الحلقة ‏الخامسة- ‏حصاد ‏الشيطان

حصاد الشيطان

( عن قضية الإستحواذ الشيطاني على المزارع موريس ثريو- قصة حقيقية)
الحلقة الخامسة

لينك الحلقة الرابعة:

جاك نزل موريس عند موقف الأوتوبيسات، ومن هناك ركب موريس لبوسطون بعدها هايغير من هناك ويركب أوتوبيس لنيو بريتين في كونيكتيكت، وهناك هايبدأ حياة جديدة حرة.

قضى موريس سنين في ورشة الفضة، بس عمره ما اخد على إنه يبقا صنايعي، كان بيكره الشغل في مكان مقفول لفترات طويلة، هو الي عاش عمره في مزرعة مفتوحة داخلها الشمس والهوا.
كان عايش في شقة صغيرة فوق بار، وشباكها الوحيد بيطل على ظهر لوحة إعلانات، بتفضل لمباتها النيون تنور وتطفي طول الليل.. كان دايما حاسس بالغربة.
رغم كل ده، ماحسش للحظة إنه عايز يرجع المزرعة علشان ما يشوفش أبوه تاني، بس والدته كانت واحشاه وكمان إخواته، حتى القرية وحشته.
قرر موريس يرجع لبلدة فورت كينت تاني، وأما رجع دور على بنت كان إتعرف عليها في كونيكتيكت وخرج معاها فترة، كان إسمها باتريشيا آن أوبرايان. موريس كان بعد عنها لنفس السبب، وهو كونه غير مستعد لعلاقة وهو ما أكدش نفسه في شغل ما يضطرهوش يرجع لأبوه تاني.
باتريشيا كانت حزينة أما سابها، لكنها ما لامتهوش وكانت متفهمة ظروفه وفرحت أما شافته تاني.
رغم إن عمرها كان 16 سنة، لكن كان شكلها يدي عشرينات، كانت جميلة بشعر أشقر ولبس محتشم هادي. بعد عودة موريس لفورت كينت وبحثه عن شغل، عرفت باتريشيا إنه مالوش مكان يقيم فيه، فعرضت عليه يقعد معاها هي وجدها ويلي دومون في أوضة منفصلة.
أما قالت على جدها الفكرة، رفض فورا، بس أما عرض موريس إنه يدفع إيجار ويساعدهم في شغل البيت، وافق العجوز. فكم دولار زيادة هايساعدوه يفضل سكران فترة أطول.
ويلي كان فرنسي، وشبه الدب العجوز..شعره أبيض ثائر وأسنانه واقعة وبيكسل يلبس طقم الأسنان لأنه بيبضيعه وهو مخمور وبيكسل يدور عليهم.
كان واضح إن موريس وباتريشيا علاقتهم رجعت قوية، برغم إنه مكانش بينهم أي علاقة جنسية، فباتريشيا مابلغتش 18 سنة، لكنهم كانوا أصدقاء. 
لأول مرة من فترة طويلة موريس حس بالسعادة، وبدأ في حياة عادية خاصة بيه. لكن ويلي كان ساعات بيضايقه لأنه كان غيران منه على باترشيا، بس مكانش في حاجة يقدر موريس يعملها غير إنه ما يركزش مع العجوز. ماكانش يقدر ياخد بتريشيا ويعيشوا سوا بعيد لأانها كانت لسه صغيرة، غير إن موريس مكانش يقدر يجيب شقة لوحده، فشغله كمزارع في مزرعة بطاطس مكانش كافي ماديا.
عموما، موريس كان صبور، وأقنع باتريشيا تستنى لحد ما تبلغ 18 سنة وبعدها يقدروا يبعدوا عن جدها.
لكن في يوم كان موريس راجع من شغله بدري شوية ولقا باتريشيا على سريرها بتعيط.
- بات..مالك؟
سألها وهو بيقعد جنبها وبيطبطب عليها.
- مافيش يا موريس..مافيش..
دفنت باتريشيا وشها في صدره وعيطت، وفجأة فتح ويلي باب الأوضة عليهم ودخل. وقف في وسط الأضة وسأل موريس:
- إنت رجعت بدري ليه ياولد؟
- حسيت إني تعبان شوية فأخدت أجازة؟ مالها باتريشيا؟
- معرفش، سيبك منها..ساعات بتتجنن كده، إنت عارف الحريم..
لف ويلي وخرج من الأوضة وراح يشرب في الصالة. سأل موريس باتريشيا:
- ماله متعصب كده؟
ودت باتريشيا وشها بعيد عن موريس وعيطت تاني.
- لو حبيتي تحكيلي أنا موجود.
قام موريس وخرج وقفل الأوضة وراه وراح أوضته وهو مستغرب عن سبب بكائها.
تاني يوم موريس كان لسه تعبان، فقرر ما يروحش الشغل. بعد ما باتريشيا نزلت المدرسة، ويلي دخل له أوضته وقال له:
- بقولك إيه..أعتقد إنك لازم تمشي من هنا. المكان مايساعناش إحنا التلاتة.
فعلا كان موريس حاسس بنفس الشيء، ويلي بقا عصبي أوي معاه ومتضايق من وجوده وكأنه بيتنافس معاه على الفوز بباتريشيا.
قام موريس ولم هدومه، ونزل السلم محتار وعمال يفكر هايروح فين..كان بيسأل نفسه: إيه مشكلتي؟ ليه مش عارف أحتفظ بأي بنت في حياتي؟
قبل ما يخرج من البيت سمع طرقات عالية على الباب ووراها حد بيقول:
- إفتح بوليس!
مجرد ما قرب موريس من الباب، قام ويلي بسرعة وراح المطبخ، إستغرب موريس إزاي رجل في سنه يجري بالسرعة دي.
فتح الباب، ولقا ضابط وعساكر واقفين في نفاذ صبر.
- فين ويلي دومون؟ معايا إذن بالقبض عليه.
- راح المطبخ..بس ليه في إيه؟
دخل الضابط والعساكر للمطبخ بسرعة، راح موريس وراهم شاف ويلي فاتح درج ومخرج طلقات وبيحاول يحطها في البندقية بس إيديه كانت بتترعش والطلقات وقعت على الأرض. زق العسكري البندقية وقعها على الأرض، والصق الرجل العجوز في الحيطة وحط في إيديه الكلبشات وأخده بره البيت.
خرج موريس وراه، بس الضابط قال له يخليه في البيت ويستنى باتريشيا أما ترجع من المدرسة. موريس مكانش عارف يعمل إيه، بس نفذ كلام الضابط ورجع. بعد عشر دقايق، دخلت عربية شيفروليه خضرا سايقاها سيدة أربعينية ومعاها باتريشيا بتعيط. صرخ موريس:
- ويلي إتقبض عليه..في إيه؟
باتريشيا نزلت من العربية ومشيت تجاه موريس وعينيها الحمرا باصة في الأرض.
- موريس..أنا آسفة أوي..
فضلت واقفة قدام موريس لحظات وهي باصة في الأرض، وأخيرا قالتله إن ويلي كان بيجبرها على ممارسة الجنس معاه لسنين طويلة..كانت بتكرهه بس كانت خايفة تتكلم وتقول لحد..
- بس بعد ما إنت رجعت يا موريس، ووقعت في حبك تاني..قولت إنك هاتاخدني بعيد عنه..
لاحقا جه ضابط بوليس تاني وكان عايز موريس يروح معاه القسم.
- عايزين بس نسألك كم سؤال.
راح موريس معاه، وسألوه عن علاقته بباتريشيا، وعلاقة ويلي بيها وعلاقته بويلي.
- كنت عارف إن ويلي بينام معاها؟
- لا طبعا. لو كنت أعرف كنت هاسكت إزاي؟
- طيب..إنت بتنام معاها؟
بدأ صوت الضابط يعلى وهو بيبص لعينين موريس في تحدي.
- لا..عمري ما لمستها..إحنا صحاب بس.
موريس كان بيقول الحقيقة، هم آه كانوا أكتر من صحاب، بس عمره ما لمسها أو حتى باسها. وحقيقة إن جدها كان بيغتصبها ما قللش من حبه لها لأنه كان عارف يعني إيه الواحد يكون ضحية. كان عارف إنها محتاجاه أكتر من اي وقت تاني ومش هايخذلها.
- صدقني يا فندم..أنا عمري ما عملت حاجة تأذيها.
الضابط سأله كم سؤال تاني وسابه يمشي. هو مكانش عارف موريس، بس في حاجة في صوته ونظرته بتقول إنه مش كداب وإنه مش هايأذي البنت بالعكس، هايحافظ عليها.
- ممكن تروح دلوقتي.بس ممكن نحتاجك للشهادة فما تغيرش مكان إقامتك من غير ما تبلغنا.
خرج موريس من حجرة التحقيق، وقابل بالصدفة ويلي وهو مقيد في طريقه الحبس. كان في نظرة مجنونة في عينيه وعمال يقول كلام مش مفهوم. أما شاف موريس بصله أوي فموريس خاف وحاول يبص بعيد بس ماقدرش..كان ويلي بيتحكم فيه بنظرة عينيه. قال ويلي ببطء وبحروف واضحة:
- هاسكن حياتك زي الشبح لبقية عمرك..
رغم إن الكلام كان خارج من فم ويلي إلا إن الصوت مكانش صوته ابدا.
- إنتوا الإثنين مش هاتشوفوا السعادة مع بعض، مش هايبقالكم حياة مع بعض..أنا بلعنكم..الشيطان شخصيا بيلعنكم!
عساكر الحراسة جروا ويلي بعيد، لكنه بصق على جزمة موريس الي فضل واقف مكانه بيترعش.
العسكري قال له:
- ماتخافش منه، هو هايشرفنا هنا لوقت طويل جدا.
لكن موريس كان مرعوب..وفضلت العبارة والصوت الغريب بيرنوا في ودانه. 
_______
تاني يوم، أم باتريشيا ظهرت في فورت كينت. كانت عايشة في بورتلاند بس بعد ما سمعت الي حصل قررت تخد باتريشيا، بس بدل ما تاخدها تعيش معاها، كانت هاتوديها دار رعاية!
موريس كان مصمم إن ده مايحصلش، فجري على بنك محلي علشان ياخد قرض. كان محتاج عربية سريعة. بالرغم من إن شغله كمزارع مكانش بيجيب فلوس كتير، إلا إن موظف القروض كان يعرفه وكان بيثق في ذمته، فوافق له على 500 دولار.
بعد ما إستلم الفلوس، إشترى عربية ميركوري موديل 1949. كانت مقشرة ومحتاجة تصليحات بس كانت تؤدي الغرض. موريس كان مأجر أوضة في بيت قديم بعد ما أم باترشيشيا طردته من بيت ويلي. فراح ملا العربية بنزين ورجع الأوضة لم حاجاته ودفع باقي إيجاره وجري على تليفون عمومي وإتصل بباترشيا وفضل يدعي إنها هي الي ترد مش أمها. أخيرا سمع صوتها:
- ألو..
- باتريشيا..انا موريس. لمي هدومك هانمشي من هنا خالص. أنا جبت عربية، هانروح كندا ونتجوز هناك. هاتبقي جاهزة إمتى؟
باتريشيا كانت مذهولة من الي سمعته، قالت لموريس:
- موريس..مش مصدقة الي بتقوله ده..
- ها..جاية لا إيه؟
مكانش سؤال يسأله طبعا، فباتريشيا مكانتش تحلم بمخرج زي ده.
- طبعا جاية..هاستانك بره البيت بعد ربع ساعة. ماما نايمة مش هاتحس إني خرجت..موريس.... بحبك! إنت خليتني أسعد بنت في الكون!
جمعت باتريشيا حاجاتها وهي ماشية على أطراف صوابعها، وبصت على أمها لقيتها نايمة. نزلت بسرعة وفضلت مستنية موريس يوصل وهي حاسة إنها طايرة في السما. كل شوية كانت تبص ناحية شباك أوضة أمها وتدعي إنها ما تصحاش وتكتشف غيابها. حست كأنها مستنية موريس سنة مش ربع ساعة. أخيرا ظهرت العربية الصغيرة ووقف موريس قدامها، فجريت وإتعلقت في رقبته.
- موريس حبيبي!
ركبت جنبه، وفضل حاطط دراعه حوالين كتافها طول الطريق، وكأنهم في مشهد من فيلم رومانسي..مكانش حد فيهم مصدق إنهم في الواقع.
ما أخدوش وقت كبير لحد ما عبروا الحدود، ووصلوا لبلدة إيدموندسون، ودوروا على قاضي يجوزهم. وبحلول الليل كانوا متجوزين.
قضوا أول يوم في شهر العسل في أوضة صغيرة في فندق، بعدها رجعوا فورت كينت الصبح. كانوا شايفين كل حاجة أجمل وإن الحياة أخيرا ملكهم.
باتريشيا حست بالأمان مع موريس، وموريس كان حاسس بالسعادة لإنه أخيرا عمل حاجة يكفر بيها نوعا عن الي أبوه كان بيجبره يعمله. كانوا سعداء رغم الحياة الفقيرة، وكانوا مقررين إنهم هايسيبوا فورت كينت أقرب وقت، وفعلا إنتقلوا لقرية تانية في نفس الولاية بمساعدة بعض أصدقاء موريس.
بلدة هوليوك كانت مكان ممتاز لحياة جديدة وسط فرنسيين كنديين زي موريس، إلى جانب إنها كانت بعيدة عن أكتر شخصين بيكرههم، ماكسيم وويلي.
أصدقاء موريس لقوله شغل بسرعة في مصنع ورق، وإختارت باتريشيا إنها تبقا ست بيت وماتشتغلش. موريس كان مبسوط جدا، لكنه ساعات كان بيحس إن باتريشيا كسولة جدا، فماكنتش بتطبخ أو تنضف أوتجهز هدوم نضيفة له، وبدأ يكلمها في الموضوع ده كذا مرة، وكل مرة كانت بتوعده إتنها هاتحسن من نفسها وهتاخد بالها، وكل مرة مكانتش بتوفي بوعدها.
فورا أنجبت باتريشيا وموريس طفل قبل عيد جوازهم الأول وسموه كارل، بعده أنجبوا طفلين ورا بعض الفرق بينهم أقل من سنة. صحاب موريس في الشغل كانوا بيهزروا معاه وبيقولوا إنه بشتغل في مصنع ورق الصبح وفي مصنع أطفال بليل.
في يوم صيفي حار من أيام أغسطس، كان موريس وزوجته نايمين على السرير بعد ما نيموا أولادهم وبدئوا يتخانقوا تاني الخناقة المعتادة.
- يا ست إنتي مش قولتلك الف مرة تنضفي البيت النهاردة في ناس جايالي؟ إيه الي حصل؟
- موريس،.. مكانش عندي وقت الأولاد شاغلينني طول اليوم.
- لا معلش لاقي وقت أحسنلك..أنا شغال في المصنع طول اليوم وبرجع الاقي البيت خرابة..مافيش حتة هدوم واحدة نضيفة أو في مكانها..الواحد ماشي يخوض في تراب كأنه في الشارع. ده أنا حتى ماعنديش حاجة نضيفة انام بيها!
- أنا بعمل على قد ما أقدر!
بدأ صوت باتريشيا يعلى ووشها يحمر..هو ليه مش مقدر إنها كمان بتشتغل في البيت زي ما بيشتغل في المصنع؟
- أمي كان عندها 15 طفل وبتساعد في الزراعة والبيت كان زي الفل.
بدأ موريس كمان يعلي صوته. باترشيا زهقت من نفس الخناقة كل يوم، فإديته ضهرها وودت وشها ناحية الحيطة. فجأة صرخت:
- موريس! بص الصليب!
بص موريس على الصليب المتعلق على الحيطة، وقعد يرمش بعينيه مش مصدق الي شايفه. كان في سائل لزج أحمر بينزل من أيدين ورجلين المسيح المصلوب وبيغرق الحيطة.
الصليب كان بينزف..

تابعوا الحلقة السادسة بكرة إن شاء الله، نتمنى الحلقات تعجبكم ومجرد اللايك أو الشير بيشجعني جدا أكمل. 
شكرا لثقتكم في المحتوى الي بقدمه ومنورين دايما.


#حصاد_الشيطان
#شيرين_هنائي

Comments

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي