الحلقة ‏الثامنة- ‏حصاد ‏الشيطان

حصاد الشيطان
( عن قضية الإستحواذ الشيطاني على المزارع موريس ثريو- قصة حقيقية

الحلقة الثامنة


قبل ما يدخل موريس في النوم، جاله خاطر مزعج عن والدته وحس إنها في خطر..فكر يتصل بيها بس لقا الوقت متأخر أوي، وقرر يكلمها الصبح.
موريس ونانسي صحيوا قبل الفجر على صوت طرقات عنيفة على الباب.
- إفتح يا موريس..إفتح!
موريس قام بسرعة ولبس الروب وفتح الباب. لقا شرطي قال له:
- بنحاول نكلمك مابتردش..
قلب موريس غاص في رجليه، وسأل الشرطي:
- خير في إيه؟
- الأفضل تتصل بأختك نورما في اوكلاهوما..في حادث فظيع حصل..أنا آسف جدا..شد حيلك..
_________________________
قلب موريس نزل في رجليه وحس فعلا إنه شعوره الي كان ملازمه إن في حاجة وحشة هاتحصل كان حقيقي. الشرطي ما وضحش الي حصل حصل لمين بس موريس كان شبه متأكد إن المقصود أمه. 
تماسك لحد ما إتصل بنورما، ومع أول رنة رفعت هي السماعة، وبدأ العالم يدور بموريس ووقع على الأرض. نانسي مسكت السماعة وسمعت على الخط صوت جوز اخت موريس جيل كينيدي.
- جيل، أنا نانسي..إيه الي حصل؟
- نانسي ..أحسن تقعدي الأول قبل ما أقولك..
_____________  
في يونيو 1982، ظهر الخبر ده في جريدة تريبيون ترانسكريب:
جريمة قتل وإنتحار حدثت في أوكلاهوما، الضحايا هم ماكسيم ثريو 69 سنة، وإيميلدا ثريو 64 سنة. وجدتهم الشرطة قتلى في حجرة نومهما في صباح يوم الجمعة.
وكان سبب الوفاة هو طلق ناري.
وجدت الجثامين نورما ميسون كينيدي، إبنة القتيلين، وكانا يبيتان عندها في حجرة منفصلة، وقد ذهبت لتفقد الأمر بعد سماعها لطلقات نارية.
جاء في تقرير الشرطة أن الرصاصة الأولى وجدت مغروسة في خشب الفراش خلف إيميلدا ثريو، وأصيبت الضحية بالطلقة الثانية عند الصدغ الأايمن. أما السيد ماكسيم ثريو فقد أطلق النار على نفسه في منطقة الصدر.
...................
_________________________
موريس مابقاش قادر يقف على رجليه من ساعة ما سمع بالخبر. الحياة بالنسبة له فقدت معناها فجأة..أمه الحبيبة ماتت..
حاولت نانسي تواسيه بكل الطرق، بس حزنه كان أعنف من أي مواساة. موريس مكانش عايز ياكل أو يتكلم ولا يعمل أي حاجة خالص.
كل الي كان بيفكر فيه هو الي حصل في أوكلاهوما..طول الوقت كان حاسس إن موريس هايطلع في جنونه مرة و يعمل مصيبة، فليه قصر وما أخدش أمه عنده؟ ليه ما إتصلش بيها بليل وقرر يستنى للصبح؟
فضل يتخيل آخر لحظات في حياه أمه، قد إيه كانت عنيفة، وقد إيه إيملدا كانت خايفة. فضل يعيد المشهد في خياله ويسأل نفسه..يا ترى ضربها الأول؟ قاومته طيب ولا إستستلمت على طول؟ الطلقة أصابتها من مسافة قريبة..
وأخيرا مع حلول الليل، نام موريس وهو قاعد في مكانه، وبدأ يحلم....
_______________ 
في حلم موريس، شاف إيميلدا بتصحى الصبح بدري في أوضة في شقة نورما في أوكلاهوما. مع إنها كانت صحيت بس خلت عينها مقفولة، وهي بتسمع صوت ماكسيم بيتحرك في الأوضة..مكانش ليها نفس تشوفه أول حاجة الصبح كده ويتخانقوا ويبوظوا زيارتهم للبنت.
لو ماكسيم إتلكك على حاجة وفضل يزعق، ممكن يكسر المكان والدنيا تتلم عليهم وتبقا فضيحة..إيملدا كانت بتتمنى إنها ترتاح في آخر أيامها بس للأسف كانت أمنية بعيدة.
بعد 40 سنة جواز، ورغم معرفتها بشخصيته وبجنونه، إلا إن عمرها ماكانت بتعرف هو هايتعصب إمتى وهايضرب إمتى..محدش كان يقدر يتنبأ بأفعال ماكسيم أبدا.
أيام كان يصحى بدري ويحضر الفطار ومايرضاش يصحيها علشان ما يتعبهاش، أيام تانية كان بيصحيها بالجلد بالحزام مباشرة ووشه أحمر زي الدم.
قرابة نصف قرن من الإهانات خليتها تبطل تفكير في نوبات غضبه وأسبابها مواعيدها، كل الي بقا نفسها فيه شوية نوم حلوين الصبح والشمس داخله على وشها من الشباك كده..دفء الشمس بيخليها تفتكر طفولتها وأهلها الي كانوا مثال للحب والإحترام المتبادل.. كانت فاكرة إن كل الجوازات هاتكون زي جوازة أمها وأبوها، لحد ما قابلت ماكسيم..
إيملدا وهي صغيرة كانت شغالة خياطة، وكانت بتنبسط بالوقت الي بتقضيه في بيوت زباينها وهي بتقيسلهم الملابس. شغلها مكانش بيجيبلها فلوس تخليها تقدر تعمل لنفسها فساتين زي الي بتعملها للزباين، بس صُحبتهم كانت بتفرحها أكتر من أي شيء تاني.
ساعات كانت بتخرج مع صديقاتها بالليل يروحوا السينما أو يتمشوا في شوارع فورت كينت، وي كانت أحلى لحظات في حياتها.
أما ظهر ماكسيم وبدأ يغازلها ويتتبعها في كل مكان، كانت خايفة منه في الأول..كان أكبر منها بخمس سنين وكان وسيم وله لحية سودا كثيفة وبنية قوية.
فضلت صديقاتها يقولوها إنه وسيم وبيحبها وحرام تضيعه بخوفها ده، كمان أهلها كانوا شايفينه شاب مناسب وطموح..أيملدا كانت عارفة أن مصاريف أخواتها كتير على أهلها فوافقت علشان تخفف عنهم الحمل خاصة إنه مكانش طالب منها أي حاجة وكان عنده بيت كامل.
إتجوزته وندمت، وفضلت تندم طول عمرها..بعد أسابيع من جوازهم إكتشفت إنه متجوز علشان يلاقي واحدة تخدمه وتنضفله وتنام معاه ببلاش.
 في ايام السبت الأولى من حياتهم مع بعض، كانت بتبقا عارفةإن صديقاتها في السينما وهي بتكون قاعدة في ركن بتبص على ماكسيم وهو بيسكر. مرة طلبت منه تخرج مع صديقاتها لكنه ضربها ورفض رفض قاطع لأنه شاف خروجها مصاريف ع الفاضي، ومكانش بيديها أي فلوس ولا بيسيبها تشتغل.
في الأول فكرت تسيبه لكنها حملت من أول إسبوع في جوازهم، أنجبت منه 7 أولاد و8 بنات، وإتبخر حلمها بالطلاق، وفضلت عايشة تربي ولادها.
إيملدا حبت الأمومة جدا، برغم الشغل الكتير الي كان على كتافها، كان وجود أولادها بيسليها وبيحاوطها بالحب.
علاقتها بموريس خاصة كانت الأقوى..كان ولد مؤدب وطيب جدا وكان نفسها يطلع قس أو راهب. حاولت طول عمرها تحميه من هجمات ماكسيم غير المبررة..كن نفسها يتعلم كويس ويشتغل شغل محترم، لكن قلبها إتكسر أما ماكسيم أجبره يسيب المدرسة.
