريسي هايدن المتعلق قدامه. فعلا كان حاسسان البيت بيترسق، وان المعدن ده بيتصرف كأنه كائن حي.بس إزاي ممكن المعدن يكون كائن حي؟ قال وري:
- بس ده مش أسوأ حاجة على فكرة..المشكلة إنه بيتسلل..ده الي مخوفني. محدش عارف هو جاي منين ولا معنى وجوده إيه..
حاسة إن في حاجة هاتحصل يا ترينت. بس معرفش إيه هي..كأنك في كاوبس مش عارف نهايته ولا عارف تصحى منه. إنت كمان حاسس كده؟
- تقريبا، حاسس إن في حاجة هاتحصل، وتقريبا عارف إيه هي.
قامت لوري وعدلت نفسها بسرعة في وضع الجلوس، ومسكت إيديه وقالت:
- إنت فعلا عارف؟ إيه هايحصل؟!
- مش متأكد، أعتقد إني عارف بس مش مستعد أحكي الي بيدور بالي دلوقتي. لازم أبص تاني كده
- هانحفر تاني؟ كده هانتكشف!
- ماقولتش حفر، قولت نبص تاني.
- نبص على إيه تاني؟
- عايز أشوف لو في حاجة لسه ما ظهرتش، حاجة هاتكمل الموجود ده وتديله معنى..مش عارف إيه هي الحاجة بس لو ظهرت مش هاتستخبى.

____________________________
قبل حفلة لويس بيومين، ترينت لقا الي بيدور عليه.
كأخ أكبر، كان المفروض سلاحظ إن أمه بقت مريضة زيادة عن اللازم، خست جدا، بشرتها بقت شاحبة لدرجة الإصفرار، كان لازم يلاحظ إزاي كانت ماسكة دماغها على طول على الرغم من كونها بتنكر – لدرجة مرعبة- إن عندها صداع.
ترينت مالاحظش كل ده لأانه كان مشغول بحاجة تانية. كان بيدور ورا كل الدولايب في البيت بما فيهم دواليب مكتب لويس. كان لبيدور مرة واتنين وتلاتة لحد ما لقى الي بيدور عليه في المخزن.
لكن مانقدرش نقول إنه مالاقاش حاجات تانية غريبة أثناء بحث. مثلا كان في اُكرة معدن نازلة من سقف دولاب في الدور التاني. دراع معدنية مزخرفع طالعة من جنب دولاب الشنط في الدور التالت. الدراع كانت باهتة لحد ما لمسها ولقاها نورت نور محمر خفيف، وسمع صوت كان في آله بعيدة شغالة جوه الجدار. مجرد ما سحب إيده عنها في ذعر رجعت باهتة تاني والصوت وقف.
في العلية، إكتشف مجموعة أسلاك رفيعة جدا متشابكة في ركن مظلم. كانت ماسكة الحوائط والسقف والأرض ببعض وكأنها نابعة منهم.
حس ترينت أن الأسلاك ده موجوده علشان تحمي البيت أثناء الإهتزازات والضربات..بس اهتزازات إيه وضربات إيه؟ إيه الي جاب الفكرة دي في دماغه أصلا؟
لكن ترينت كان عارف، كان حاسس..
كان في دولاب صغير للخمور، بقا مهجور حاليا بعد رحيل أبوه، وأمه مابقتش بتشرب لأانه لويس كان مانعها من ده. الدولاب كان عليه قفل لكنه كان مفتوح من زمان، كان محطوط بس علشان باب الدولاب ما يتفتحش كل شوية، ومكانش حد بيقرب من الدولاب ده من بعد رحيل أبوه. وبرغم إن لي شافه أما فتح الباب رعبه لكنه كان متوقعه بشكل ما.
كان في اداه معدنية طالعة من وسط الأزايز وكاسراها، كانت أداة لسه مش مكتملة، لكن كان صادر منها ضوء قوي. الأداة دي كأنت شبه لوحات التحكم الي بيكون فيها عدادات وأزار. كل شيء في الأداة كان لسه بينمو وبيظهر قدام الولد بالتدريج. وظهر قدامه عدد من اللمبات الي كانت بتنور بشكل متقطع. الأنورا بدات تاخد شكل أرقام باينة من تحت لوح زجاجي، وبدأ التراب حوالية يتحرك وظهر جنبه بدايات كرسي غير مريح، على الأأقل بالنسبة لنسب جسم الإنسان.
إرتعد ترنت من الفكرة ومن الي بيظهر قدام عينيه بالتدريج. الأرقام وضحت أكتر وكانت:

72:34:18

بعد ثانية واحدة بقت:
72:34:17
 الأرقام كانت عداد تنازلي..يارتى هايحص إيه في نهاية العد ده؟
فاضل على اللحظة دي تلات أيام تقريبا..
ترينت من جواه كان متأكد إنه عارف إيه الي هايحصل، كل طفل أمريكي عارف إيه الي ممكن يتوقعه بعد إنتهاء عد تنازلي، إما إنفجار أو إقلاع..هو ده الي بيحصل دايما في القصص المصورة والسينيما.
فكر تيرنت في إن في أدوات كتير أوي على إن الي يحصل يكون إنفجار. في شيء ما بدا ينمو ويستحوذ على البيت أثناء سفرهم. ممكن طبعا الي بيحصل يكن شيء تاني خالص غير الي خطر على باله، فرغم كونه الأكبر بين الأاخوة برادبوري، إلا إنه برضو لسه طفل بينام بعمق بعد أكله بيتزا محترمة، وبيصدق حدسه حتى لو غير مقنع.
كل ده مايهمش، مش مهم الي حصل، المهم إيه الي هايحصل.
أما طلع ترينت من دولاب المشروبات المرة دي، ماقفلش الباب وخلاص، لا قفله بالقفل وأخد معاه المفتاح.
_______________________________
في شيء مريع حصل في حلفة زملاء لويس..
الساعة تسعة إلا ربع، بعد ساعة إلا ربع تقريبا من وصول أول الضيوف، بدأ يتختنق لويس مع أم ألاولاد لأانها ما عملتش أي شيء يدل على إهتمامها بحفلته. سمعه ترينت ولوري وهو بيعلي صوته ويقول:
- مايهمكيش الناس في القسم تقول عليا إيه؟
رد الأام كان مجرد بكاء مكتوم، وللحظة حس ترينت بغضب شديد تجاهها. ليه رضيت تتجوزه من الأاساس؟ تستاهل الي يحصل لها.
إتضايق من نفسه علشان فكر في كده، وبعد الخواطر دي والتفت للوري لقاها هي كمان بتعيط، والحزن في عينيها طعن قلبه. قالت له وهي بتمسح دموعها بضهر إيدها:
- حفلة جميلة مش كده.
حضنها ترينت علشان تكمل عياطها في صدره ومحدش يسمعها.
________________________
كاثرين إفانز، أمهم، كانت بتكدب بخصوص تعبها. كانت بتعاني من صدع نصفي لمدة إسبوعين متواصلين، خلالهم مكانتش بتتاكل حاجة تقريبا وخست 15 رطل.
الي حصل وخلا لويس يتخانق معاها بالشكل ده نها كانت بتقدم المشروبات لضيوف لويس وفجأة داخت ووقعت صينينة الاكل المشروبات على رئيس قسم التاريخ في الكلية ومراته وهدومهم الي كانوا شاريينها مخصوص للمناسبة دي باظت تماما.
بريان وميليسا سمعوا الدوشة تحت ونزلوا على أطراف صوابعهم يشوفوا في إيه. مكانش مسموح لأي حد من الأأولاد ينزل للحفلة لأن بابا لو قال:
- الناس في الجامعة ما بيحبوش يشوفوا أطفال في الحفلات الي زي دي. مش صح خالص وهاويصلهم إحساس سلبي تجاهي.
أما شافوا أمهم واقعة على الأارض بين الناس، نسيوا تعليمات جوز أمهم وجريوا عليها في ذعر وفضلوا يزقوا في اعضء هيئة التدريس الملمومين حاليا لدرجة إن منهم وقعوا على الأرض وإتكعبلوا في الأثاث.
- ماما! ماماااااا! اصحي يا ماما!
فضل برايان يصرخ لحد ما بدأت امه تفوق. قال لويس في برود للأولاد:
- إطلعوا فوق فورا.
اما مالاقاش منهم إستجابة، ضغط على كتف ميليسا بكفه لحد ما تألمت، فبصت له وهي بتقاوم إنها تصرخ. قال لها:
- إنت وأخوكي إطلعوا أوضتكم حالا..
فجأة لقها ترينت قدامه بيقول له بصوت قوي وواضح:
- شيل إيدك من عليها يا حيوان!
رفع لويس عينيه ببطء وسط الناس الواقفة شاهدة على فضيحته. شاف ترينت ولوري عند الباب. ترينت كان شاحب لكن وشه كان عليه تصميم غريب. كان في عدد محدود من الحضور عارفين زوج كاثرين السابق، واستغربوا من الشبه الغريب بينه وبين إبنه ترينت..كأن بيل برادبوري قام من الموت ووقف يدافع عن بنته.
قال لويس:
- إنتم الأربعة إطلعوا فوق، مافيش حاجة هنا تهتمكم..
زوجة رئيس القسم الي كانت في المطبخ بتغسل فستانها، رجعت وشافت ترينت لسه بيقول في إصرار:
- شيل إيدك مع ميليسا.
وكملت لوري:
- وابعد عن أمنا.
الأم كانت بتتحاول تقوم، الصداع كان زال وحسسها بالضغف والخواء. اكتشفت إنها عملت شيء مروع واحرجت لويس، او يمكن كمان فضحته..بس كانت سعيدة إن الصداع اخيرا زال بعد اسبوعين من الألم المتواصل.
كان كل همها تطلع أوضتها تنام.
قال لويس للأولاد الاربعة:
- إنتوا هاتتعاقبوا على كل ده..
بعدها قال للضيوف:
- أنا آسف لتصرفهم غير المسؤل ده، مراتي متساهلة معاهم زيادة على ما أعتقد.. محتاجين شوية أدب...
زوجة رئيس القسم فجأة قالت:
- ماتبقاش عِنَدي كده، مراتك أغمى عليها والولاد خافوا مش أكتر.
قالت واحدة تانية من الضيوف:
- كلام سليم..طبيعي الأولاد يخافوا على أمهم..,كمان طبيعي الأزواج يخافوا على زوجاتهم.
لويس ما أخدش باله من عبارة الضيفة الاخيرة لأنه كان مركز على الأاولاد وهم ساندين أمهم وطالعين بها السلم.
الحفلة كملت بشكل شبه طبيعي بعد كده. كاثرين أول ما حطت دماغها على المخدة نامت، الأولاد سمعوا لويس عايش حياته تحت من غيرها.
ترينت كان شاكك إن لويس كان عايز يخلص منها وإرتاح إنها مشيت، لأنه حتى ما طلعش يتطمن عليها ولا مرة لحد ما الحفلة خلصت.
_________________________
بعد ما آخر ضيف مشي، طلع لويس وامر مراته إنها تصحى فصحيت، كعادتها في سماع كلامه على اي حاجة. بعدها راح أوضة ترنت ومد رقبته من الباب ولقا الأولاد كلهم قاعدين. قال:
- كنت عارف إنكم هاتكونوا هنا..بتتآمروا. هاتتعاقبوا كلكم بكرة. اما النهاردة فعايز كل واحد يروح سريره ويفكر في اللي عملتوه..ومش عايز أشوف حد منكم بره أوضته.

الأولاد كانوا مرهقين جدا ومش قادرين يعملوا أي حاجة غير إنهم يناموا فعلا. لكن بعد شوية لوري رجعت لأوضة ترينت وسمعوا سوا خناقة لويس مع أمهم.
سألت لوري ترينت:
- هانعمل إيه؟
- نعمل؟ وهانعمل إيه يعني تفتكري؟ ولا حاجة.
- لا يا ترينت لازم نتصرف! لازم نساعد ماما.
- لا مش هانساعدها..
ابتسم ترينت ابتسامة غامضة وقال:
- البيت هايساعدها!
بص لساعته وأضاف:
- بكرة على الساعة تلاتة وتلاتة واربعين دقيقية العصر، البيت هايتصرف!
_____________________________
 لويس ماعاقبهومش تاني يوم لأنه كان مشغول في تجهيز سيمينار الساعة 8. قال للأولاد إنه هايشوفهم في مكتبه بلليل كل واحد لوحده وهايعرفهم غلطهم بطريقته.
برايان وميليسا كانوا بيعيطوا وهم حاضنين بعض. برايان كان خايف يضربهم زي ما ضربه على مؤخرته قبل كده، لأن ضرباته كانت مؤلمه جدا.
التفت لهم ترينت وقال:
- مافيش ضرب ماتخافوش..اسمعوني كويس ماتفوتوش كلمة..الي هاقوله مهم وماينفعش حد فينا يبوظ حاجة أو مايسمعش الكلام.

ست عيون واسعة خضرا بصت لوشه في إهتما، فكمل:
- مجرد ما المدرسة تخلص، ميليسا وبرايان، ترجعوا البيت على طول، بس ما تدخلوش..خليكم عند ناصية شارع ميبل وولنت..مفهوم؟
رد ميليسا:
- حاضر..بس ليه؟
- مهم ليه..هاتقفوا جنب صندوق البريد..لازم توصولوا قبل الساعة تلاتة..مفهوم؟
- مفهوم:
- أنا ولوري هانستناكم هناك أو هانحصلكم على طول حسب الظروف.
سألت لوري:
- إزاي هانوصل الساعة تلاتة يا ترينت؟ مدرستنا يادوب بتخلص الساعة تلاتة هانرجع إمتى؟
- إحنا مش هانروح المدرسة اصلا النهاردة.
قالت ميليسا في فزع:
- عيب يا ترينت ماينفع حد يزوغ من المدرسة!
- علشان كده روحي إنت وبرايان ياللا الحقوا مدرستكم. ماتنسوش ميعادكم، تلاتة تلاتة وربع بالكتير أوي...وماترجعوش على البيت أبدا..
__________________
بعد ما برايان وميليسا راحوا المدرسة، مسكت لوري في هدوم ترينت وطلبت منه يشرحلها إيه الي هايحصل فقال لها:
- في حاجة لها علاقة بالي بينمو جوه الحيطان، المهم بطلي زن ووطي صوتك قبل ما ماما تصحى وتودينا المدرسة.
أخد ترينت لوري وراح بها لحد دولاب المشروبات القديم. ترينت مكانش متأكد إن كانت لوري هاتتفق مع رؤيته للأمور وخطته ولا لأا. بس كان واثق إنها بتكره لويس ومستعدة تعمل اي حاجة علشان تحمي أمهم.
شافت لوري كل الي شافه ترينت، وقدامها العداد كان مكتوب عليه:
07:49:21
الدولاب نفسه مابقاش دولاب خلاص، بقا عبارة عن أجهزة تحكم كتيرة زي الي بيشوفوها في أفلام حرب النجوم، وكلها أنوار ولمبات بتنور وتطفي.
لويس كان يستاهل أي شيء يحصل له، وفورا لوري وافقت على مساعدة ترينت في أي حاجة، حتى لو هم الإثنين مش فاهمينها.
لكن ترينت بدأ يقلق، هو هايعمل إيه وإيه بالضبط الي هايحصل للويس؟ موقفه فكره برواية أبوه جابهاله زمان، عن وحش حط بنت صغيره في ظرف وكتب عليه (إلى من يهمه الأأمر) وحطها في صندوق البريد! ده بالضبط الي هايعمله مع لويس.
صارح لوري بمخاوفه، قالت له:
- إحنا لو ماخلصناش منه هايموت ماما!هو مش مجرم علشان يقتلها، ماهو برضو بيحبها، بس ممكن يفضل يرخم عليها وهي تعيا أكتر لحد ما تموت.

لوري كانت باصة للأجهزة في إفتتان وكأنها منومة مغناطيسيا. مسكت غيد ترينت وقال له:
- قل لي عايزني أعمل إيه وهاعمله.
________________________
طلعوا سوا لمكتب لويس وأخدوا مفتاح المكتب معاهم، ونزلوا راحوا الحديقة العامة لأن أمهم كانت صحيت. كان أطول يوم مر عليهم في حياتهم. الساعة اتنين ونصف، إدى ترينت للوري عملة معدنية وطلب منها تروح لكابينة التليفون العمومية.
سألته لوري:
- مش بحب أخوفها..تفتكر هاتستحمل بعد تعبها إمبارح؟
- إنت عايزاها تكون في البيت أما يحصل الي هايحصل؟
حطت لوري العملة فورا في الفتحة المخصصة، وطلبت رقم بيتهم. فضل التليفون يرن لحد ما قربت تيأس إن أمها ترد..الموضوع مطمئن ومقلق في نفس الوقت..لو إن أمهم خرجت ففي إحتمال ترجع قبل الساعة أربعة إلا ربع وتكون في البيت وقت ما الي هايحصل يحصل..و ممكن تفضل بره لحد بليل..بس...فجأة ردت كاثرين:
- آلو؟
- ماما..كنت فاكراكي مش في البيت!
- معلش رجعت نمت تاني..بصراحة مش قادرة أستوعب المصيبة الي عملتها إمبارح في..
- ماما إنت ما عملتيش مصايب..كل الناس بتتعب وتعيا عادي والأ.........
- لوري..إنت بتتكلمي منين؟! إنت كويسة؟
- ا..ااصل..ماما أنا أتعورت في الجيم..مش تعويرة جامدة يعني..
- إنت بتتصلي من المستشفى؟!
- لا لا! ركبتي إتلوحت بس..كنت عايزاكي تيجي تاخديني من المدرسة
- جاية حالا!.
قفلت لوري السماعة ووشها أحمر وقلبها هايقف من التوتر.
- برافو يالوري..
- كده مش هاتصدقني تاني طول عمرها.
- هاتعذرنا..تعالي..
مشيوا تجاه شارع وولنت، وبدأ الجو يغيم ويقلب. أستنوا خمس دقايق عند الناصية لحد ما إتأدوا إن عربية أمهم مشيت. سحب ترينت لوري ناحية كابينة التليفون وقال لها:
- دلوقتي كلمي لويس بقا.
أما ردت عليهم عاملة تليفون الجامعة، قالت لهم إن لويس في محاضرة، لكن لوري قال لها إن في حالة طواريء في بيته خاصة بمراته ولازم يرد عليها فورا.
الجو كان عاصف وبارد بشكل مفاجيء، وإستنى ترينت ولوري فترة لحد ما يوصلوهم بلويس، ترينت كان على أعصابه لأن الوقت بيعدي. سألته لوري وهي متوترة:
- لو ماردش علينا أو قفلوا الخط؟ لو ماجاش أصلا وطنش؟!
- يبقا روحنا في داهية..بس لا..هاييجي..إستني وهاتشوفي.
أخد ترينت السماعة من لوري، كان قلقان أحسن لويس يشوف برايان وميليسا واقفين عند الناصية..كان قلقان من كل حاجة بس ماينفعش يبين.
رد عليهم صوت لويس أخيرا..
- آلو:
- أنا ترينت! ماما في مكتبك شكل الصداع رجعلها تاني لأنها أغمى عليها جوه ومش عرفين نصحيها.
- في مكتبي؟! مكتبي؟ بتهبب إيه هناك؟!
برغم غصب لويس إلا إن ترينت رد عليه في برود:
- بتنضف...الورق كان مالي الأرض..
- أنا جاي حالا! لو الشباك مفتوح اقفلوه، في عاصفة جاية..

كده لويس لقط الطعم وهاييجي فورا.
قفل ترنت السماعة وفضل يضحك في خبث هو ولوري. قال ترينت:
- المخبول ما ركزش حتى إزاي إحنا في البيت وليه ماروحناش المدرسة!
جريوا لحد الناصية الي هايستنوا فيها أخواتهم الأصغر. الدنيا كانت ضلمت من كتر السحاب، وصت الرعد بدأ يقرب أكتر. 
اما وصلوا عند صندوق البريد، ميليسا وبرايان كانوا جايين جري من أول الشارع. قالهم ترينت:
- - جميل..روحوا إنتم التلاتة عند بيت مدام ريدلاند واستنوا لحد ما عربية لويس تعدي، بعدها إرجعوا تاني لنفس المكان هنا محدش يرجع البيت..إستنوني هنا.
قبل ما حد يتكلم، جري ترينت على البيت، وكل ما كان بيقرب كان بيحس إن البيت بيشع حرارة بترعبه..كان فاضل بس 19 دقيقة..
طيب لو لويس إتأخر؟
مافيش وقت للقلق...
طلع ترينت الدور التالت وهو حاسس إن المكان كله بيتهز، جري على مكتب لويس ورمى وملفات على الأارض. مكانش ينفع يعمل كده الصبح لأنه أمه كان هاتلاحظ الفوضى.
مجرد ما خلص سمع صوت عربية لويس تحت البيت. جري ترينت لركن ودور على مفتاح المكتب في جيبه لكنه مالاقهوش! إزاي هايقفل على لويس أما يدخل المكتب! 
الشق في الحيطة جنبه كان سخن وبيشع بنور غامض..صوت خطوات لويس في الدور الأول، صوت الطنين المستمر بيعلى.. 
((ياربي! أعمل إيه؟! أعمل إيه؟ لو حاولت أضربه ولا أوقعه هايمسكني..))
حس تينت بتقل في جيب قميصه، مد إيده لقاه المفتاح.. وسط القلق والتوتر نسي إنه حطه في جيب القميص مش البنطلون.
استخبى ترينت في دولاب الشنط أما شاف لويس طالع السلم بينادي على مراته في غيظ. كان قدم ترينت فرصة واحد يقفل الباب عليه أما يدخل، لو إتردد او المفتاح وقع منه كل الخطة هاتبوظ.
(( لو خطتي فشلت هاضربه ويضربني لحد ما نروح سوا..مش هاسيبه يهرب))
أول ما دخل لويس المكتب، طلع ترينت من مخبؤه وقفل الباب بقوة لدرجة إن في رمل نزل من السقف. لقط وش لويس الي أخد باله، بس ما وترش نفسه وحط المفتاح في القفل ولفه، وإتقفل الباب قبل ما لويس يلحق يفتحه من جوه.
- إنت يا كلب يالي بره! كاثرين فين؟ خرجني من هنا!
فضل لويس يخبط في الباب من جوه ويشتم..
بص ترينت للمفتاح في إيده وداخ، الدنيا كانت بتدور حواليه..الأمور بقت جد ومافيهاش تراجع.. مكانش يتخيل إن خطته المعقدة دي هاتنجح..
- خرجني يا ترينت! هاتندم ندم عمرك!
- هاخرجك اربعة إلا ربع يا لويس..ده لو فضلت موجود لأربعة إلا ربع!
من السلم سمع صوت:
- ترينت إنت بخير؟
كانت لوري على السلم..وميليسا...وبرايان..
- أخرجوا من هنا فورا!!!
حس ترينت أن صالة الدور التالت بقا طولها أميال، وكل ما جريوا أسرع كل ما الصالة طولت..
صوت صرحات لويس، صوت الطنين..الرعد..العاصفة..
ومن أعماق البيت تعالى صوت آالات بتشتغل..
فضل ترينت يشد اخواته على السلم، كانوا خايفين ومرعوبين وبيقعوا كل شوية..باب البيت المفتوح قدامهم ووراه ظلام العاصفة.
سأل برايان في ذعر:
- ترينت هو في إيه؟! البيت بيتشقق!
الحيطان كانت بتترج بعنف، الصوت كان بيرج أحشاؤهم جواهم.
- مافيش وقت! إجروا يا جماعة! ساعديني يا لوري!
شال ترينت برايان وشالت لوري ميليسا وجريوا بأسرع ما يمكن لباب البيت.
حس الأولاد بزلزال وصواعق كهربية بتضو من شبابيك البدروم. بمرجد ما عدوا الباب لقوا لبيت بيرتفع في الهوا وراهم.
شد ترينت اخواته ونطوا بعيد عن البيت لوسط الشارع الي كان بقا شبه مظلم. لف الأولاد وراهم وشافوا الي بيحصل.
البيت في شارع ميبل مابقاش بيت، كان حطام متجمه بخيوط فضية زي الأسلاك، وكان ساحب معاه حته من الجنينة الي حواليه بشجرها.
بص تيلانت لشباك مكتب الدور التالت، كان النور لسه منور، وسمع صوت تكسير إزاز وصوت صراخ..صراخ مكانش سهل يتسمع مع كل الضوضاء دي، لكن لاحقا لوري قالت لترينت إنها كمان سمعت صوت الصراخ بوضوح.
إشتعلت شظايا البيت بلهب أزرق، خلى الأاولاد يغطوا عينيهم من كتر نوره.. النار كانت من محركات الشيء الي إستولى على البيت، كأن البيت إتحول لصاروخ.
كان إقلاع البيت إقلاع مثالي..
بدأت سرعة البيت تزيد، والسحاب فوقه ياخد شكل حلزونى غريب بلع البيت، وكل شيء إنتهي...
فضل الأولاد يبصوا لبعض للحظات، وبدأ ترينت يضحك، ووراه ضحكوا كلهم. الناس كانت بتتجمع حوالين بيتهم وهم لسه بيضحكوا. قال برايان أخيرا:
- بيتنا بقا صاروخ يا ترينت!
إستمرت الضحكات وبدأ هطول المطر. 
الناس انت بتسأل إيه الي حصل، بس محدش كان عنده إجابة أو تفسير.
ضحك الأاولاد خلا الناس تخاف تاخدهم معاهم، إتفرقوا وكل واحد بيجري على بيته من كثافة المطر. 
أبناء برادبوري مكانش هاممهم كل ده، قعد الأربعة قدام ما تبقى من البيت، ومالت لوري على ودن ترينت وقال له:
- أخيرا..بقينا أحرار..
- المهم إن ماما بقت حرة.

Comments

  1. عظمة على عظمة����

    ReplyDelete
  2. شكرا لمجهودك الرائع فى الترجمة و حسن اختيار القصص 🌷

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي

الحلقة ‏العاشرة- ‏في ‏مكان ‏مظلم