الحلقة السادسة- حصاد الشيطان
حصاد الشيطان
( عن قضية الإستحواذ الشيطاني على المزارع موريس ثريو- قصة حقيقية)
الحلقة السادسة
حضن موريس باتريشيا ونسي إنهم كانوا بيتخانقوا أصلا. قام الإثنين وركعوا على ركبهم وبدئوا يصلوا، وأما خلصوا وبصوا للصليب لقوا الدم إختفا. همست باتريشيا وهي باصة لسه للصليب:
- إنت شوفت الدم يا موريس صح؟
- مش عارف..أعتقد إني شوفته..الصليب كان بينزف، دلوقتي مافيش حاجة.
إتكورت باتريشيا جنب جوزها وقالت:
- أنا خايفة..
- بصي..ممكن يكون إتهيألنا..ماتخافيش.
بس من جواه، موريس كان مرعوب.
_________________
كان لازم الزوجين الشابين يحاولوا ينسوا كل حاجة عن الحادث الغريب ده، لكن يوم الأحد التالي بعد زيارتهم للكنيسة إبتدوا يتخانقوا تاني. موريس كان عايز لحمة مشوية، وباتريشيا نسيت تطلع اللحمة من الفريزر. أما حطت قدامه بواقي أكل الأيام الي فاتت إنفجر فيها:
- فين اللحمة الي طلبتها منك؟
- مالحقتش تفك من التلج. نسيت أطلعها بدري..بكرة أعملهالك.
- لا كده بزيادة بقا! زهقت!
خبط موريس بإيده على الترابيزة وقام غضبان دخل أوضة النوم، وبمجرد ما دخل وعينيه وقعت على الحيطة الي فيها الصليب صرخ:
- إيه ده! باتريشيا تعالي..ده بيحصل تاني!
باتريشيا كانت واقفة بتعيط في المطبخ، فجريت تشوف في إيه مع إنها كانت متأكدة من الي موريس قصده عليه. وقفت ورا موريس وشافت الدم نازل من الصليب على الحيطة.
- إيه ده هو في إيه تاني!
دخل الزوجين ببطء ومد موريس صباعه المرتجف تجاه الصليب ولمس الدم، وشاف الدم فعلا على صباعه.
ركع الإثنين تاني وبدئوا يصلوا، بعدها الدم إختفى من على الصليب ومن صباع موريس، بس ما إختفاش من ذاكرتهم أبدا.
موضوع الصليب النازف ده إتكرر كتير، خصوصا أما بيكونوا في وسط خناقة. موريس إعتبر الموضوع ده علامة على إن جوازه في مشكلة، فكل مرة الموضوع ده يحصل يقسم إنه مش هايتخانق تاني وهايحاول يصلح الأمور بينهم. أما باترشيا فماكانتش محتاجة صليب بينزف علشان تعرف إن جوازهم في مشكلة، كانت حاسة إنه بقا مستحيل تعيش معاه. كانت موريس بيتخانق معاها طول الوقت زي ما أبوها كان بيتخانق مع امها قبل طلاقهم.
موريس كان شايف برضو إن مراته غلطانة، وإزاي تتجاهل كل شغل البيت بالرغم من إنها قاعدة طول النهار فيه. كان دايما بيقارنها بوالدته. في يوم كان بيشتكي لصاحبه وقال له:
- دي ما بتشيلش قشة من الأرض، بتعمل إيه طول النهار طيب؟ إيه ذنبي أعيش في خرابة وهي مابتشتغلش يعني وفاضية. عموما أنا قولتلها لو ما إتعدلتش يبقا كل واحد في طريق..مابقاش في حل تاني.
الغربية إنه كان حاسس إنه لسه بيحب باتريشيا وباتريشيا كانت متأكدة من إنها بتحبه، ومع ذلك مكانوش عارفين هم ليه مدفوعين إنهم ينفصلوا. يمكن كان بيلي عنده حق، يمكن مش مكتوب يعيشوا سوا.
في عز المشاكل دي، ماكسيم ثريو قرر يلم عيلته وينقل ماساتشوستس. المزرعة كانت بتخسر وكان لازم يروح مكان أفضل. بالنسبة لإيملدا ده كان حلم..فموريس كان واحشها أوي وفكرة إنها تقرب في المسافات منه كانت أحسن حاجة ممكن تحصلها.
الغريب فعلا إن ماكسيم أخد مزرعة في نفس البلدة الي عايش فيها موريس، لكن ماجاش في باله حكاية إنه يقرب من إبنه دي، كانت صدفة بحته..فعلا إيملدا كانت متأكد إن ماكسيم مايعرفش موريس عايش فين.
إتمنت إيملدا إن الخبر ما يزعجش موريس، وإن يمكن الزمن يداوي الي بين الأب وإبنه. فعلا موريس فرح جدا إن أمه بقت جنبه، وبكده تقدر هي تساعد باترشيا في تربية الأولاد وتعلمها شغل البيت. بس كان طلبه الوحيد إنه مايشوفش ماكسيم أبدا تحت أي ظرف.
ماكسيم بيتحاشى موريس زي ما موريس بيتحاشاه، فماكسيم بدأ ينقل جنونه لأولاده التانيين فكان مشغول عن موريس.
لكن وجود إيملدا شكل ضغط أكبر على حياة موريس وباتريشيا، فموريس كان شايف إيملدا إلهة بتحاوط على حياته وتمنعها من الإنهيار، وده كان بيضايق باتريشيا جدا وبيحطها تحت الإختبار والمقارنة طول الوقت.
خلال سنة، قرر الزوجين إن خلاص جوازهم لا ينتهي، وإنه كان زواج ملعون بلعنة ويلي الشيطانية.
وافقت باتريشيا على بقاء الأولاد مع موريس ووالدته، وهي هاترجع تعيش مع خالتها في ميريلاند شوية لحد ماتشوف هاتشتغل ولا هاتعمل إيه في حياتها.
بعد إنتقال باترشيا بشهور للعيش مع خالتها، جالها إلتهاب رئوي حاد وإتحجزت في المستشفى. مرضها خلى موريس يحس قد إيه كان بيحبها، ورغم إنفصالهم إلا إنه كان حاسس بالمسؤلية تجاهها طول الوقت. كان عايز يزورها في المستشفى بس للأسف ماعرفش ياخد أجازة يسافرلها فيها.
راح لوالدته يفضفض معاها بخصوص الموضوع ده، وأول ما فتحت الباب وشافته قدامها صرخت:
- موريس! إنت إزاي هنا أصلا! مش إنت بتزور باتريشيا في ميريلاند؟!
- تصدقي كنت حاسس فعلا إني زورتها، بس قولت إن من كتر ما أنا عايز أروح حسيت بكده.
- غريب أوي..أنا لسه قافله التليفون مع باتريشيا وقالتلي إنك لسه نازل من عندها في المستشفى! طيب هي هاتكذب ليه؟ ده حتى خالتها كلمتني وكانت فرحانة بالورد الي جبتهولها وقالت إنك كنت شاحب شوية كده وسرحان.
موريس داخ من الكلام الغريب ده وبدأ يترنح، مسكته إيميلدا من كتافه وقعدته.
- أقعد..شكلك تعبان..هاعملك شوربة فراخ..
قعد موريس شوية مع أمه في المطبخ، ودقايق نام وهو قاعد. أما صحي إيملدا قالتله:
- ممكن بقا تقولي إيه الي بيحصل بالضبط؟
موريس مكانش عنده تفسير، كان متأكد إنه ماراحش لباتريشيا رغم إنه كان حاسس إنه راحلها.
- إزاي بقا كنت في بالتيمور وأنا هنا قدامك أهو؟ مستحيل!
________________
السنين التالية عاشها موريس بدون هدف، بيتنقل من وظيفة لوظيفة ومن مدينة لمدينة، بس كل تنقلاته كانت قريبة من أمه وأولاده في هوليوك. بدون إيملدا كان موريس ضاع، فهي بتاخد بالها من أولاده وبقت بديل لأمهم. طبعا موريس كان بيفضل إن باتريشيا هي
الي تربي ولادهم بدل الوضع الغريب ده، بس كل محاولات الصلح بينهم فشلت.
إنتقلت باتريشيا للعيش في تكساس وعرف إن خلاص علاقتهم إنتهت للأبد. موريس حزن جدا وإتأكد إنه من جواه بيحبها فعلا، وهي كمان كانت بتحبه. كانت دايما بتقول له كده في المكالكات التليفونية و الجوابات، بس مجرد ما واحد فيهم يحاول ياخد خطوة للرجوع الطرف التاني بيهرب.
موريس كان بيلوم ويلي ولعنته على تعاسته الي كانت أقوى من حبهم. وأخيرا بطل موريس يحاول يرجع لباتريشيا.
كل الأعمال الي مارسها موريس مكانتش بتجيب عائد مقبول لأنه مكانش بيعرف يقرا ويكتب كويس. كمان لكنته الفرنسية ما ساعدتهوش كتير. بعض زملاؤه كانوا بيهزروا معاه وسموه (فرينشي). مع الوقت الإسم لزق فيه حتى صحابه بقا بينادوه فرينشي.. وبدأ يحب الإسم ده فهو في النهاية فخور من إنه من أصل فرنسي. الإسم ده أضافله هوية جديدة، فطول موريس شنبه وقصه على شكل رفيع زي الممثل الفرنسي تشارلز بوير. لو هاينادوه فرينشي يبقا الأفضل يبان فرنسي فعلا.
عموما الإسم والشكل الجداد مازودوش دخله وحس إنه مش هايطلع من الفقر أبدا. ساب ولاده مع أمه ورجع فورت كنت تاني، فكر إنه ممكن يلاقي قطعة أرض رخيصة ويرجع للزراعة، بشكل ما فكرة إمتلاك أرض كانت بتداعب خياله. عمره ما إرتاح وهو شغال عند حد.
موريس كان وحيد ومفتقد أمه وولاده، ومفتقد باتريشيا.
في الوقت الي كانت حياة موريس منهارة، قابل تينا الي كانت بتشتغل معاه في زراعة البطاطس. كانت ضيئلة ونحيلة بشعر إسود وعيون سودا.
كان محتاج زوجة وأم بديلة لأاولاده، فصارحها بسرعة بفكرة الجواز. تينا وافقت خاصة وإن كان معاها ولد من زواج سابق وكانت محتاجة لأب له.
إتجوزوا ورجعوا ماساتشوستس على مزرعة أجرها موريس قرب هوليوك مكان إقامة والدته، وبدئوا يزرعوا خضار وفاكهة.
لكن جوازهم ما قدرش يصمد كتير لأنه كان عقلاني بحت مافيهوش أي مشاعر. إستمر الجواز تسع سنين ما أنجبتش خلالهم تينا أطفال تانية.
في التسع سنين دول كانوا بيعيشوا اليوم بيومه، مكانش بينهم أي شيء مشترك، وبدأ موريس ينطوي على نفسه أكتر لأنه مكانش بيقدر يشاركها مشاعره وحس بإنعزال عنها وعن أسرته.
في الفترة دي بدأت تحصل له حاجات غريبة مكانش بيقدر يحكيها لأي حد وفضل إنه يحتفظ بها لنفسه.
مثلا، في خريف 1965، كان شغال في محصول طماطم وماشي فيه وإتكعبل في صليب خشب مغروس في الأرض.
- إيه ده؟ جه منين؟!
نزل موريس على ركبه علشان يشيله من الأرض بس حس إن عينيه زغللت، فمسحهم بإيديه وحس بسائل بيتدفق بين صوابعه. بص لإيديه لقاها غرقانة دم.
مكانش فاكر إنه عور نفسه ومكانش في ألم، فجري على البيت ودخل الحمام وبص على نفسه في المراية.
مكانش مصدق الي هو شايفه، الدم كان نازل من عينيه، حاول موريس يمسحه بمنديل بس ماقدرش يوقف النزف. الغريب إنه مكانش لاقي أي جرح أو مصدر للدم في عينيه. فكر يروح لدكتور، بس في شيء كان مخليه واقف سرحان بيتفرج على نفسه في المراية وعينيه بتنزف وتغرق الحوض. مكانش حاسس بخوف أو ألم، كأنه منوم مغناطيسيا.
فضل واقف مكانه تلت ساعة، وتينا بدأت خبط على الباب.
- موريس، إنت كويس؟ إيه الي حصل؟
فاق موريس فجأة من شروده ولاحظ الدم الجاف على وشه وقميصه، فحاول ينضف نفسه بسرعة وخلع قميصه وحطه في الغسالة.
- أنا جاي أهو، إتعورت بس وأنا بحلق..بسيطة مافيش حاجة.
تينا إرتاحت إن موريس مكانش عيان لأنهم كانوا خارجين رايحين حفل راقص في قاعة في القرية.
أما موريس خرج من الحمام كان هادي بزيادة. فكرت تينا تسأله في حاجة مزعلاه بس قررت ما تسألش. مؤخرا بقا بيتعصب على أقل حاجة ومكانتش عايزة خناقة تخليهم ما يخرجوش.
نزلو من البيت الساعة 8، لكن موريس ما نطقش حرف من ساعة ماخرج من الحمام. وفي قاعة الرقص، قعد في ركن ما سلمش على أي حد حتى صحابه في القدام من المصنع ولا طلب من تينا ترقص معاه.
تينا مكانش عارفة موريس ماله. هو مش من النوع الي بيحب يخرج كتير، بس كانت بتستمع جدا بالرقص معاه وكان بيحب موسيقى الكانتري. لو شرب بقا كاسين كان بيخرب الدنيا رقص وبيطلب من الفرقة تعزف أغانيه المفضلة.
غالبا كانوا بيفضلوا في القاعة لحد الساعة واحدة صباحا ويرجعوا على بيت حد من صحابهم يكملوا السهرة معاه للفجر. لكن الليلة دي الساعة جت عشرة وطلب موريس من تينا إنهم يرجعوا البيت لأن في حاجة مهمة عايز يعملها.
تينا طبعا زعلت لأنها كانت مستنية طول الإسبوع علشان تخرج وموريس هايبوظ السهرة. بدأت تتخانق معاه بس موريس مكانش له مزاج يرد أو يتخانق. قال لها بس إنه ماشي وأحسنلها تيجي معاه علشان مش هايستنى حد.
ركبت تينا العربية جنبه وهي متضايقة ورزعت الباب وراها.
أما كانت بتقفش كده، كان موريس بيحاول يلطف الجو ويتكلم في أي حاجة، أو يقول نكت أو على الأقل يوعدها إنه هايعوضهالها وكان فعلا بيوديها تتعشى في أي مكان وسط الأسبوع. بس الليلة دي موريس كان ساكت..مش زعلان ولا غضبان ولا اي حاجة..ساكت!
ساق بهدوء وهو باصص قدامه لحد قبل مفترق طرق المفروض إنه يقلل سرعته فيه، بس تينا لقيته فجأة داس بنزين وداخل في منتصف مفترق الطرق، بالضبط داخل وسط شجرة عملاقة.
- فرينشي!
موريس ما بانش عليه إنه سمع صرختها، وكمل إندفاعه ناحية الشجرة وكأنه مصمم يعمل حادثة.
مدت تينا ايديها ومسكت عجلة القيادة ودورتها ناحيتها، الي عملته ده أنقذ حياتهم، فبدل ما يدخلوا في الشجرة، العربية لفت وإتخبطت من الجنب في سور حجري والإزاز إتكسر. الغريب إن محدش فيهم إتخدش خدش واحد.
تينا كانت هيستيريه وهي بتصرخ فيه:
- في إيه يا موريس؟! كنت عايز تموتنا؟! إنت إتجننت؟
موريس لف ناحية تينا وحضنها وسألها في خوف:
- إيه الي حصل؟
موريس مكانش فاكر إنه مشي من قاعة الرقص أصلا ولا فاكر طبعا رحلة العودة للبيت. كل الي فاكره إنه لقا نفسه بيخبط في السور، كأنه كان نايم وصحي.
تينا مكانتش قادرة تغفر له، كانت حاسة إن جوزها بيفقد عقله، لأن دي مكانتش أول مرة يعمل حاجة ويقول إنه مكانش واعي..
تابعوا الحلقة السابعة بكرة إن شاء الله، نتمنى الحلقات تعجبكم ومجرد اللايك أو الشير بيشجعني جدا أكمل.
شكرا لثقتكم في المحتوى الي بقدمه ومنورين دايما.
#حصاد_الشيطان
#شيرين _هنائي
Comments
Post a Comment