إيملدا فاكرة كمان كويس اللحظة الي سمعت فيها موريس بيلعن أبوه، وفهمت كان ليه موريس لازم يبعد.
المهم إن موريس دلوقتي إتجوز نانسي وإستقر وحياته بقت كويسة، وده كافي جدا إنه يرضيها.
سمعت إيملدا وهي مغمضة صوت مكسيم بيطلع من الأوضة وبعدين بيرجع تاني. وفضل يفتح الأدراج ويقفلها في جنون كأنه بيدور على حاجة ومش لاقيها.
غمضت عينيها أكتر وحاولت تبان نايمة.مكانتش عايزة تخرج برة ذكرياتها دلوقتي، مكانتش مستعدة.
كانت بتفتكر ايامها مع أمها زمان وهم بيطبخوا سوا، وكانت شامة ريحة الأكل ودفئه، وفجأة شمت ريحة سيئة جدا..كأنها وقعت بوشها في روث حيوانات.
أدركت إن الريحة دي مش في حلمها، دي في الحقيقة. فتحت عينيها وصرخت من الي شافته!
ماكسيم كان راكع عند جنب السرير بيبصلها. كان لابس هدومه العادية الي بيشتغل بيها، بس ملامحه كانت غريبة جدا وكان غاضب غضب عمرها ما شافته قبل كده في عمرها.
جبهته كانت منتفخة زي جبهة القرد، واسنانة كانت بارزة كأنه ذئب. عينيه كانت سودا بالكامل كأنها حفرتين بدون قرار.
أدركت إيملدا إنها في خطر شديد، مكانتش شايفه إيدين ماكسيم بس كان واضح إنه ماسك حاجة تحت الغطا.
صرخ ماكسيم:
- صباح الخير!
شهقت إيملدا من الصوت والطريقة الي إتكلم بيها. الصوت كان طالع من ماكسيم بس مكانش صوته!
- ماكسيم..إنت..إنت بتتكلم كده ليه؟
- إحنا مش ماكسيم!
- إحنا؟ قصدك إيه ب(إحنا)؟ إنتم مين؟ إنتم عبارة عن إيه؟
سألت إيملدا بالفرنسية، فجالها الرد بالفرنسية برضو:
- إحنا صحاب ماكسيم القدام..
بدأت درجة حرارة الأوضة تنزل، وإيملدا إستخبت ورا الأغطية ماتعرفش من الخوف ولا من البرد..ماقدرتش تحدد.
إيملدا كانت مؤمنة وبتصدق في الماورائيات، كانت خايفة، بس كان عندها إحساس إنها لو أجبرت المخلوق ده على الكلام أكتر ممكن يحس إنها مش خايفة ويمشي.
- إسمك إيه؟
ماجاوبش، بس قال سيل من الشتائم الي محدش سمعها قبل كده، شتائم بلغة ولهجة قديمة جدا..
- إنت مين؟!!
- مش أمك أكيد!
صرخ المخلوق بصوت غير محتمل وقال:
- عشتاروت، بعل، كوزبي، داجون، عزيروث، بعليم، بلفيجور، بيثاجي، وفجور، مولوخ، عزمديوس، نيرجيل، ميلخون، آزيما، ليفياثان، بعلزبوب، لوسيفر، إبليس!
عرفيتي أنا مين؟!
- إنت مين؟
- أنا الشيطان!
فقدت إيملدا الوعي، لحظات وحست إن حد بيهزها بعنف ويصحيها.
- إصحي يا عاهرة!
فتحت عينيها تاني، حاولت تصرخ بس في إيد إتلفت حوالين رقبتها وبدأت تخنقها. مال المخلوق عليها وقرب من ودنها وصرخ فيها لحد ما عينيها دمعت:
- أخرسي يا زانية وإلا هاقتلك!
وش ماكسيم بقا حيواني ومابقتش شايفه فيه أي ملامح من جوزها. سكتت إيملدا فقال لها:
- كده أحسن..
- هاتعمل فيا إيه؟
- هانقتلك..بعدها نقتل الدودة النجسة الي آويتنا السنين دي كلها..فاكرة السنين الي عذبناكي فيها إنتي وعيلتك؟ فاكرة كنا بنعمل فيكم وفيه إيه؟
ضحك في جنون، ضحك وبدأ المخاط ينزل من أنفه، وفقاقيع بيضا نزلت من بين شفايفه وغرقت دقنه.
الدم بدأ ينزل من عيني ماكسيم قدام عينين إيملدا المرعوبة، الي فضلت قاعدة مشلولة مكانها. كمل المخلوق كلامه:
- ايوه إحنا عذبنا الدودة القذرة..بس خلاص وقته إنتهى، هانقتله ونقتلك..والشرطة هاتقول إنه قتلك وإنتحر، أمال هايكون إيه تاني السبب؟الشرطة ما بتؤمنش بينا.. بعدها هانروح نزور إبنك العزيز موريس..
قفلت إيملدا عينيها في رعب وفضلت تكرر صلاتها:
- أيتها العذراء المقدسة..
ضحك الشيطان ضحكة هزت المكان ومال عليها لحد ما لزق فيها وفضل يتريق على صلاتها ويقلدها بلغة غامضة. مسك إيملدا من كتافها وشدها ناحيته وبعدها خبطها في السرير مرة وإتنين وتلاتة..
- إخرسي خالص..إخرسي خالص..إخرسي..خالص!
بعد ما توقف الشيطان عن ضرب إيملدا، كانت الأغطية إتكومت بعيد وسط السرير، وشافت إيملدا مسدس جوز بنتها وسط الأغطية. مكانش عارفة هل تصرف صح إنها تتكلم أكتر مع الشيطان ده ولا تسكت وتستلم لمصيرها. كان فكرتها إنها تكسب وقت يمكن بنتها أو جوزها يسمعوا وييجوا ينقذوها.
- إنت..إنت فعلا الشيطان؟
- الشيطان..أو مجرد شيطان..هايفرق معاكي إيه؟ المهم إننا هانقتلك ونقتله جوزك وإبنك.
- ليه؟
- وليه لأ؟ مش الدوردة القذرة دعيتنا زمان؟ مش إبنك إستعان بينا؟
إفتكرت إيملدا عبارة موريس الغاضبة، وبدأت تبكي.
 "... ده انا أشتغل عند الشيطان ولا إني إشتغل معاك..."
- ياريته كان هنا صح؟ 
مسك الشيطان الساكن الساكن جسد ماكسيم المسدس، واللعاب بيتساقط من فم ماكسيم في جنون. فضل الشيطان يطبطب على المسدس ويقول:
- مسدسي حبيبي الصغير..
منظره كان مرعب ومضحك في نفس الوقت. فكرت إيملدا تهاجمه أو تزقه وتهرب، بس أصلا ماكسيم كان قوي وضخم، فما بالك بشيطان كمان ساكنه. الشيطان إتغيرت تعبيرات وشه فجأة وقال:
- موريس قرب يصحى..مش لازم نتأخر..الطيور المبكرة بتفوز بالديدان كلها..
بعدها هانروح نزور إبنك..
حست إيملدا إنها خلاص على مشارف الموت، فبدأت تصلي ..
- ابانا الذي في السماوات، فليتمجد إسمك، وليأت ملكوتك..
قاطع صلاتها طلق نار عدا من جنب راسها وإتغرس في السرير. لسه هاتصرخ من الرعب، الطلقة التانية كانت في دماغها.
آخر حاجة حست بيها إيملدا هي فلاش ضوء قوي، بعدها حست إنها بتقع من مكان عالي، وسمعت الشطان بيقول (الدودة..الدودة).
____________________ 
كيف سقطت من السماء يا زُهرة، بنت الصبح؟ كيف قُطعتَ إلى الأرض يا قاهر الأمم؟
وأنت قلتُ في قلبك: أصعدُ إلى السماوات. أرفعُ كرسيي فوق كواكب الله، وأجلسُ على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال.
أصعدُ فوق مرتفعات السحاب. أصيرُ مثل العلي.
لكنكَ إنحدرت إلى الهاوية، إلى أسافل الجُب.

سفر أشعيا.



تابعوا الحلقة التاسعة بكرة إن شاء الله، نتمنى الحلقات تعجبكم ومجرد اللايك أو الشير بيشجعني جدا أكمل. 
شكرا لثقتكم في المحتوى الي بقدمه ومنورين دايما.
#حصاد_الشيطان
#شيرين _هنائي

Comments

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي