الحلقة ‏١٣-سيرسي

سيرسي!
تأليف: جيسيكا بينوت
الحلقة 13

بكى روي تاني، وماقدرش يتكلم. مسح وشه في كُمه وبعد شوية بص لي وقال لي:
- انا ماحكيتش لحد الحكاية دي، بس لاقيتها عارفاه وعارفه إسمه!
- من الي عارفاه؟
- دكتورة آلن!
- علشان كده مش عايزها تعالجك؟
- كال كان سابني في حالي، وأخد الي هو عايزه مني خلاص وضيعني..بس بدأت دلوقتي أشوفه تاني. بيفضل قاعد مكانك كده ويبص لي طول الليل..الدكتور هي الي رجعته تاني علشان عايزة تموتني!
- ليه فاكر إنه عايزة تموتك؟
- لا، جابته علشان يموتني!
- دكتورة آلن عايزة تساعدك وتعالجك وإنت عارف إن الي بتشوفه ده وهم.
- يا سلام! مش عايزة تموتني؟ أمال ليه أخدتني معاها البدرم واغتصبتني!
- نعم؟!
- أيوه..أخدتني وأجبرتني..أنام معاها.
-أعتقد إني لازم أبلغها إتهامك ونتكلم إحنا التلاتة سوا..الي إنت بتدعيه ده خطير جدا ومش هاكون مرتاح إني أتكلم معاك في الموضوع ده بدون وجودها ودفاعها عن نفسها.
- طبيعي إنها هاتقول ماحصلش.
- وارد تكون بتحلم حلم جنسي عنها، ده طبيعي وبيحصل مع أي حد. إنت واعي برغم مرضك، لكن إنت مقتنع إن شيطان هو الي قتل أعهلك، وإن طبيبتك أستدعت الشيطان ده علشان تقتلك، ودي كلها حاجات مش صحيحة ومش واقعية ومفهوم إن عقلك الباطن يدخل دكتورة آلن في مشاكلك.
- غور من وشي..كنت فاكرك هاتساعدني، طلعت أي كلام.
- أنا فعلا عايز أساعدك..خلينا نفترض إن كل الي بتقوله حقيقي، أقدر اساعدك فيه إزاي؟
- أنا بس محتاجك تيجي وتبص عليا، ماتسيبنيش لوحدي معاها..  أرجوك..ماسيبنيش لوحدي معاها.
- اقدر أعمل ده..في أي حاجة تانية؟
- لا..بس في حاجة لازم تعرفها.. المكان ده مش تمام..في حاجة مش مضبوطة. مش قصدي إنه فيه عفاريت وكده لا، في حاجة أكبر. بص هو في هنا أشباح كتير، واحدة من الأسباح دي لطيفة وبتكلمني..إسمها جين..وقالت لي أقولك تبعد مراتك.
سألته في عنف واستنكار:
- نعم؟!
- هي قالت كده بس.
- بص، أنا هساعدك، بس ما تجيبش سيرة مراتي تاني أبدا وإلا مش هاتشوفني هنا تاني. فاهم؟
- أسف خلاص..آسف.
عديت على مكتب الأخصائي النفسي في الدور التالت وأتكلمت معاه بخصوص حالة روي والدوا الي بياخده، وبلغته إني أنا الي هاشرف على علاجه من هنا ورايح. أكدت على علاجه ومواعيده ومواعيد جلساته الأاسبوعية معايا، وحاولت ما أركزش في اللي قاله، لكن ما قدرتش أنساه.
الصدف كانت كتير اوي، وانا مش شخص خواف، بس بدأت فعلا أخاف.
وأنا بكتب تقاريري اليومية كان جسمي كل شوية تنفض، شعور غريب ملازمني، خوف من شيء مجهول.  مش مقتنع إني خايف من كاسي، ولا قادر اتجاهل هلاوس روي...أو هلاوسي.
أنا خايف من سيرسي نفسها بظلالها وحيطانها العالية، وعويل المجانين المحبوسين جواها.
وقفت شوية في شباك المكتب أبص على المرضى تحت، وحاولت أأكد لنفسي إن كاسي مش مختلة لدرجة إغواء مريض عندها. 
- عايز تعرف إيه الي هناك؟!
نطيت مكاني من الخضة! ماسمعتش خطوات كاسي وهي داخلة.
- لا شكرا..أخدت كفايتي النهاردة.
- المبنى والبرج الي كنت إنت بتبص عليهم دلوقتي، كانوا أول حاجة إتبنت في سيرسي. البرج ده وقع أربع مرات قبل كده و..
- مش مهتم أعرف صدقيني.
- قابلت روي صح؟ قالك إيه؟
سألتني بلهجة إحترافية زي ما بتسأل على أي مريض تاني. جاوبتها:
- معتقد إنك عايزة تقتليه.
- ماشي يقول لكل الناس كده.
- نمتي معاه؟
ضحكت بصوت عالي وسألتني:
- آسفة قلت إيه؟
- بيقول إنك أخدتيه لمكان زي الي أخديني فيه بالضبط، ونمتي معه.
- لا معلش ثواني..لازم أوضح لك حاجة، انا مابعملش علاقات مع المرضى، انا طبيبة نفسية محترفة. عارفة إنك مش حابب معتقداتي الخاصة، بس معتقداتي لا تعني إني أخرق قوانين المهنة. إحنا مش في العصور الوسطى هنا، فمافيش ساحرة بتغوي رجالة علشان تنام معاهم وتحضر بيهم شياطين..عارفة طبعا إن الفكرة نفسها مثيرة لأغلب الرجالة. طبعا غنت ماكونتش هاتصدق إدعاءات روي لو ماكوناش نمنا مع بعض صح؟ خلينا نكون صرحاء..من ساعة ما جيت هنا وأنا شايفة إنك وسيم ومثير بالنسبة لي، ماخخطتش طبعا من الأول إني أنام معاك، بس الأمور مشيت في الإتجاه ده، وانت كنت موافق وفي كل مرة بنكون فيها سوا بيكون باين عليك أوي إنك عايزني. علاقتنا مش صح، بس لسه مقبولة عادي..في بيننا حاجات كتير تستاهل الإستكشاف.
ابتسمت في لؤم، وباست رقبتي وقالت:
- لو انا غلطانة قول لي، يمكن أسأت فهمك.
حطيت ايدي على كتفها وقلت لها:
- آسف، كلامك عن السحر شوشني إلى حد كبير.
ضحكت وحاولت اخبي خوفي وعدم ارتياحي. كانت لسه مستنياني أقول حاجة تاني..فكرت كتير وأخيرا قدرت أقول:
- اعتقد إن علاقتنا الخاصة لازم تنتهي. مراتي حامل، ومش عايز أكون زي والدي وأضر تربية إبني. انا بحترمك جدا بس مش هاينفع نكمل.
- مش هاقولك إني مش محبَطة..عموما الوقت مناسب لإنفاصلنا، كده كده مافاضلش في شغلك معايا كتير، والأسبوع الجاي هايحل محلك الإثنين المخابيل صحابك. هشاف هاقدر اعلمهم إيه.
- مكانش عندي اي انطباع إن في دماغك تعلمي حد من المتدربين.
ضحكت وقالت:
- لا يا شيخ؟! أنا طول الوقت بعلم الناس.. شوف نفسك وشف إتغيرت قد إيه على إيدي.
- إنت معظمة نفسك اوي، إنت مش أول واحد أنام معاها بعد جوازي ومش مختلفة عنهم في حاجة. مراتي وإبني هم اللي غيروني، المكان ده غيرني، بس مش أكتر من كده.
0- عموما لسه قدامنا إسبوع سوا، يمكن أقدر اعوض الي قصرت فيه معاك. جهزت شنطك علشان السفر؟
________________________
برجع كل يوم البيت بدري، وباخد بالي من بريا. وبقيت كمان بطبخ وبنضف الحمام.
حضرت كل جلسات العلاج بتاعتي، وقابلت روي مرة وإتكلم عن كاسي، وانا سمعته..عيط كتير على عيلته..قلبي بدا يميل للولد، وكل مرة بتكلم فيها معاه بحس إن مستحيل يكون شرير من جواه.
رغم كل نواياي الحسنة، إضطريت في نهاية الأسبوع أجهز شنط السفر. قعدت مع بريا في المطبخ وهي بتعيط علشان مسافر، ووعدتها إني هارجع أرسغ وقت، لكن أول ما عربية كاسي وصلت قدام البيت خرجت بسرعة وودعتها بإبتسامة.
بصيت لكاسي في تعجب..كانت لابسة جيبة أبعد ماتكون عن الحشمة أو الزي الإحترافي..أول كم زرار في بلوزتها كانوا مفتوحين زيادة عن الضروري. مكانتش لابسة نضارته الطبية وكانت فاكة شعرها.
سلمت عليها وطلعت أكبر كتاب معايا وبدات أقرا فيه.
كاسي كانت حاجزة حجرتين جنب بعض في الفندق، دخلت أوضتي وتجاهلت فكرة إنها في الأوضة الي جنبي، وقفلت على نفسي.
المنظر من شباكي كان تحفة، ولاقيت نفسي بفكر في بريا. كان هايعجبها المنظر أوي..تخيلتها قاعدة قدام الشباك متكورة على نفسها زي القطط وجميلة زي زمان.
طرقات كاسي على الباب طلعتني من تخيلاتي، فتحت من غير ما أفك سلسلة القفل.
- إيريك، تحب تشرب معايا حاجة؟
- فين؟
- تحت مش في أوضتي ماتخافش.
الجو كان بارد، طلبت مارتيني وطلبت كاسي مشروب بالنعناع..بعد فترة صمت قالت:
- بحب المكان ده..في كل حاجة هنا..الجنس، العبودية، الفقر، الإدمان، الإباحية، حتى البطولة.. لو بصيت حواليك كويس هاتشوف كل ده في الناس هنا...إريك، إنت جيت هنا ليه؟
- معرفش..ليه الناس بتتفرج على أفلام مصاصي الدماء؟ كل الناس عارفة إن مصاصي الدماء أشرار بس كلهم عايزين يتفرجوا عليهم..إنت سخيفة بس مش قادر أبطل أتفرج عليكي.
- عارف ليه الناس بتحب افلام مصاصي الدماء؟ لأن كل واحد بيحلم في سره إنه يكون مصاص دماء..أو على الأاقل في قوتهم. بيحلموا يكونوا مختلفين، بره القطيع..يمكن ده السبب الي خلاك تيجي معايا، كنت عايز حاجة مختلفة، حاجة أكتر من مجرد لحم ودم.
- بقول إيه..إحنا لازم نصحى بدري علشان المؤتمر..أنا راجع أوضتي..عيشي حياتك.
أول ما وقفت، حطت إيدها على إيدي وقالت:
- هاتنام؟ ولا هاتدورلك على طاووس تاني؟
- بتتكلمي عن إيه؟
- إيه شوفتها هنا؟ البنت الي اغتصبتها؟
شديت إيدي منها بأعنف ما يمكن، كنت بحاول ما أضربهاش.
- مش فاهم بتتكلمي عن إيه إنت.
- البنت الي بتقرا الودع..مش فاكرها؟ أخدتها الحارة وزقيتها على الحيطة واغتصبتها.
صوتها كان هادي ومنوم جدا..قعدت ..قلت لها:
- عرفتي منين؟ أنا ما إغتصبتهاش، وعمري ما عملت حاجة مع واحدة بدون رضاها..أنا رجل متجوز..رجل كويس.
- لا.إنت عمرك ما كنت رجل كويس..إنت رجل بياخد الي هو عايزه. الستات بالنسبة لك لعبة وعمرك ما وقفت لحظة تشوف الي معاك عايزة إيه..
- إنت تعرفي إيه عني أصلا؟ إنت الي أغويتيني زي العاهرات!
- مابقتش قلقان على تقاريري عنك دلوقتي هه؟ مش قلقان على مستيقبل ولا شغلك، مش هامك لو بكلمتين مني قضيت على اي فرصة لك لأنك حيوان!
- إنت ما تعرفينيش، ماتعرفيش أي حاجة عني..معرفش عرفتي منين البنت الي بتقرا الودع، بس إيا كان مصادرك، إنت ماعندكيش أدنى فكرة عن الحقيقة. البنت دي كانت واخداني بيتها..لسريرها..أغوتني وأنا غلط.
- حكت لي.
قشعرت..كان في ست في حارة مجاورة بتغني أغنية دينية غطت على صوت الموسيقى في البار. أولاد بره بيرقصوا كلاكيت، صوت رجليهم كان بيرن في دماغي..سألتها:
- قارئة الودع حكت لك؟
- لا..إنت عارف مين الي حكت لي..سيرسي كانت بتكلمني من زمان..
- أنا قايم..
المرة دي قومت وبعدت فعلا. وقفت في حارة ضلمة لوحدي و فضلت أستعيد الليلة بتاعة قارئة الودع، مش فاكر البنت قالت لي إيه..كل الي فاكرة جسمها وإحساسه على جسمي..مش فاكر كانت موافقة على الي عملته معاها ولا لا..بس البنت ما زقتنيش أو بعدتني..كاسي مجنونة..
سمعت صوت خطواتها بتقرب مني، قلت لها:
- عايزة إيه تاني مني؟ سيبيني في حالي. أنا هاكلم دكتور بابكوك عن تحرشاتك بيا وبروي..أنا تعبت..
- لو عملت كده، هاحكي لمراتك عن كل الستات التانية..كلهم. خصوصا البنت الصغيرة بتاعت الحارة.
- ليه عماله تقولي بنت صغيرة؟ مكانتش بنت صغيرة!
- فعلا؟ كان عندها كم سنة؟
- ما سألتهاش.
- أتناشر سنة..بلغت البوليس وحطوا ملفها مع ملف 700 واحدة تانية تم اغتصابهم من مجهولين. لو روحت البوليس ودليتهم عليك وقارنوا الحمض النووي بتاعك بالحمض النووي الي اخدوه منها أما بلغت هايقبضوا عليك.
- إنت عايزة مني إيه؟!
- عايزاك تعمل معايا زي ما عملت معاها..
- ماشي!
_____________________________
المؤتمر نفسه كان ممل..
في كل دقيقة كنا فاضيين فيها كنا بننام مع بعض، علاقة قذرة عنيفة في أي مكان وبأي وضع..
ماكوونتش عارف أنا بعمل إيه، يمكن كنت عايزها تخرس..كانت بتفضل تحكيلي أدق تفاصيل حياتي وتقول لي سيرسي قالت لي..مين سيرسي!
آخر يوم في المؤتمر خرجت أمشي لوحدي وأدور على قارئة الودع. كنت عايز أبرأ نفسي من الجرايم الي بتهددني بيها كاسي.
فضلت ماشي في ميدان الكاتدرائية، بدور على بنت بطاووس على ظهرها. سألت كل الي لقيتهم قدامي وسألت في كل محلات أدوات السحر..محدش يعرفها..البنت كانت همسة دخان في حلم..
بس شوفت الشبح الي شوفته في سيرسي هنا، الست الي كانت لابسة أبيض. شعرها ملموم وأسود..شاورت لي فروحت لها..قال لي:
- إزيك..أنا جين!

لينك حلقة ١٤

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10158551022840929&id=559350928

Comments

Popular posts from this blog

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي

الحلقة ‏العاشرة- ‏في ‏مكان ‏مظلم

المنزل ‏في ‏شارع ‏ميبل- ‏ستيفن ‏كينج