الحلقة18- ‏سيرسي

سيرسي!
تأليف: جيسيكا بينوت
الحلقة 18
 
حكيت لبريا عن يومي، وإني حكيت لآندي وجون، وقولت لها عن قرارنا. أطرت على شجاعتي وإني كده الرجل الي دايما كانت شايفاه فيا.
للأسف كلامها ما طمنيش كتير، الظلام المخيم علينا والهلاوس الي بتخليني مش قادر اشوف أي أمل في بكره.
__________________
أخدت الدكتر بابكوك تقرير جون وآندي عن كاسي بجدية شديدة. أستجوبتنا بم فينا كاسي. وقضت اليومين التاليين بتتجول في العنابر والأقسام كلها وتسمع من المرضى ولعاملين كل الإشاعات والحكايات حتى لو مش معقولة.
برغم احترافية بابكوك إلا إن الأخبار إتسربت والعاملين بقوا بيتهامسوا عني وعن كاسي..كنت في عينيهم المتدرب الي نام مع امنا الغولة..كل لناس عرفت وقليل الي حاولوا يخبوا معرفتهم.
دكتور دونالد عاملني بلطف، كنت شايف الشفقة في عينيه. الأدوية ساعدت في قمع هلاوسي وبقيت بركز في شغلي أكتر وابعد عن الهمسات حواليا.
كنت مضطر احكي حكايتي عشرات المرات قدام مدير المستشفى ومدير شئون المتدربين وأي حد مختص، حتى إنهم خلوني أكتب تقرير بالكلام ده.
عقبال ما جت نهاية الإسبوع كنت أنا وآندي وجون تعبنا خلاص، لكني كنت مرتاح، لأول مرة في حياتي أعمل الصح.
____________________________
الفصل السابع

الوقت كان بيعدي، بس ماكونتش حاسس بمروره. كنت بقعد بالساعات قدام شاشة الكومبيوتر المقفولة وأفضل مشوش وضايع.
جسيت بحضور سيرسي من قبل ما أشوفها، كانت جاية من ورايا، ما التفتتش ..كنت جبان.
قال سيرسي بصوتها الي زي الفحيح:
- هي ماتت خلاص..قتلناها الصبح ودمها ملاني..كانت لذيذة.
رفعت سماعة التليفون واتصلت ببريا في الشغل. طمنتني السكرتيرة إن مراتي بخير وشغالة مع مريض. قفلت السماعة وحاولت أتجاهل كلام سيرسي.
كملت شغلي وجه دكتور دونالد سحبني من المكتب ووداني اوضة الإجتماعات الي قابلنا فيها دكتورة بابكوك أول مرة جينا فيها هنا.
قعدنا مستنيين دكتورة بابكوك وجون، وماكوتش عارف الصراحة الإجتماع ده ليه.
أما وصلوا بعد عشر دقايق، قعدت بابكوك وقالت:
- الحقيقة مش عارفة أقول إيه..إنت أشجه متدربين قابلتيهم في حياتي. كل مريتوا به مع دكتورة آلن خلاكم بشكل غريب أقويا وإتكلمتوا بدل ما تخافوا وتسكتوا...أنا فعلا معجبة بكم.
بصت لنا ولمجحت إن عينيها مدمعة شوية، كملت:
- للأسف الشديد...مضطرة ابلغكم إن آندي أتوفقت النهاردة الصبح. البوليس بيحقق في وفاتها، بس الظاهر إنها انتحرت. .قطعت شرايينها. أنا بلوم دكتورة آلن على كل الي حصل ده وصدقوني هاعمل كل الي اقدر عليها علشان ماتفلتش من العدالة.
ضحك جون وخبى وشه في إيديه، أنا كنت منمل..مش حاسس برجليا ولا وشي..
- هاديكم إسبوعين أجازة، أنا جبت من الجامعة بديل لكم، واعتقد اننا هانعيد هيكلة نظام التدريب بالكامل..دكتورة آلن هاتترفد، وممكن أصلا نفقد إعتماد برنامجنا التدربيبي..بس ماتقلقوش شهادات تدربيكم هاتكون موجودة.
آسفة فعلا..آندي كانت شابة ممتازة، وجودها هنا كان فارق وانقذت حياة ناس كتير..عموما أهل آندي هايتواصلوا معاكم بخصوص ميعاد الجنازة.
قلت في هدوء:
- شكرا لك..
مسكت إيد جون وسكتنا..ماعادش في حاجة تتقال.
بعد شوية جمعنا حاجتنا ولقيت جون مستنيني على مقعد في الجنينة. كان ضايع تماما وسط الزحمة ووسط ذهوله.
- وقت ما تبقا مستعد وقادر ياللا بينا.
- كاسندرا آلن...
- عملت إيه تاني؟!
- قلت لها إن آندي ماتت..ضحكت.
- ضحكت؟
- أها..قالت إن سيرسي بتاخد ممتلكاتها وقت ما تحب.
- دي مجنونة وخلاص مستقبلها هايتدمر.
- دي قتلت آندي! وهاتقتلنا وتقتل روي!
- ومال روي بالموضوع؟
- إحنا أكدنا إن الي حصل للولد مش هلاوس واثبتنا ده بشهود بإثبات الجروح الي في جسمه والي مش ممكن يكون عملها لنفسه. الولد قال إنها هاتقتله ليه مش هانصدقه بقا؟! علشان مريض؟ وبعد الي حصل لآندي برضو مش هانصدقه؟ هو قال لي إنها هاتقتل آندي وتقتلني..طلب مني آخد مراتي وأهرب.
- روي..روي بيبالغ!
كنت بحاول أخلي المنطق يرجع تاني، مش هاينفع نتعايش مع هدم جدار الواقع كده، لكن جزء مني كان بيصرخ فيه(إهرب!)، بس مقدرتش أخلع قناع العقل وسط كل الجنون ده.
قال جون:
- روي حكالي إنه لما حضر كال، كال قال له إن كل ده هايحصل. حكى له عن سيرسي وعن الساحرة..قال لي إن في إتنين متعلم عليهم.
- يعني إيه؟
- آسف..أنا بس خايف يا إيريك وعمري ما كنت بخاف. أنا مؤمن بوجود الشياطين..أقصد..أنا عارف إنهم موجودين بس معرفش أي حاجة عنهم غير الي بييجي في الأفلام، أنا مش قد مواجهة زي دي. آندي ماتت ومستحيل يكون موتها انتحار. أنا لازم أمشي من الاباما خالص.
- هاتروح فين؟
- هارجع فلوريدا وهاخد آنجيلا معايا وهاعيد تدريبي هناك السنة الجاية.
- ببساطة كده؟ ماتستنى لحد ما ناخد الشهادات من هنا.
- إنت كمان لازم تهرب.؟إيا كان الشيطانين دي حقيقة ولا لأ، بس كاسي حقيقية والقضية هاتتسرب للإعلام، وآندي حقيقية وماتت..ثم أما يسحبوا تراخيص التدريب من سيرسي هاتعمل إيه بشهادة مابقتش معتمدة؟
- عندك حق. بس انا محتاج أخلص التدريب ده وآخد الشهادة دي حتى لو مش هاتشغلني في مستشفى، بس هاشتغل في عيادتي. بريا هاتولد توأم ولازم يكون عندنا مصدر دخل ولازم أكون متفرغ السنة الجاية كلها على الأقل، مش هاينفع أنزل تدريب تاني ومافيش مصدر دخل بعد ما بريا هاتسيب شغلها.
بالإضافة إلى إني ضعت أصلا يا جون خلاص..
- لازم تحاول!
مشينا ناحية العربية، الضباب كأنه بيطلع من الأأرض مش بينزل من السما..لقيت نفسي بتمنى لو أقدر آخد بريا و أهرب لبرد وهدوء دترويت. إشتقت لأيامنا هناك، الأيام العادية المملة الي مكانش فيها خوارق ولا عالم تاني..وحشني الخوف العادي من الحرامية والقتلة.
كان لازم استحمل وأشيل مسؤلية أولادي..كنت اناني طول عمري، ودلوقتي مش هاسمح بشيء مالوش وجود يدمر حياة الي بحبهم.
________________________
اما رجعت البيت بريا كانت مسترخية في البانيو وحاطة شموع حواليها. واضح إنها إستأذنت من الشغل بدري تاني. الساعة كانت 3.
قعدت على حرف البانيو، سألتني:
- رجعت بدري أوي.
- واضح إن الشياطين جت تنتقم لكاسي..آندي أتوفت.
- نعم؟!
- انتحرت.
قامت بسرعة ونشفت نفسها وطلعت الصالة. وقفت قدام الشباك، شلت سدادة البانيو وطلعت وقفت جنبها.
- إيريك..إحنا ملعونين..
 - إحتمال..
- إزاي تحارب حاجة مش شايفها؟ هي الي قتلتها؟ نقتلها طيب؟ نلعنها؟ لو قتلنا كاسي كل ده هايتحل؟
- معرفش.
- نروح الكنيسة طيب؟ نصلي؟\
- معرفش.
- انا مش هاستسلم!
- إنت لازم ترجعي لأهلك، وتسيبيني هنا ماتقلقيش هاتصرف. لازم تكوني في مكان آمن.
- مش هاسيبك!
- جون مسافر خلال تلات أيام، عقبال ما يلم حاجاته.
- يعني هو كمان خايف؟ يعني مش إحنا بس المجانين؟
- هو شافها..
- كاسي؟
- سيرسي..
-هلاوسك مُعدية.
- مش يمكن بنحلم؟
- مش يمكن موتنا أصلا؟
- إنت لازم تمشي من هنا..إرجعي لأهلك وخلي بالك من ولادنا، هاحصلك أول ما أخلص.
- تعالى معايا، إنت لو فضلت هنا هاتموت، فاكر كلام سيبل؟
- بريا..حبيبتي، أنا عمري ما كنت زوج كويس..أنا إتجوزتك بدافع الحب، بس كمان لأانك كنت مناسبة لصورة معينة في دماغي عن شكل حياتي. كنت بعاني طول الوقت إني ما ابقاش زي أبويا، لكنني في النهاية خونتك وخونت أولادنا. أنا مش ههرب تاني، كفاية جبن، مش ههرب وأشوفك بتعاني تاني علشان تصرفي على ولادنا وتربيهم لوحدك وانا موجود ومش موجود.
- وهاستفيد إيه أما تموت؟!
- الدنيا مابتمشيش كده...انا رافض أؤمن إن الأشباح بتمشي على وش الأارض وإن الشياطين قادرة تقتل..وحتى لو مُت وانا بحارب، هايكون لك مبلغ محترم من بوليصة الـامين هاأمنلك حياة كويسة وهايساعدك تسددي الديون..شوفتي موتي ممكن يكون أفضل إزاي؟
- أنا عايزاك معايا حتى لو هاتعب واشتغل، إزاي ممكن ابقا غنية وانت مش معايا ويكون ده أحسن لي؟
- لسه في إحتمال إن كل الي بيحصل ده مش حقيقي.
- ليه مش عايز تصدق إحساسا كلنا؟ الشيء الي بتشوفه ده هايقتلنا!
- لأني طبيب نفسي! العقل مخادع والذكريات مرنة وبتتشكل حسب رغبة الشخص. الواحد بيغيرر ذكرياته بنفسه لحد ماتبقا حقيقة هو نفسه مقتنع بيها. الي احنا مقتنعين انه حقيقي دلوقتي هايكون محل شك بعدين..هانكتشف إننا كنا مضغوطين ومابننامش، وهانكتشف إن كاسي مجرد ست مخبولة متحرشة مش أكتر.
- آندي ماتت..الاعيب الذاكرة مش هاتغير ده.
- آندي انتحرت، كانت مضغوطة وتعبانة ومرعوبة.
- انت شوفت الشيطان وهربت منه.
- أنا هربت من هلوسة.
- انا هامشي بعد جنازة آندي، وخلال الفترة الي هافضل فيها هنا هاعمل كل حاجة تقنعك تيجي معايا.
حضنتها وقلت لها:
- بريا، عايزك تعرفي إن يعايز اهرب..انا خايف، مرعوب، بس كمان عمري ما عملت حاجة صح في حياتي. عمري ما ضحيت بحاجة علشان حد، ومحتاج التضحية دي علشانك. عايزك تروحي مكان آمن، ولو عشت، وحاسس إني هاعيش، هارجع لك، هايبقا خلاص. ول مت وطلعت المستبصرة صح، هابقا أمنت لك وللأولاد حياة كويسة. أرجوكي تفهمي إني بتغير علشانكم يا بريا.
سامحيني..
- سامحتك.
- بس انا مش مسامح نفسي.
ساعدت بريا تبدأ تلم حاجاتها في شنط وصناديق، وجت أمها ساعدتها وأخدت الحاجات معاها علشان يبقا سهل بريا تروحلها بعد جنازة أندي.
كنت عارف إن جون وانجيلا كمان مسافرين.
بعد كم يوم أنا وصدف كنا في مشوار بعربيتها ، وقفت على جنب وضربتني بالقلم، ولامتني على اللعنة الي أصابت بنتها وعلى خيانتي وقذارتي. قالت لي إنها ماسكة نفسها بس علشان بنتها، وكان عندها كل الحق.
حضرنا جنازة آندي، كانت جميلة وإحساس السلام غمرنا كلنا وإحنا شيفينها بين أصحابها واحبائها وسط السهول الخضرا.
تاني يوم بريا تعبت جدا، ألم شديد في بطنها ما استجابش للأدوية. كلمت الدكتور بتاعها وقال لي إن فبراير موسم برد وإن تعب بريا طبيعي.
كان لازم اروح المستشفى لأني كنت المتدرب الوحيد الباقي في سيرسي، كني مروحتش وفضلت جنب بريا أديها المضادات الحيوية بتاعتها.
للأسف تاني يوم مكانتش أفضل، لكنها قامت وجمعت الفاضل من هدومها علشان تروح لأهلها. كانت بتعيط علشان هاتسيبني، وكنت بطمنها وانا محتاج الي يطمني.
جت صدف علشان تاخد بريا، كنت مدرك انها بتعيط بس البكاء اتحول قدامي لغضب وكراهية.
حملت شنط بريا في العربية، مسكت غيدي وإترجتني بصوت واطي وقالت:
- إريك..روح للمستبصرة..روح وأسألها نعمل إيه.
_______________________________
في اجتماع لوحدي مع دكتورة بابكوك قالت ليه:
- إيريك مش هالف وأدور كتير.المستشفى فقد ترخيص برنامج التدريب..وارد جدا كمان افقد منصبي هنا. كاسي اترفدت..جون سافر..وعارفة إنك ممكن تكون خايف إنت كمان، بس احنا محتاجينك هنا وشايفين انك الوحيد الي ممكن يهدي الفوضى في قسم الحالات المزمنة بعد رحيل كاسي.
- أنا؟! انا مجرد متدرب والمرضة هناك مابيحبونيش أصلا. غير إن حالتي النفسية مش متزنة.
- نيكّا وروي بيسألوا عليك كل يوم، حالاتهم محتاجاك. مش قبل شهرين لحد ما نلاقي بديل لكاسي. انا تواصلت مع هيئة التدريب ووافقوا يدوك شهادى معتمدة من الولاية وتصريح كمان لو وافقت تمسك القسم بدل كاسي لحد ما نلاقي بديل. الوضع ده افضل وضع لك لأنك لو ماوافقتش هاتعيد التدريب تاني زي جون..واعتقد لا أنا ولا إنت عايزين ده.
- عندك حق.
- انا بس بحاول أسند قسم الحالات الحرجة قدر المستطاع. من ساعة موضوع كاسي ده وخسرت خمسة من العاملين هنا. المرضى مالهومش ذنب في الفوضى دي.
- دكتورة بابكوك،  الخمسة دول راحوا فين؟
- واحد مات، وتلاتة استقالوا، وكاتي مشيت بعد ماتعرضت لتحرش جنسي واغتصاب في الدور التالت.
- كاتي؟ من عمل كده؟!
- واحد من التمريض.
- من هو؟
- ما اقدرش اقول اسمه دلوقتي، لسه في دومات قضائية ووجع قلب كتير.
- وهي كويسة؟
- ما اتعتقدش. واخدة أجازة بس مش هاترجع منها حتى علشان تلم حاجاتها.
- انا فعلا حزين عليها..كاتي كانت ممتازة.
دكتور بابكوك مكانتش حاطة أي مكياج، عينيها كانت مدمعة وشعرها مش مهندم، كأنها على وشك الانهيار.
- الشهر ده كان عجيب..مش فاهمة في إيه..
- دكتور بابكوك، حضرتك بتؤمني بالخوارق؟ اعتقد لا..احناالإثنين بنفكر بنفس الطريقة، ما بنؤمنش باي حاجة العلم مابيقدرش يقيسها..لكن بعترف إن إيماني بالواقع بينهار هنا..المكان ده فيه حاجة مش طبيعية.
- المكان ده فيه كاسي..
بابكك كانت غاضبة وعصبية جدا..كملت:
- فساد ست واحدة قد فساد شياطين الدنيا..ما سألتش عن الي مات من طاقم المستشفى..كورت انتحر، شنق نفسه علشان نام مع كاسي..التلاتة الي استقالوا مشيوا علشان لقوا رموز سحرية على مكاتبهم..الي اغتصب كاتي كان واحد من الي بتتلاعب بيهم كاسي. كاسي بخت السم في المستشفى وقتلتها..لو عايز تمشي امشي يا دكتور بلاك، بس ماتقوليش إنك هاتمشي علشان الشيطان بيطاردك..
- انا مش هامشي.
- كويس. هاتاخد مكان كاسي في الحالات المزمنة، وهاتتابعني اسبوعيا وانا هاشرف عليك.
_____________________
بعد الاجتماع، اخدني دكتور دونالد على جنب ووقفنا في مكان فاضي وقال لي:
- انا مش مؤمن بالخوارق، بس انا شخص بيهتم وبيثق في الي بييشوفه..هاحكيلك حكاية للعلم بس وعلشان تعرف إني فعلا قلقان عليك. اما جيت لنا هنا كنت في عزك وقوتك..وسيم وذكي وواثق في نفسك..بص بقيت عامل إزاي؟! ماشي تكلم نفسك؟ انا شغال هنا من عشرين سنة، واتمنى حكايتي تأثر في قرارك. قبل بابكوك، كان عندنا مدير عظيم اسمه براون وهو الي عين كاسي هنا. كان في بينهم خلافات كتيرة، بعد اسبوع من خلاف كبير بينهم انتحر..بحكيلك الكلام ده علشان تعرف ان الست دي واصلة وبتنتقم.
- شكرا دكتور دونالد.
- خلي بالك من نفسك يابني..سامعني؟
- حاضر.
_________________________

سيرسي!
تأليف: جيسيكا بينوت
الحلقة 18
 
حكيت لبريا عن يومي، وإني حكيت لآندي وجون، وقولت لها عن قرارنا. أطرت على شجاعتي وإني كده الرجل الي دايما كانت شايفاه فيا.
للأسف كلامها ما طمنيش كتير، الظلام المخيم علينا والهلاوس الي بتخليني مش قادر اشوف أي أمل في بكره.
__________________
أخدت الدكتر بابكوك تقرير جون وآندي عن كاسي بجدية شديدة. أستجوبتنا بم فينا كاسي. وقضت اليومين التاليين بتتجول في العنابر والأقسام كلها وتسمع من المرضى ولعاملين كل الإشاعات والحكايات حتى لو مش معقولة.
برغم احترافية بابكوك إلا إن الأخبار إتسربت والعاملين بقوا بيتهامسوا عني وعن كاسي..كنت في عينيهم المتدرب الي نام مع امنا الغولة..كل لناس عرفت وقليل الي حاولوا يخبوا معرفتهم.
دكتور دونالد عاملني بلطف، كنت شايف الشفقة في عينيه. الأدوية ساعدت في قمع هلاوسي وبقيت بركز في شغلي أكتر وابعد عن الهمسات حواليا.
كنت مضطر احكي حكايتي عشرات المرات قدام مدير المستشفى ومدير شئون المتدربين وأي حد مختص، حتى إنهم خلوني أكتب تقرير بالكلام ده.
عقبال ما جت نهاية الإسبوع كنت أنا وآندي وجون تعبنا خلاص، لكني كنت مرتاح، لأول مرة في حياتي أعمل الصح.
____________________________
الفصل السابع

الوقت كان بيعدي، بس ماكونتش حاسس بمروره. كنت بقعد بالساعات قدام شاشة الكومبيوتر المقفولة وأفضل مشوش وضايع.
جسيت بحضور سيرسي من قبل ما أشوفها، كانت جاية من ورايا، ما التفتتش ..كنت جبان.
قال سيرسي بصوتها الي زي الفحيح:
- هي ماتت خلاص..قتلناها الصبح ودمها ملاني..كانت لذيذة.
رفعت سماعة التليفون واتصلت ببريا في الشغل. طمنتني السكرتيرة إن مراتي بخير وشغالة مع مريض. قفلت السماعة وحاولت أتجاهل كلام سيرسي.
كملت شغلي وجه دكتور دونالد سحبني من المكتب ووداني اوضة الإجتماعات الي قابلنا فيها دكتورة بابكوك أول مرة جينا فيها هنا.
قعدنا مستنيين دكتورة بابكوك وجون، وماكوتش عارف الصراحة الإجتماع ده ليه.
أما وصلوا بعد عشر دقايق، قعدت بابكوك وقالت:
- الحقيقة مش عارفة أقول إيه..إنت أشجه متدربين قابلتيهم في حياتي. كل مريتوا به مع دكتورة آلن خلاكم بشكل غريب أقويا وإتكلمتوا بدل ما تخافوا وتسكتوا...أنا فعلا معجبة بكم.
بصت لنا ولمجحت إن عينيها مدمعة شوية، كملت:
- للأسف الشديد...مضطرة ابلغكم إن آندي أتوفقت النهاردة الصبح. البوليس بيحقق في وفاتها، بس الظاهر إنها انتحرت. .قطعت شرايينها. أنا بلوم دكتورة آلن على كل الي حصل ده وصدقوني هاعمل كل الي اقدر عليها علشان ماتفلتش من العدالة.
ضحك جون وخبى وشه في إيديه، أنا كنت منمل..مش حاسس برجليا ولا وشي..
- هاديكم إسبوعين أجازة، أنا جبت من الجامعة بديل لكم، واعتقد اننا هانعيد هيكلة نظام التدريب بالكامل..دكتورة آلن هاتترفد، وممكن أصلا نفقد إعتماد برنامجنا التدربيبي..بس ماتقلقوش شهادات تدربيكم هاتكون موجودة.
آسفة فعلا..آندي كانت شابة ممتازة، وجودها هنا كان فارق وانقذت حياة ناس كتير..عموما أهل آندي هايتواصلوا معاكم بخصوص ميعاد الجنازة.
قلت في هدوء:
- شكرا لك..
مسكت إيد جون وسكتنا..ماعادش في حاجة تتقال.
بعد شوية جمعنا حاجتنا ولقيت جون مستنيني على مقعد في الجنينة. كان ضايع تماما وسط الزحمة ووسط ذهوله.
- وقت ما تبقا مستعد وقادر ياللا بينا.
- كاسندرا آلن...
- عملت إيه تاني؟!
- قلت لها إن آندي ماتت..ضحكت.
- ضحكت؟
- أها..قالت إن سيرسي بتاخد ممتلكاتها وقت ما تحب.
- دي مجنونة وخلاص مستقبلها هايتدمر.
- دي قتلت آندي! وهاتقتلنا وتقتل روي!
- ومال روي بالموضوع؟
- إحنا أكدنا إن الي حصل للولد مش هلاوس واثبتنا ده بشهود بإثبات الجروح الي في جسمه والي مش ممكن يكون عملها لنفسه. الولد قال إنها هاتقتله ليه مش هانصدقه بقا؟! علشان مريض؟ وبعد الي حصل لآندي برضو مش هانصدقه؟ هو قال لي إنها هاتقتل آندي وتقتلني..طلب مني آخد مراتي وأهرب.
- روي..روي بيبالغ!
كنت بحاول أخلي المنطق يرجع تاني، مش هاينفع نتعايش مع هدم جدار الواقع كده، لكن جزء مني كان بيصرخ فيه(إهرب!)، بس مقدرتش أخلع قناع العقل وسط كل الجنون ده.
قال جون:
- روي حكالي إنه لما حضر كال، كال قال له إن كل ده هايحصل. حكى له عن سيرسي وعن الساحرة..قال لي إن في إتنين متعلم عليهم.
- يعني إيه؟
- آسف..أنا بس خايف يا إيريك وعمري ما كنت بخاف. أنا مؤمن بوجود الشياطين..أقصد..أنا عارف إنهم موجودين بس معرفش أي حاجة عنهم غير الي بييجي في الأفلام، أنا مش قد مواجهة زي دي. آندي ماتت ومستحيل يكون موتها انتحار. أنا لازم أمشي من الاباما خالص.
- هاتروح فين؟
- هارجع فلوريدا وهاخد آنجيلا معايا وهاعيد تدريبي هناك السنة الجاية.
- ببساطة كده؟ ماتستنى لحد ما ناخد الشهادات من هنا.
- إنت كمان لازم تهرب.؟إيا كان الشيطانين دي حقيقة ولا لأ، بس كاسي حقيقية والقضية هاتتسرب للإعلام، وآندي حقيقية وماتت..ثم أما يسحبوا تراخيص التدريب من سيرسي هاتعمل إيه بشهادة مابقتش معتمدة؟
- عندك حق. بس انا محتاج أخلص التدريب ده وآخد الشهادة دي حتى لو مش هاتشغلني في مستشفى، بس هاشتغل في عيادتي. بريا هاتولد توأم ولازم يكون عندنا مصدر دخل ولازم أكون متفرغ السنة الجاية كلها على الأقل، مش هاينفع أنزل تدريب تاني ومافيش مصدر دخل بعد ما بريا هاتسيب شغلها.
بالإضافة إلى إني ضعت أصلا يا جون خلاص..
- لازم تحاول!
مشينا ناحية العربية، الضباب كأنه بيطلع من الأأرض مش بينزل من السما..لقيت نفسي بتمنى لو أقدر آخد بريا و أهرب لبرد وهدوء دترويت. إشتقت لأيامنا هناك، الأيام العادية المملة الي مكانش فيها خوارق ولا عالم تاني..وحشني الخوف العادي من الحرامية والقتلة.
كان لازم استحمل وأشيل مسؤلية أولادي..كنت اناني طول عمري، ودلوقتي مش هاسمح بشيء مالوش وجود يدمر حياة الي بحبهم.
________________________
اما رجعت البيت بريا كانت مسترخية في البانيو وحاطة شموع حواليها. واضح إنها إستأذنت من الشغل بدري تاني. الساعة كانت 3.
قعدت على حرف البانيو، سألتني:
- رجعت بدري أوي.
- واضح إن الشياطين جت تنتقم لكاسي..آندي أتوفت.
- نعم؟!
- انتحرت.
قامت بسرعة ونشفت نفسها وطلعت الصالة. وقفت قدام الشباك، شلت سدادة البانيو وطلعت وقفت جنبها.
- إيريك..إحنا ملعونين..
 - إحتمال..
- إزاي تحارب حاجة مش شايفها؟ هي الي قتلتها؟ نقتلها طيب؟ نلعنها؟ لو قتلنا كاسي كل ده هايتحل؟
- معرفش.
- نروح الكنيسة طيب؟ نصلي؟\
- معرفش.
- انا مش هاستسلم!
- إنت لازم ترجعي لأهلك، وتسيبيني هنا ماتقلقيش هاتصرف. لازم تكوني في مكان آمن.
- مش هاسيبك!
- جون مسافر خلال تلات أيام، عقبال ما يلم حاجاته.
- يعني هو كمان خايف؟ يعني مش إحنا بس المجانين؟
- هو شافها..
- كاسي؟
- سيرسي..
-هلاوسك مُعدية.
- مش يمكن بنحلم؟
- مش يمكن موتنا أصلا؟
- إنت لازم تمشي من هنا..إرجعي لأهلك وخلي بالك من ولادنا، هاحصلك أول ما أخلص.
- تعالى معايا، إنت لو فضلت هنا هاتموت، فاكر كلام سيبل؟
- بريا..حبيبتي، أنا عمري ما كنت زوج كويس..أنا إتجوزتك بدافع الحب، بس كمان لأانك كنت مناسبة لصورة معينة في دماغي عن شكل حياتي. كنت بعاني طول الوقت إني ما ابقاش زي أبويا، لكنني في النهاية خونتك وخونت أولادنا. أنا مش ههرب تاني، كفاية جبن، مش ههرب وأشوفك بتعاني تاني علشان تصرفي على ولادنا وتربيهم لوحدك وانا موجود ومش موجود.
- وهاستفيد إيه أما تموت؟!
- الدنيا مابتمشيش كده...انا رافض أؤمن إن الأشباح بتمشي على وش الأارض وإن الشياطين قادرة تقتل..وحتى لو مُت وانا بحارب، هايكون لك مبلغ محترم من بوليصة الـامين هاأمنلك حياة كويسة وهايساعدك تسددي الديون..شوفتي موتي ممكن يكون أفضل إزاي؟
- أنا عايزاك معايا حتى لو هاتعب واشتغل، إزاي ممكن ابقا غنية وانت مش معايا ويكون ده أحسن لي؟
- لسه في إحتمال إن كل الي بيحصل ده مش حقيقي.
- ليه مش عايز تصدق إحساسا كلنا؟ الشيء الي بتشوفه ده هايقتلنا!
- لأني طبيب نفسي! العقل مخادع والذكريات مرنة وبتتشكل حسب رغبة الشخص. الواحد بيغيرر ذكرياته بنفسه لحد ماتبقا حقيقة هو نفسه مقتنع بيها. الي احنا مقتنعين انه حقيقي دلوقتي هايكون محل شك بعدين..هانكتشف إننا كنا مضغوطين ومابننامش، وهانكتشف إن كاسي مجرد ست مخبولة متحرشة مش أكتر.
- آندي ماتت..الاعيب الذاكرة مش هاتغير ده.
- آندي انتحرت، كانت مضغوطة وتعبانة ومرعوبة.
- انت شوفت الشيطان وهربت منه.
- أنا هربت من هلوسة.
- انا هامشي بعد جنازة آندي، وخلال الفترة الي هافضل فيها هنا هاعمل كل حاجة تقنعك تيجي معايا.
حضنتها وقلت لها:
- بريا، عايزك تعرفي إن يعايز اهرب..انا خايف، مرعوب، بس كمان عمري ما عملت حاجة صح في حياتي. عمري ما ضحيت بحاجة علشان حد، ومحتاج التضحية دي علشانك. عايزك تروحي مكان آمن، ولو عشت، وحاسس إني هاعيش، هارجع لك، هايبقا خلاص. ول مت وطلعت المستبصرة صح، هابقا أمنت لك وللأولاد حياة كويسة. أرجوكي تفهمي إني بتغير علشانكم يا بريا.
سامحيني..
- سامحتك.
- بس انا مش مسامح نفسي.
ساعدت بريا تبدأ تلم حاجاتها في شنط وصناديق، وجت أمها ساعدتها وأخدت الحاجات معاها علشان يبقا سهل بريا تروحلها بعد جنازة أندي.
كنت عارف إن جون وانجيلا كمان مسافرين.
بعد كم يوم أنا وصدف كنا في مشوار بعربيتها ، وقفت على جنب وضربتني بالقلم، ولامتني على اللعنة الي أصابت بنتها وعلى خيانتي وقذارتي. قالت لي إنها ماسكة نفسها بس علشان بنتها، وكان عندها كل الحق.
حضرنا جنازة آندي، كانت جميلة وإحساس السلام غمرنا كلنا وإحنا شيفينها بين أصحابها واحبائها وسط السهول الخضرا.
تاني يوم بريا تعبت جدا، ألم شديد في بطنها ما استجابش للأدوية. كلمت الدكتور بتاعها وقال لي إن فبراير موسم برد وإن تعب بريا طبيعي.
كان لازم اروح المستشفى لأني كنت المتدرب الوحيد الباقي في سيرسي، كني مروحتش وفضلت جنب بريا أديها المضادات الحيوية بتاعتها.
للأسف تاني يوم مكانتش أفضل، لكنها قامت وجمعت الفاضل من هدومها علشان تروح لأهلها. كانت بتعيط علشان هاتسيبني، وكنت بطمنها وانا محتاج الي يطمني.
جت صدف علشان تاخد بريا، كنت مدرك انها بتعيط بس البكاء اتحول قدامي لغضب وكراهية.
حملت شنط بريا في العربية، مسكت غيدي وإترجتني بصوت واطي وقالت:
- إريك..روح للمستبصرة..روح وأسألها نعمل إيه.
_______________________________
في اجتماع لوحدي مع دكتورة بابكوك قالت ليه:
- إيريك مش هالف وأدور كتير.المستشفى فقد ترخيص برنامج التدريب..وارد جدا كمان افقد منصبي هنا. كاسي اترفدت..جون سافر..وعارفة إنك ممكن تكون خايف إنت كمان، بس احنا محتاجينك هنا وشايفين انك الوحيد الي ممكن يهدي الفوضى في قسم الحالات المزمنة بعد رحيل كاسي.
- أنا؟! انا مجرد متدرب والمرضة هناك مابيحبونيش أصلا. غير إن حالتي النفسية مش متزنة.
- نيكّا وروي بيسألوا عليك كل يوم، حالاتهم محتاجاك. مش قبل شهرين لحد ما نلاقي بديل لكاسي. انا تواصلت مع هيئة التدريب ووافقوا يدوك شهادى معتمدة من الولاية وتصريح كمان لو وافقت تمسك القسم بدل كاسي لحد ما نلاقي بديل. الوضع ده افضل وضع لك لأنك لو ماوافقتش هاتعيد التدريب تاني زي جون..واعتقد لا أنا ولا إنت عايزين ده.
- عندك حق.
- انا بس بحاول أسند قسم الحالات الحرجة قدر المستطاع. من ساعة موضوع كاسي ده وخسرت خمسة من العاملين هنا. المرضى مالهومش ذنب في الفوضى دي.
- دكتورة بابكوك،  الخمسة دول راحوا فين؟
- واحد مات، وتلاتة استقالوا، وكاتي مشيت بعد ماتعرضت لتحرش جنسي واغتصاب في الدور التالت.
- كاتي؟ من عمل كده؟!
- واحد من التمريض.
- من هو؟
- ما اقدرش اقول اسمه دلوقتي، لسه في دومات قضائية ووجع قلب كتير.
- وهي كويسة؟
- ما اتعتقدش. واخدة أجازة بس مش هاترجع منها حتى علشان تلم حاجاتها.
- انا فعلا حزين عليها..كاتي كانت ممتازة.
دكتور بابكوك مكانتش حاطة أي مكياج، عينيها كانت مدمعة وشعرها مش مهندم، كأنها على وشك الانهيار.
- الشهر ده كان عجيب..مش فاهمة في إيه..
- دكتور بابكوك، حضرتك بتؤمني بالخوارق؟ اعتقد لا..احناالإثنين بنفكر بنفس الطريقة، ما بنؤمنش باي حاجة العلم مابيقدرش يقيسها..لكن بعترف إن إيماني بالواقع بينهار هنا..المكان ده فيه حاجة مش طبيعية.
- المكان ده فيه كاسي..
بابكك كانت غاضبة وعصبية جدا..كملت:
- فساد ست واحدة قد فساد شياطين الدنيا..ما سألتش عن الي مات من طاقم المستشفى..كورت انتحر، شنق نفسه علشان نام مع كاسي..التلاتة الي استقالوا مشيوا علشان لقوا رموز سحرية على مكاتبهم..الي اغتصب كاتي كان واحد من الي بتتلاعب بيهم كاسي. كاسي بخت السم في المستشفى وقتلتها..لو عايز تمشي امشي يا دكتور بلاك، بس ماتقوليش إنك هاتمشي علشان الشيطان بيطاردك..
- انا مش هامشي.
- كويس. هاتاخد مكان كاسي في الحالات المزمنة، وهاتتابعني اسبوعيا وانا هاشرف عليك.
_____________________
بعد الاجتماع، اخدني دكتور دونالد على جنب ووقفنا في مكان فاضي وقال لي:
- انا مش مؤمن بالخوارق، بس انا شخص بيهتم وبيثق في الي بييشوفه..هاحكيلك حكاية للعلم بس وعلشان تعرف إني فعلا قلقان عليك. اما جيت لنا هنا كنت في عزك وقوتك..وسيم وذكي وواثق في نفسك..بص بقيت عامل إزاي؟! ماشي تكلم نفسك؟ انا شغال هنا من عشرين سنة، واتمنى حكايتي تأثر في قرارك. قبل بابكوك، كان عندنا مدير عظيم اسمه براون وهو الي عين كاسي هنا. كان في بينهم خلافات كتيرة، بعد اسبوع من خلاف كبير بينهم انتحر..بحكيلك الكلام ده علشان تعرف ان الست دي واصلة وبتنتقم.
- شكرا دكتور دونالد.
- خلي بالك من نفسك يابني..سامعني؟
- حاضر

_________________________

Comments

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي