الحلقة ‏السابعة- ‏حصاد ‏الشيطان

حصاد الشيطان
( عن قضية الإستحواذ الشيطاني على المزارع موريس ثريو- قصة حقيقية)

الحلقة السابعة

تينا مكانتش قادرة تغفر له، كانت حاسة إن جوزها بيفقد عقله، لأن دي مكانتش أول مرة يعمل حاجة ويقول إنه مكانش واعي..
في مثلا موضوع أما كلبهم بيتر مات، موريس قال لها إنه يمكن خبطته عربية، بس بعدها لقت شوكة تقليب القش بتاعة موريس عليها دم في مكان مالقوا الكلب ميت. طبعا مسألة إنه يقتل الكلب كانت مالهاش أي دافع عنده، بالعكس كان بيحبه جدا وبياخده يصطاد كل يوم أحد. بعد ما الكلب مات دفنه موريس في الغابة وفضل يبكي عليه باقي اليوم.
مرة تانية شافت موريس من شباك المطبخ بيضرب حصانه بعصاية بعد ما الحصان فشل في إنه يتعلم حيلة موريس كان بيحاول يعلمهاله لأول مرة. أما تينا قالتله إنه حرام يضربه، موريس كان مرتبك جدا وقال لها إنه مش فاهم هي بتتكلم عن إيه.
- أنا عمري ما أضرب الحصان! إنت عارفة قد إيه بحبه.
تينا صدقته، كانت عارفة إنه بيحبه فعلا بس برضو كانت عارفة هي شافت إيه ومتأكده منه.
موريس عمره ما إعترف بالحاجات الغريبة دي، وكان بيتهمها إنها بتلزق فيه كل حاجة وحشة ممكن حد يعملها.
بالنسبة للزوجين، كانوا متأكدين حتى لو ماصارحوش بعض بإحساسهم، كان في حاجة غلط فعلا..كأن في شخص تاني جوه موريس بيتحكم فيها ويخليه مش فاكر هو عمل إيه.
تصرفات موريس دي أثرت كتير على الجوازة، وفي النهاية رحلت تينا لولاية ماين رغم محاولة موريس إنه يرجعها مرتين. آخر مرة صرخت فيه:
- إنت مختل! روح شوفلك دكتور مجانين!
بعدها محاولش موريس يكلمها تاني. كان عارف إنه السبب في إنها تمشي، وقرر إنه يكمل حياته لوحده. يمكن هي صح فعلا وإنه بدأ يتجنن، بس المزارعين ما بيروحوش لأطباء نفسيين، فقرر إنه يشوف ماله بنفسه..مش يمكن القوى الغامضة الي بتساعده وتديله قوة تساعده تاني؟
خطة موريس لعلاج نفسه كانت بتتضمن إنه يغير مكان إقامته خالص، فقرر يرحل ليويورك ويقعد عند خاله تيد بيليه فزح ي بلدة جرين فيلد. بقا بيساعد خاله في الزراعة ويقطعله حطب للشتا وهو شغل شاق على خاله العجوز. تيد كان سعيد جدا بإقامة موريس عنده.
لكن الشغل في مزرعة تيد مكانش كتير لأن المزرعة نفسها كانت صغيرة جدا، فشاف لموريس شغل إضافي في مزرعة قريبة، خاصة مع قوة موريس الي بتخلي قطع الحطب شيء سهل بالنسبة له.
تيد كمان ساب موريس يبيع بعض الحطب من مزرعته لحسابه على سبيل تحسين الدخل. الرجلين بقوا أصدقاء جدا وبيخرجوا سوا، أو يقعدوا يلعبوا  كوتشينة أو يحكوا حكايات حوالين النار بليل.
في ليلة باردة من شهر نوفمبر 1979، موريس كان راجع من شغله التاني ومعاه إزازة خمر لنفسه، ونصف دستة علب بيرة لخاله. وقبل ما يقعدوا يشربوا خاله قال له فجأة:
- فرينشي، ممكن تساعدني في حاجة كده؟ ممكن توصل بنتي لشغلها بكرة؟ أصل عربيتها عطلانة ووديتها تتصلح.
بنت خال موريس، نانسي، كانت شغالة في مصنعة أغذية في وردية ليلية، كانت بتنزل 11 وترجع سبعة الصبح. طبعا مش شغل ممتاز أوي بس ده اللي كان متاح لسيدة مطلقة وعندها تلات بنات.
موريس طبعا كان شاف نانسي زمان أوي وهي طفلة وكان بينهم فرق تلات سنين في العمر، وشافها كذا مرة خلال إقامته مع خاله بس محاولش يقرب منها أو يتكلم معاها خاصة وإن مواعيد تواجدهم عند تيد ما بتجتمعش..هو بيشتغل الصبح وهي بتشتغل بليل. أقصى مقابله بينهم بتكون على الباب.
نانسي كانت سيدة جذابة في عمر الاربعين، شعرها بني محمر وصوتها مغري جدا. كانت متجوزة شرطي لمدة 13 سنة وأنجبت منه تلات بنات، وهي حاليا مطلقة من تلات سنين. موريس كان عارف إنها كانت بتواعد فقط رجال شرطة وعمرها ما خرجت مع مزارع قبل كده.
من أول مرة شاف موريس نانسي، وهي علقت في دماغه غصب عنه، بس ما أخدش أي خطوة تجاهها لسببين، السبب الأول إنه مكانش عارف إيه هايكون رد فعل خاله وهو مكانش عايز يخسره، تاني سبب إن نانسي كانت جرئية جدا، وهو كان شخص خجول وخايف إنها ترفضه خاصة وإنه مزارع.
المهم، وافق في سعادة إنه يوصل نانسي الشغل، وفي الطريق ما إتكلموش كتير لكنه إستمتع بمجرد وجودها بالقرب منه. الغريب إنها كانت مهتمة به، إتضح بعدين إنها مكانتش بتبصله من فوق علشان هو مزارع، الحقيقة إن هي نفسها فتاة ريفية وبنت مزارع.
حس مويس إن فعلا في شيء مختلف في نانسي، مافيش واحدة حركت مشاعره زيها..كانت قوية وذكية ومسئولة، فقرر إنه يحاول يقرب منها.
الليلة التالية، موريس وصل عندها بدري علشان يوصلها الشغل، وبمجرد ما ركبت العربية النص نقل جنبه، أخد موريس شهيق طويل وقالها:
- ممكن تقربي بدل ما إنت لازقة في الباب..لو عايزة يعني..
ضحكت نانسي وقالتله:
- أنا مرتاحة يا فرينشي ماتقلقش.
وفضلت مايلة على الباب ما إتحركتش شبر، بس من جواها كانت مبسوطة أوي إنه حاول يتكلم أو يعمل أي حاجة يقرب بيها منها. هي كمان كانت عايزة تقربله لكنها كانت خايفة من الإستعجال وخايفة تفشل في علاقة تاني.
موريس فضل يوصل نانسي شغلها لمدة إسبوع، وكان عايز يلحق يقرب منها قبل ما تصلح عربيتها ومايشوفهاش بسهولة تاني، بس كان خايف يترفض.
كانت نانسي هاتستلم عربيتها السبت، وكان لازم يتصرف قبل الجمعة. قرر إنه يملا كرسي العربية الأمامي بأي حاجات بحيث مايبقاش فاضل فيه غير الكرسي الي في النص (العربية كانت ثلاث مقاعد قدام). وأما ييجي يوصل نانسي ليلتها هايطلب منها تدخل من باب السواق وأما تقعد مش هاتعرف تبعد وتلزق في الشباكى كعادتها. لو رضيت يبقا في ميل منها، لو مارضيتش هايرجع الحاجات الي حاططها ورا ويا دار ما دخلك شر.
أما نانسي شافت الوضع ده فهمت على طول إن موريس قاصد، وكانت سعيدة إنه فكر يقرب حتى ولو بحيلة طفولية. وعقبال ما وصلوا المصنع، كانت نانسي في حضن موريس حرفيا.
أما نزلت، سألها موريس لو ينفع يجيلها الصبح وياخدها يفطروا سوا، فوافقت فورا.
الساعة 7 الصبح بعد إنتهاء ورديتها، كان موريس مستنيها ولابس أحسن بدلة عنده، كانت رمادي بخطوط سودا، وكان لابس تحتها قميص أبيض وكرافته رفيعة.
- فرينشي..حاسة إن دي بداية علاقة لطيفة..
وكانت عبارتها مأخوذه من فيلم كازا بلانكا الشهير.
مكانوش بيفترقوا أبدا، لحد ما قرروا يرجعوا ماساتشوسيتس ويشتري موريس مزرعة هناك.ولأول مرة في حياته، عاش موريس فترة بدون أي منغصات، وكانت علاقته بنانسي زي الاحلام. الأحوال المادية بقت أفضل، ورجع كمان موريس يعيش قريب من والدته.
 موريس بدأ يتكلم مع أبوه تاني، طبعا كان مستحيل تبقا علاقتهم طبيعية، بس كانوا بيتبادلوا كم كلمة كده على فترات..بس بدأ كره موريس لماكسيم يتلاشى تدريجيا. كل كلامهم كان عن الزراعة أو عن أحفاد ماكسيم.
يمكن ماكسيم بقا أهدا لأنه بقا وحيد. كل أولاده وبناته بعدوا عنه حتى بيت، إبن ماكسيم المُفضل برضو بعد ومارجعش تاني. ماكسيم كمان كان بيحاول يكتم نوبات غضبه وبيخرج بره البيت خالص في كل مرة بيحس فيها إنه هاينفجر في حد.
رغم إن موريس كان سعيد بمحاولة أبوه في التحكم في غضبه إلا إنه كان خايف من كبت الغضب جواه، فبقا بالنسبة له زي القنبلة الموقوته محدش عارف هاتنفجر إمتى. كان في رعب جوه موريس من إنه ييجي يوم وماكسيم يعمل كارثة.
موريس حاول ما يركزش أوي في مخاوفه، فهو مجرد مزارع مش طبيب نفسي. غير إن عنده مشاكله الخاصة برضو. رغم إن حياته بقت هادية تماما إلا إن في حاجة غريبة حصلت من فترة قصيرة كانت قالقاه.
كانوا رايحين هو ونانسي يشوفوا مزرعة هايشتروها في قرية وارين، وكانوا قاعدين على مقعد عمومي بيتكلموا عن مزايا وعيوب المزرعة الي شافوها، ولا شعوريا نانسي مسكت الصليب الي كانت لابساه ومدخله سلسلته جوه بلوزتها، وخرجته وهي بتكلم كلامها عادي. الصليب ده مكانتش بتقلعه لأنه كان هدية من والدتها. قالت نانسي:
- بدل الحيرة دي، نستشير يسوع يمكن يدينا إشارة نعمل إيه.
فجأة موريس عينيه وسعت وبص لنانسي كأنها عملت حاجة غلط. بعدها زقها من على الكرسي بإيديه الإثنين.
قبل ما نانسي تفهم الي حصلها، موريس هجم عليها وشد منها الصليب وقطع السلسلة ورماهم بعيد وسط الزرع الكثيف وراهم.
  نانسي كانت بتعيط وبتقول:
- موريس، ليه عملت كده؟ إنت عارف إن الصليب ده كان هدية من أمي..إيه الي حصلك؟
موريس كان رجع خلاص للمقعد وكان بيغمغم:
- زقيتها بإيدي..زقيتها بإيدي..
قامت نانسي وقعدت جنبه مستغربة وكأنها نسيت الي حصل. حاولت بهدوء تفهم منه و عمل كده ليه، لكنه مكانش فاهم هي بتتكلم عن إيه أصلا.
_________
في ليلة قبل ما يناموا، موريس قال لنانسي:
- عندي حاجة لك..
وخرج السلسلة و الصليب من جيبه. 
- موريس إنت رجعت كل ده علشان تدورلي عليه وتجيبهولي؟ أنا مبسوطة أوي..بس لاقيته إزاي ده الزرع كان مغطي كل حاجة.
- ما لاقيتهوش..في ست لاقيت الصليب ده.. ست لابسة أبيض خدتني من إيدي ووريتني الصليب فين..كان هنا في الحقل.
- ست..ست مين؟
- مابصيتش كويس لوشها، بس أعتقد إنها والدتك..
- انا عايزة كوباية ماية..إزاي لقيتها هنا وهي ضاعت منا عند المزرعة الجديدة؟
مكانش عارفة ترد تقول إيه ولا إزاي ممكن تصدق حكاية موريس. أمها ماتت من سنين، فيمكن موريس شاف شبحها..الصليب والسلسلة كانوا بتوعها يبقا ممكن تكون هي الي دلت موريس عليهم.
نانسي كانت ست متدينة ووبتؤمن بالأرواح والمعجزات. بالرغم من إنها هي و موريس ماشافوش شبح قبل كده، لكنها كانت مؤمنة بوجودهم ولكل شيء مرة أولى طبعا.
من ناحية تاني، وارد إن موريس يكون إتجنن!
قررت تؤمن ب نظرية الشبح دي، لأانها إديتها أمل أنها تشوف أمها تاني، وده ريحها كتير.
- ممكن فعلا يكون شبح أمي يا موريس.
_____
إشترى موريس المزرعة في قرية وارين، بعدها على طول قرر ماكسيم ينتقل لأوكلاهوما علشان يبقا قريب من إبنه بيت وباقي أولاده! الحركة دي أغضبت موريس جدا، لأانه كده أبعد أمه عنه تاني بدون اي داعي. بس في حاجة تانية قلقلته أكتر، إن كان عنده شعور قوي جدا إنه مش هايشوف إيملدا تاني.
حاول يترجى أبوه إنه يفضل مكانه أو ينتقل لمكان قريب، لكن ماكسيم كان خلاص قرر. موريس كان قلقان دايما على أمه وهي عايشة لوحدها في بلدة صحراوية غريبة، إزاي هاتقدر تعيش بعيد عن الريف والناس؟ ماكسيم بيفكر في إيه بالضبط؟!
بعد سنة، موريس كان بيكلم أمه وقالتله إن كل شيء كويس. لكن موريس كان لسه خايف إن أبوه يرجع لأخلاقه القديمة ويكون بيضربها، لكن إيملدا طمنه. 
برضو فضل إحساس القلق ملازمه ومسببله إكتئاب شديد.
في ليله من شهر يونيو سنة 1982 موريس ونانسي كانوا بيستعدوا للنوم أما سمعوا صوت غريب في البيت، دوشة غريبة وكأن حد بيتكلم.
- سامع يا موريس؟
- ده كأن حد بيتكلم تحت..بس مش فاهم كلامه..هاروح أشوف مين.
راح موريس وغاب دقايق، واما رجع قال لنانسي إن مافيش حد، ويمكن يكون إتهيأ لهم الصوت.
مجرد ما دخلوا السرير الصوت إتكرر تاني.
- لا كده يا موريس في حد تحت..أنا سامعة صوتين مش صوت واحد..صوت راجل وست بيتخانقوا..إسمع!
موريس فعلا سمع الأصوات وقام من سريره ونزل يشوف، لكن مجرد ما وصل حجرة المعيشة الصوت وقف.
حاول الزوجين يقنعوا نفسهم إنهم تخيلوا الصوت، ساعات الرياح بتخلي الواحد يسمع أصوات مش موجودة.
قبل ما يدخل موريس في النوم، جاله خاطر مزعج عن والدته وحس إنها في خطر..فكر يتصل بيها بس لقا الوقت متأخر أوي، وقرر يكلمها الصبح.
موريس ونانسي صحيوا قبل الفجر على صوت طرقات عنيفة على الباب.
- إفتح يا موريس..إفتح!
موريس قام بسرعة ولبس الروب وفتح الباب. لقا شرطي قال له:
- بنحاول نكلمك مابتردش..
قلب موريس غاص في رجليه، وسأل الشرطي:
- خير في إيه؟
- الأفضل تتصل بأختك نورما في اوكلاهوما..في حادث فظيع حصل..أنا آسف جدا..شد حيلك..
_________________________

تابعوا الحلقة الثامنة بكرة إن شاء الله، نتمنى الحلقات تعجبكم ومجرد اللايك أو الشير بيشجعني جدا أكمل. 
شكرا لثقتكم في المحتوى الي بقدمه ومنورين دايما.
#حصاد_الشيطان
#شيرين _هنائي

Comments

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي