اصبع! ‏ستيفين ‏كينج

إصبع!
تأليف: ستيفين كينج
ترجمة عامية وإعداد: شيرين هنائي
غلاف الترجمة المصرية: مي جمال

أما سمع هيوارد ميتلا صوت الخربشة، كان قاعد في شقته في كوينز وجنبه مراته. هيوارد كان محاسب متوسط الشهرة، وزوجته فيوليت كانت مساعد طبيب أسنان برضو متوسطة الشهرة.
الزوجين كانوا بيتابعوا الأخبار في التليفزيون ومستنيينها تخلص علشان ينزلوا يشتروا آيس كريم.
صوت الخربشات كان جاي من ناحية الحمام الي بيفصله عن أوضة النوم طرقة قصيرة. هيوارد قلق أول ما سمع الصوت ده. مش معقول يكون حرامي أو متسلل لأنه كان مأمن الشبابيك كويس جدا بتكلفة عالية. غالبا في فار في البانيو او الحوض.
تابع البرنامج الإخبار شوية كمان لعل الصوت يروح لوحده ومايضطرش يواجه فئران، لكن الصوت إستمر.
أما جه الفاصل الإعلاني قام ومشي لحد الحمام، باب الحمام كان موارب فقدر يسمع صوت الخربشة بيزيد كل ما يقرب أكتر.
كده الموضوع وضح، فار بيخبربش في البورسلين بضوافره.
- قرف!
قالها هيوارد بصوت عالي ورجع على المطبخ قبل ما يدخل الحمام اصلا. بين البوتوجاز ودولاب المطبخ كان فيه أدوات تنضيف. ممسحة ومكنسة جردل مليان قطع قماش قديدمة لزوم المسح. أخد هيوارد المكنسة في إيد والجاروف في إيد. وهو متسلح كده رجع تاني الحمام ووقف على بابه وصدّر ودنه اليمين علشان يسمع كويس.
(سكراتش سكراتش سكرتشي سكراتش!)
الصوت ضعيف أوي، مايصدرش عن فار، لكن مكانش في إحتمالات تانية على بال هيوارد. هو أكيد فار نيويوركي مبقلظ بشنبات طويلة وعينين بجحة.
فار فار يعني.
صوت البرنامج الإخباري كان لسه بيتردد وراه والمذيع بيقول:
- أما عن الروسي المجنون، فقد تم إطلاق النار عليه وخنقه وطعنه، كل هذا في ليلة واحدة!
مسك هيوارد الممسحة والجاروف في إيد واحدة، ومد إيده الفاضية جوه الحمام علشان ينور النور.
دخل بسرعة ناحية البانيو، كان بيكره الفئران جدا، لكن من خبره وشغله في المطاعم وهو صغير عرف إنك لو هاتقتل فار إضرب جامد وبقوة مرة واحدة، ماتخافش وتبهدل الدنيا. مكانش ينفع يطنش ويرجع يشوف التليفزيون لأان مراته كانت عمالة تشرب بيرة وكمان دقايق هاتدخل الحمام وهاتلاقي أخينا قاعدلها وهاتصوت وتوتره وبرضو هيقوم يقتله.
البانيو كان فاضي، وصوت الخربشة وقف أما نور هيوارد النور. لكن ثواني وبدأ الصوت يرجع تاني. لف ومشي تلات خطوات ناحية الحوض وهو رافع إيد المكنسة لفوق مستعد للإنقضاض.
إتجمد هيوارد مكانه وعينيه برقت وفتح بُقه. لو كان بص لنفسه في المارية المبقعة بنقط معجون الأاسنان قدامه كان شاف خيط اللعاب السميك المتعلق بين سقف حلقة ولسانه زي خيط العنكبوت.
إللي شافه هيوارد في الحوض كان صباع، طالع من بلاعة الحوض! صباع بشري..
زي مايكون الصباع أدرك إن هيوارد شافه، فإتسمر مكانه لحظات بعدها رجع يتحرك تاني ويطلع أكتر من البلاعة ويخربش جوه الحوض علشان يطلع نفسه أكتر. الخربشة كانت جاية من الضفر الصغير للصباع العجيب مش من مخالب فار..ياريته كان فار!
صرخة هيوارد كانت ضعيفة ومصدية، المكنسة وقعت من إيده وجري على باب الحمام. إتخبط في الحيطة جنب الباب مرة وفي المحاولة التانية قدر يخرج أخيرا من الحمام ويقف الباب وراه ويسند ضهره عليه وينهج.
مكانش هاينفع يفضل واقف مكانه كده على طول. أول ما قلبه بطل يدق بعنف وأفكاره إترتبت، مشي للصالة على رجلين سباجيتي وهو لسه ماسك الجاروف في إيده. أما أخد باله إنه لسه ماسكه رماه على الأرض وهو بيقول لنفسه:
- أكيد أنا مشوفتش الي أنا فاكر إني شوفته.
- بتقول حاجة؟
- بقول ماشوفتش الأخبار..
قعد هيوارد بهدوء على كرسيه جنب مراته وفضل باصص للتليفزيون. 
قالت فيولا إنها نالة تجيب آيس كريم، وإتعلل هو بإنه عايز يكمل الأاخبار، فنزلت لوحدها. إفتكر إنه ساب المكنسة في الحمام، وفيولا شاربه بيرة كتير وأما ترجع من بره هاتدخل الحمام، ولو دخلت هاتلاقيها وهاتبقا خناقة منالهاش لازمة. حاول يقوم تاني وشجع نفسه ومشي للحمام.
( غالبا الي شوفته خداع نظر عادي أو هلاوس. كل الناس بتهلوس بس محدش بيحب يقول علشان ماحدش يضحك عليه.الحاجة الوحيدة الحقيقية والي هاتجيبلك المشاكل المكنسة اللي في الحمام ورد فعل فيولا لو شافتها)
كان لازم يدخل يشوف في إيه في الحمام قبل ما مراته ترجع. غالبا كان في هوا في المواسير هو الي بيعمل صوت الخربشة ده.
وقف ورا باب الحمام المقفول يسمع..
(سكراتش سكراتش سكراتش!)
- هو هوا في المواسير!
قالها هيوارد بصوت قوي واضح علشان يقنع نفسه أكتر وفتح باب الحمام وإنحنى ياخد المكنسة من على الأرض ورجع بضهره علشان يخرج من الحمام وهوبيحاول يتحاشى النظر في الحوض. ماهو مش معقول يكون في صباع في الحوض مع نفسه كده!
خرج من الحمام ورجع المكنسة والجاروف للمطبخ ورجع الصالة. فضل واقف شوية يبص لباب الحمام المفتوح.
( روح إطفي النور واقفل الباب..فيولا لو جت لقت النور والباب مفتوحين هاتعلقك)
(طيب لو حد مسك إيدك وانت ماددها جوه الحمام بتقفل مفتاح النور؟!..طيب لو صباع مش صباعك لمس صباعك؟؟!!)
( سكراتش سكراتش سكراتش!)
الصوت مستمر، الصوت هايجننه..
جري هيوارد على كرسيه وعلا صوت التليفزيون وأقنع نفسه إنه ماسمعش حاة أكتر من شوية هوا في المواسير.
فيولا كانت من الناس الي بتمشي ببطء وتتكلم ببطء وتتتفرج على المعروضات في السوبر ماركت ببطء. كانوا متجوزين من 21 سنة، وكان عارف إن بطئها ده لا يعني أبدا إنها ضعيفة أو هشة. كنت بتخرج وتنضف وترقص وتتشقلب وتعمل كل حاجة بكامل صحتها.
دخلت فيولا الشقة وهي شايلة كيس مشتروات ورق بني ودخلت على المطبخ على طول. سمع هيوارد صوت الكيس بيتفتح وصوت باب التلاجة وحاجات بتترص جواها. أما رجعت قلعت الجاكيت بتاعها ورمته ناحية هيوارد وقالت له:
- علقلي الجاكيت، مش قادرة عايزة أدخل الحمام.
- حاضر.
قام هيوارد ببطء وهو حاضن جاكيت فيولا الكحلي، وعينيه ما اترفعتش أبدا عنها وهي داخلة الحمام. سمعها بتقول:
- ياسلام عليك يا هيوي، ساب برضو نور الحمام كده!
- لا أنا سايبه بالقصد، كنت عارف إنك هاترجعي من بره مزنوقة.
سمع ضحكتها وصوت هدومها من جوه.
( لازم تنبهها..لازم تقول لها..)
المفروض يقول إيه؟ خلي بالك يا فيولا في صباع في الحوض، حاسب لا يخرم عينك وانت بتغسلي وشك؟!
بالإضافة إلى إن الصباع هلاوس، صوت الهوا في المواسير وخوفه من الفئران خليته يتخيل الصباع ده..مافيش صوابع..نقطة.
فضل واقف وجاكيت فيولا في إيده مستني تصرخ..بعد خمستاشر ثانية أخيرا..صرخت!
- ياربي! هيوارد!
حضن هيوارد الجاكيت أكتر وجري على الحمام. قلبه كان هايف من الفزع. دخل الحمام وسألها:
- فيولا..في إيه؟!
- ده منظر فوط حمام ده؟! كده مرمية في الأرض؟ إيه الي وقعها كده من الرف؟!
- معرفش!!
معدته بدات تقلب وقلبه ماكنش عايز يبطل ده. مكانش عارف إحساسه ده من الخوف ولا من الإرتياح بعد ما عرف سبب صراخ فيولا. غالبا وهو خارج خبط في رف الفوط وقعها وما أخدش باله.
- وبعدين إنت نسيت تنزل قاعدة التواليت تاني؟! 
- أه...آسف..
- أيوه ايوه..آسف..ده الي إنت فالح فيه. حد يسيب القاعدة مرفوعة كده. إنت عايزني اقع في التواليت واغرق؟!
نزلت فيولا القاعدة وهي قرفانة، فضل هيوارد واقف حاضن الجاكيت ومش عارف يروح فين. خرج وسمع من بره إن فيولا خلصت وغسلت غيديها ومافيش اي مشاكل..مافيش أي صوابع..
- هوا في المواسير..
قالها هيوارد بقوة وثقة وراح يعلق جاكيت مراته.
طبعت فيولا من الحمام وقالت له وهي بتعدل هدومها:
- جبت الآيس كريم، فانيليا وتوت زي ما بتحب. بس جرب كده معايا البيرة الجديدة يا هيوي. كان عليها خصم في السوبر ماركت قولت أجيبها مش هاتخسّر.
راحت فيولا المطبخ تجيب البيرة، وحس هيوارد إن لسه مزاجه متعكر رغم تأكده إن مافيش صوابع في الحمام. كده الليلة باظت.
رجعت فيولا بالبيرة وقعدت جنب هيوارد قدام التلفزيون الي كان بيعرض برنامج مسابقات.
- عارف، عمري ما إرتحت للجماعة الفيتناميين بتوع السوبر ماركت دول. تحس فيهم لؤم كده.
- ليه؟ هم عملوا إيه؟
- لا ماعملوش حاجة. بس مبتسمين على طول كده وابويا كان ديما يقول لي ماتثقيش في الناس المبتسمة على طول...هيوارد..مالك إنت كويس؟!
- هو فعلا قال لك كده؟
- لونك مخطوف كده ليه؟ جالك برد؟!
الحقيقية إن هيوارد كان عمال يفكر في سبب هلوسة زي دي وتأثريها عليه. هلى جاله ورم في المخ مثلا ولا صرع؟ بس أكيد مش دور برد.
- أبدا..مشاكل في الشغل..
( يارب بلاش صرع ولا ورم في المخ، يارب تطلع حاجة هايفة وماتتكررش تاني...)
شربت فيولا من كوبايتها وقالت في رضا:
- حلوة مش وحشة..ورخيصة كمان، عليها عرض!
شرب هيوارد، كانت بيرة عادية بس على الأاقل كانت باردة.
_________________________________
هيوارد مكانش بيحب البيرة أوي، بس ليلتها شرب تلات علب من بيرة فيولا الي عليها عرض. فيولا علقت على شربه وقالت إنها لو كانت تعرف إنها هاتعجبه كده كات عدت على الصيدلية وجابتله قسطرة علشان ترحمه من مشاوير الحمام.
بالنسبة لهيوارد، مزحة فيولا كانت حيقيقة، ياريتها كانت جابتله قسطرة تخليه مايضطرش يدخل الحمام. كان محتاج حاجة تهديه والبيرة كانت الحل الوحيد المتاح رغم آثارها الجانبية.
الساعة 8 ونص، دخلت فيولا تنام، وبدأ يحس برغبة شديدة في التبول. أما دخل الحمام أجبر نفسه يبص بصة في الحوض، وفعلا مالاقاش حاجة.
( عموما الهلاوس أيا كان سببها أحسن ما يكون في صباع فعلا في الحوض..بس بلاش ورم في المخ يارب..بلاش)
فكرة النظر في الحوض مكانتش اصلا حلوة، فالمصفاة المعدن الي بتكون على البلاعة كانت مفقودة، والبلاعة كانت عبارة عن ثقب إسود غامض..كأنها محجر عين مقلوعة.
سد هيوارد البلاعة بالسدادة الكاوتش السودا وريح نفسه.
فكر نفسه إنه بعد ما يخلص حمام يرجع قاعدة التواليت مكانها تاني علشان فيولا ماتغرقش. كان من الناس الي مابتعرفش تعمل حمام وفي دوشة حواليها أو بتكلم حد أو في حمام عمومي، والنهاردة هيوارد مكانش قادر يعمل حمام وهو قلقان.
وهو بيحاول يركز ويصفي ذهنه، سمع صوت( بوك) من وراه..صوت السدادة! عضلات مثانته إتشنجت وحس بألم شديد.
بعد صوت السدادة جه صوت الخربشة..صوت ضفر بيخربش على البورسلين. جلد هيوارد كش وحس إنه مابقاش كفي يغطي لحمه كله. نقطة بول نزلت منه في التواليت وصوتها رن في الصمت.
مشي هيوارد ببطء للحوض وبص..الصباع رجع تاني! الصباع كان طويل جدا، بس كان شكله طبيعي برضو. الضفر سليم ومش طويل، وكان باين منه عقلتين. الصباع كان بيحاول جاهدا يطلع من البلاعة أكتر.
إنحنى هيوارد وبص تحت الحوض، الماسورة المتصلة بالبلاعة كان عرضها مايزيدش عن عشرة سنتي، أكيد ماتساعش دراع. طيب الصباع ده بقيته إيه؟!
رفع هيوارد راسه وحس بدوخة شديدة كأنه هايغمى عليه. شد شحمة ودنه جامد علشان يفوق..الدوخة راحت لكن الصباع لأ.
لو كان الي شايفه هلوسة إزاي شايف نقطة ميه على الصباع وحاجة بيضا صغيرة لازقة تحت الضفر زي حتة صابون؟ إزاي يشوف كل التفاصيل دي لو بيهلوس؟!
( لا عادي ممكن تبقا هلوسة، هو يعني علشان نقطة مية وحتة صابون تبقا حقيقة؟ بص يا هيوارد لو ده صباح حقيقي طيب بيعمل هنا إيه ووصل هنا إزاي وإزاي فايولا ماشافتهوش؟)
( خلاص ناديها..ناديها هليها تشوفه..)
( لا بلاش..اصلها لو ماشافتهوش وإنت فضلت شايفه فده معناه....)
غمض هيوارد عينيه جامد، ولدقايق عاش في عالم كله بقع حمرا عايمة في ظلام جفونه، ومافيهوش صوت إلا طبول دقات قلبه. وأما فتح عينه تاني كان لسه الصباع موجود.
توقف الصباع عن الحركة العشوائية دي ولف وشاور ناحية هيوارد.تراجع هيوارد خطوتين لورا وهو كاتم صرخته بإيده، كان عايز يفقع عينيه علشان مايشفهوش، عايز يطلع يجري من الحمام ويصرخ ومش مهم لو مراته شافته..لكنه كان مشلول ومش قادر يتحرك. الصباع إتتنى من عند العقل التانية وبدا يلمس البورسلين تاني ويخربش فيه.
سمع هيوارد صوت مراته بتنادي:
- هيوارد ..إنت فين؟ وقعت في التواليت؟
- جاي أهو!
مشي ناحية الباب وهو بيبص بصة أخيرة على الحوض، شاف نفسه في المراية وكانت عينية مبرقة من الخوف ووشه شاحب جدا. قبل ما يخرج قرص خدوده قرصتين.
___________________________
أما فيولا طلعت المطبخ تدور على هيوارد، لقته واقف قدام التلاجة.
- عايز إيه من التلاجة؟
- بيبسي..أنا نازل السوبر ماركت أجيب بيبسي.
- يعني واكل علبة آيس كريم وتلاتة بيرة هاتشرب بيبسي كمان؟! هاتفرقع كده.
- لا مش هافرقع.
بس المشكلة إنه لو ماعرفش يدخل الحمام كده كليته هي الي هاتفرقع.
- وشك مخطوف كده ليه مالك؟
- شكله دور برد من الماشيين اليومين دول..
- خلاص خليك وهانزل أنا أجيبلك البيبسي.
- لأ! لا..ماتتعبيش نفسك لسه هاتلبسي وبتاع، انا هاحط جاكيت عليا زي ما انا وانزل بسرعة.
لبس هيوارد الجاكيت وإدى فيولا ضهره علشان ماتشوفش إيديه وهي بتترعش، أما لف تاني لقا فيولا دخلت الحمام، ووقف دقايق في ذعر سمع بعدها صوت السيفون وصوت فيولا بتغسل أسنانها. مكانش قادر يستحمل أكتر وعايز يدخل الحمام فخرج من باب الشقة ونزل السلالم بسرعة للسوبر ماركت.
______________________
السوبر ماركت على على مسافة أربع عمارات من بيت هيوارد، مشي الأخير بخطوات سريعة ومثانة هاتنفجر لحد ما وصل لصناديق الزبالة المرصوصة جنب العمارات ووقف بين صندوقين كبار ووشه للحيطة وفتح سوستة بنطلونه.. بدأ يرتاح لكن بعد واني رجع له تاني إحساس إنه مش هايقدر يكمل وهو في الشارع كده وممكن أي حد يشوفه. بص حواليه يمكن حد يكون جاي وهو في الموقف المحرج ده..ياترى ممكن ترسى إن عابر سبيل هو الي يشفه ولا ممكن يلاقي في وشه حد من جيرانه في العمارة؟! هايقولوا عليه إيه وهايقول هو إيه لفيولا أما يوصل لها الخبر؟
خلص مهمته على خير وقفل بنطلونه ومشي للسوبر ماركت وأشترى البيبسي وفتح العلبة وفضاها في الزبالة. مكانش هاينفع يشربها أما يطلع نظرا للوضع المرعب في الحمام.
______________________
أما رجع البيت سمع صوت شخير فيولا في سريرها. حط علبة البيبسي الفاضية على الترابيزة في المطبخ وعدى قدام الحمام ووقف شوية.
(سكراتش سكراتش- سكريتش سكريتش)
- يا إبن ال...!
دخل السرير من غير ما يغسل أسنانه لأول مرة من ساعة ما كان عنده 12 سنة أما كان في مخيم ونسيت أمه تحطله فرشاة الأاسنان في شنطته قبل ما يسافر.
نام على السرير وهو لسه سامع صوت الخربشة المستمرة، هو فعليا مكانش سامعها بس كانت بترن طول الوقت في عقله.
( مافيش صوت ونام بقا..سامعه إزاي وبينك وبينه بابين مقفولين؟)
بس لازم يكون في حل..هل هايقضي باقي عمره يعمل حمام في الشارع؟!
(هاتتعود عادي..)
هايتعود على إيه؟ على وجود صباع في الحمام ولا على عمل الحمام في الشارع؟ ممكن يقعد على التواليت ياخد ويدي شوية مع الصباع ويحيكله عن يومه؟ أو ياخد رأيه في الشغل وهو بيحلق؟
( لو الصباع ده ما مشيش لازم يعدل حياته علشان تتلائم مع وجوده.)
إتقلب وبص للمنبه جنبه، الساعة بقت أتنين وربع، وحاسس إنه عايز يروح الحمام تاني.
قام وعدى من قدام الحمام وكان لسه الصوت الخربشة مستمر. وقف على كرسي قصير قدام حوض المطبخ وعمل حمام فيه وهو مُنصت لأي صوت ييجي من ناحية أوضة النوم يدل على صحيان فيولا.
رجع الكرسي تاني مكانه ودخل نام في هدوء.
(مش هاقدر أعيش بالمنظر ده..مش هاقدر)
_______________________
المنبة رن الساعة ستة ونصف الصبح، قام هيوارد وهو دايخ ودخل الحمام..
وكان الحوض فاضي.
- الحمد لله!
قالها في إرتياح وهو بيبص أخيرا على البلاعة الفاضية، وكان منظر مبهج جدا بالنسبة له..
فجأة طلع الصباع زي عفريت العلبة ولف حوالين نفسه تلات مرات وبعدها شاور ناحية هيوارد!
تراجع هيوارد وهو شايف العلقة الأولى من الصباع عماله تتني وتتفرد كأنه بيعمل له باي باي. صباح الخير يا هيوارد، مبسوط إني شوفتك!
لف هيوارد وهو بيشتم الصباع وواجه التواليت. حاول يعمل يتبول تاني بس ماقدرش والصباع ده بيراقبه كده. حس بغضب شديد وكان نفسه يلف ويشد الصباع ده يقطعه من مكانه ويرميه في الأرض ويدوس عليه.
سمع صوت خبط على الباب وسمع فيولا بتنادي:
- خلصت يا هيوارد؟
- أيوه.
حاول هيوارد يخلي صوته طبيعي وثابت، وضغط على زر السيفون. فيولا كانت تعبانة شوية من أثر البيرة إمبارح، وكانت عايزة تدخل الحمام بسرعة فماخدتش بالها من حالة هيوارد. ميكت راسها وهي واقفة في نص الحمام وقالت:
- مش بقولك الفيتناميين دول كلهم لؤم..يعني تلات علب بيرة تعمل فيا كده؟ مش كانوا حذروا ولا لزقوا ورقة عليها تنبيه ولا همهم يبيعوا خلاص. هيوارد ممكن تشوفلي أسبرينه عندك؟
- حاضر.
قرب هيوارد من الحوض وبص لقا الصباع مش موجود. جاب الأسبيرين من دولاب الأدوية الصغير فوق المراية وحط في إيده قرصين، وجه يرجع العلبة تاني مكانها لمح طرف الصباع تاني طالع من الحوض. مجرد نص سنتي كأنه مستخبي ومستني فيولا تمشي.
( وديني لأخلص منك!)
( هاموتك..والله لأموتك بس معرفش إزاي..)
- إتفضلي الاسبرين، ثواني هاروح اجيبلك ميه.
- مافيش داعي..
حطت فيولا القرصين بين اسنانها ومضغتهم وبلعتهم.
- معدتك تبوظ كده!
لأول مرة هيوارد مايبقاش خايف وهو في الحمام. السبب طبعا إنه مش لوحده.
- ولا تبوظ ولاحاجة..إنت صحتك احسن دلوقتي؟
- مش قوي.
- خدلك اسبيرنة..البيرة تعبتك برضو؟
- لا..أعتقد إن عندي برد..زوري محتقن وعندي صباع..
- نعم؟
- صداع..عندي صداع..
- خلاص خد أجازة النهاردة.
راحت فيولا للحوض ومسكت فرشاة الأسنان بتاعتها وبدأت تغسل أسنانها.
- ماتاخدي أجازة إنت كمان يا فيولا؟
هيوارد كان عايز فيولا تقعد معاه، لكن فيولا بصت له في إستغراب وقالت:
- اليوم لي هاخد فيه أجازة من الشغل علشان صداع من كتر الشرب هايكون آخر يوم ليا في الشغل. كمان الدكتور محتاجني النهارد الشغل كتير.
بصقت فيولا في الحوض، فكر هيوارد في منظر الصباع أما يطلع، هايكون عليه بصقة بمعجون الأسنان! يع!
___________________
اول حاجة عملها هيوارد أول ما فيولا نزلت إنه حط الكرسي القصير قدام حوض المطبخ تاني وعمل حمام! الدنيا كانت أسهل مع عدم وجود فيولا أو أي شيء يقلقه.
كده مشكلة الحمام إتحلت لمدة كم ساعة، بعدها دخل راسه من باب الحمام وبص، شاف الصبع فورا وده شيء مستحيل لأن طول الصباع عمره مايبان من المسافة دي، الحوض غويط و...
- إنت بتهبب إيه؟!
قالها هيوارد للصباع الي التفت ناحيته وبطل حركة. كان غرقان معجون اسنان زي ما توقع هيوارد. المسكلة إن الصباع أما إنحنى ناحية هيوارد كان متني من تلات عقل من إتنين! وده برضو مستحيل ..مستحيل جدا لأن تالت عقلة في أي صباع واصلة مباشرة بكف الإيد..وده مش باين له كف!
( يختاي..الصباع بيطول! مش فاهم إزاي بس..أنا شايف من مكاني أهو..كده طويل أوي..أزاي؟!)
قفل هيوارد باب الحمام بالراحة ورجع الصالة. رجليه رجعت اسباجيتي مسلوقة تاني. قعد على كرسيه وغمض عينيه..عمره ما حس بالرعب وقلة الحيلة قد دلوقتي.
من الخوف وقلة النوم نام هيوارد على كرسيه برغم إنه عارف إن في صباع، صباع بيطول بإستمرار في حمامه.
غرق هيوارد في أحلام وهلاوس غريبة، لحد ما صحته صوت عربية نقل في الشارع. إتفزع هيوارد لدرجة إنه كان هايقع من على كرسيه. لكن جه في باله حل ممتاز؟
- سائل تسليك البلاعات! سائل تسليك البلاعات!
قعد يضحك بتاع خمس دقايق بعدها نزل إشترى من السوبر ماركت سائل تسليك بالوعات مرسوم عليه سيدة لابسة مريلة مطبخ حاطة إيد في وسطها والإيد التانية بتصب بيها السائل الحارق في حوض ضخم شكله غريب.
كان مكتوب على العلبة: درين إيز..اقوى مرتين من اي منتج تجاري آخر. يفتح مجاري المياة ويزيل ما بها من مسببات الانسداد في دقائق. يذيب الشعر والمواد العضوية الأخرى.
- مواد عضوية أخرى؟ يعني إيه؟
سأل هيوارد البياع الي كان حاطط عود تسليك اسنان بين شفايفه لسبب غامض. جاوب البياع:
- قصدهم بواقي الأكل تقريبا..بس بقولك، اوعى تحط الأإزازة دي جنب صابون الأطباق لا تتخلبط بينهم تبص ماتلاقيش دراعك.
- مالاقيش دراعي؟ يعني ممكن يدوب إيدي؟
- مش للدرجادي..بس هايحرق إيدك برضو.
شاور البياع لعلامة التحذير الي فوق المكونات على العلبة. فضل هيوارد باصص لصباع البياع شوية في ذعر قبل ما يقرا المكونات: هايدروكسيد صوديوم، هايدروكسيد بوتاسيوم- قد يتسبب في حروق خطيرة عن الملامسة بالأيدي- إحفظه بعيدا عن متناول الأطفال.
ده كان أقوى منتج مسموح بيه ويقدر هيوارد يلاقيه عادي. أي أحماض قوية أو مركزة كانت ممنوعة من التداول بدون تصريح.
( طيب لو البتاع ده ما دوبهوش لكن إستفزه بس أو حرقه، هاتعمل إيه يا هيوارد؟!)
( عادي ماهو جوه البلاعة هايعمل لي إيه؟)
( لا مش عادي..ده بيطول..إنت عارف طوله الكامل قد إيه؟!)
لكن هل كان في حل تاني؟!
- معلش يا أستاذ هاتشتريه ولا هاتتفرج عليه؟
- لا لا..هاشتريه..هو إيه الي هناك ده؟
هيوارد شاف صندوق عليه لافتة تخفيض وفيه اسلاك غريبة كده ومناشير صغيرة. رد البياع:
- ده منشار تقليم فروع الشجر، بس صغير علشان يبقا سهل الإستخدام وبيشتغل بالكهربا
- هاخد واحد.
هيوارد كان بدأ يبتسم وهو بيكون خطته في عقله. بعدين البياع قال للشرطة إنه كان بيبتسم إبتسامة غير مريحة وهو بيشتري الحاجات دي.
______________________
حط هيوارد المشتروات بتاعته على ترابيزة المطبخ، وخرج المنشار الكهربا الصغير على جنب وإتمنى إنه مايضطرش يستخدمه.
( إن شاء الله مش هانحتاجش نستخدمه..ولا إيه؟)
بدأ يقرأ تعليمات إستخدام سائل التسليك:
صب ربع الزجاجة داخل البالوعة واتركها 15 دقيقة. كرر العملية عند الحاجة.
( إن شاء الله مانحتاجش نكرر العملية..ولا إيه؟)
قرر هيوارد يصب نص الإزازة إحتياطي. فتح الإزازة ومشي بحذر ناحية الحمام وعلى وشه تعبير الخطورة والجدية كأنه جندي رايح يقتحم عرين إرهابيين.
( ثواني..)
سمع صوت عقله فإتجمدت إيده على أكره باب الحمام.
( إنت إتجننت؟ إنت مش محتاج مسلك بالوعات، إنت محتاج دكتور نفسي. روح أقعد كده وإهدى وأتصل بحد يساعدك ويشوفلك دكتور)
- يا سلام..إخرس خالص!
مكانش هيوارد قادر يتخيل نفسه أصلا عن دكتور بيحكيله إنه بيشوف صباع طالعله من البلاعة..صباع بيطول! طبعا الفضيحة هاتبقا بجلاجل وهو بيسألوا فيولا وزمايله في الشغل عن سلوكه وإن كان بيتعاطى حاجة! تخيل حماه ومديره في الشغل وهو بيبصوله على إنه يا عيني مجنون بيشوف صباع في الحمام.
مد إيده للأكره تاني..
(طيب شوف سباك..مش لازم تحكيله الي وشته، قول له المواسير بتتسد أو قول له مراتك وقعت خاتم في البلاعة وعايزة يفك المواسير ويطلعه..قول له أي حاجة!)
الفكرة دي كانت مستحيلة زيها زي فكرة الدكتور النفسي. إحنا في نيويورك وكونك تلاقي سباك بدون حجز ميعاد بعد أسبوع على الأاقل مش واردة أصلا، خلال الإسبوع ده هايفضل متشحطط مابين حمامات الشغل والحمامات العمومية وحوض المطبخ!
( خلاص إعمل إللي يريحك بس بسرعة..بسرعة!)
( إستنى..فاجئه! إقلع الجزمة وإتسحب بالراحة وإرمي الحمض عليه وإجري!)
لقاها هيوارد فكرة حلوة، قلع الجزمة و وفكر في لبس جوانتي علشان الطرطشة إحتياطي، لكن لو راح المطبخ يجيب جوانتي ممكن يخاف أكتر وشوية الشجاعة يروحوا.
فتح باب الحمام بهدوء ودخل..
الحمام كان مضيء بنور الشمس، ومكانش في أثر لسه للصباع. قرب هيوارد من الحوض وبص جوه البلاعة، مكانش في صباع لكن كان في حاجة بتندفع من جوه بسرعة طالعة ناحيته. صرخ هيوارد:
- خد ده !
ميل هيوارد الإزازة وبدأ سائل سميك مخضر ينزل منها في البلاعة بنمجرد ظهور طرف الصباع.
النتيجة كنت فورية ومرعبة. السائل غلف طرف الصباع الظاهر، فبدأ الصباع يلف بسرعة حوالين نفسه ويرش السائل الحارق حواليه في ذعر. نقط جت على قميص هيوارد وفورا خرمته. نقط تانية جت على دراعه وكفه لكنه ماحسش بيها إلا بعدين. الإدرينالين كان مخليه مش حاسس بأي ألم.
طلع دخان من الصباع مع ريحة جلد محروق بشعة. كمل هيوارد صب السائل والصباع بيطلع أكتر وأكتر زي الكوبرا من البلاعة لمسافة أكتر من عشرين سنتي. فجأة نزل الصباع وغاص في المواسير. مال هيوارد على الحوض علشان يتأكد من إنه نزل، وفعلا مكانش له أثر غير دخان بس.
سحب هيوارد نفس عميق، ودي كانت غلطة بشعة لأنه سحب مع الهوا جرعة كبيرة من الدخان السام للأحماض. حس بغثيان عنيف و تقيأ في الحوض. رغم صعوبة التنفس والدوار إلا إن هيوارد كان سعيد لانه واجه خصمه- الصباع-  بشجاعة انتصر عليه!
- خلصت منك! خلصت منك!
كان واقع على ألارض أما حس بغثيان تاني. زحف على ركبته نحية التواليت لكنه أكتشف إن فيولا قافلة الغطا، فتقيأ تاني فوق الغطا المقفول وهو ماسك بإيده اليمين لسه إزازة السائل الحارق وفقد الوعي.
__________________________
غالبا ما فقدش الوعي فترة طويلة لأن الحمام كان لسه منور بنفس إضاءة الشمس. حاول هيوارد يعدل نفسه وهو واعي إنه غرقان قيء. بس أخد باله من حاجة تانية..صوت غريب جاي من وراه وبيقرب منه.
لف راسه ببطء وبص، صرخته كانت قوية جدا بس زوره كان مقفول..عينيه كانت هاتطلع بره وشه..
الصباع كان جاي ينتقم..
كان طولة تقريبا مترين ولسه بيطلع من البلاعة، المترين دول كانوا متقسمين عشرات العُقل، ومقدمة الصباع الي ضفرها إسود ولحمها إتحرق بتجر وراها قطر العُقل ده وبتتجه ناحيته. الصباع كان محروق ومتآكل وعضمه باين لكنه ما دابش.
- إبعد عني!
الصباع بدا يلف نفسه بسرعة حوالين كاحل هيوارد وبيتحرق جلده ببواقي الحمض. صرخ هيوارد وفضل يهز رجليه بعنف لحد ما الصباع فك، وجري هيوارد على إيديه ورجليه بره الحمام وفضل يصرخ ويصرخ.
____________________________
من بره الحمام هيوارد مكانش شايف الصباع لكنه كان سامعه بيقرب بسرعة.
(تيكتيكتيكتيكتيك...)
في ثواني كان الصباع لف تاني على رجليه وسحبه جوه الحمام. فضل هيوارد ماسك في الباب وهو بيرفص برجليه ويصرخ لحد ما الصباع أخد فردة شراب ورجع بيها ناحية الحوض. وقف هيوارد على رجليه وبص ورا لقا الصباع داخل عليه تاني وهو بينقط دم. جري هيوارد على المطبخ وسمع حد بيخبط على باب الشقة.
- استاذ هيوارد؟ في إيه عندك بتصرخ ليه؟!
- أبدا، بحاول أخلص من صاحبنا إياه. غور في داهية دلوقتي
ضحك هيوارد في جنون. ده كان جاره الآيرلندي الحِشَري.
- بتقول إيه؟ مين الي يغور؟؟
- إخرس بقا مش فاضيلك.
- هاتصل بالبوليس!
- اعلى ما في خيلك إركبه.
هيوارد كان بينثر القيء حواليه كل ما بيحاول يرفع شعره عن عينيه. رجليه كانت بتوجعه جدا كأنه لابس أسوار نار حوالين كواحله.
طلع المنشار الصغيرومالاقاش فيه بطاريات مرفقه. شد درج المطبخ فوقع من مكانه بكل الكراكيب الي فيه. فضل يدور على بطاريات لحد ما لقاهم، وكان صوت الصباع لسه بيخبط..بيخبط على باب الحمام ولا المطبخ؟
- ولايهمني!
جرب المنشار وماكنش بيتحرك. خلع البطاريات تاني وركبهم بالعكس..
(تيكتيكتيك..)
كده إشتغل..مش لازم يقفل باب علبة البطاريات..بس لو وهو في الحرب كده والبطاريات وقعت؟ لازم يقفلها. حط المنشار على الترابيزة تاني وقفل الغطا..
(تيكتيكتيكتيك..)
- استنى عليا بس يا ابن الحرام..جايلك.
خرج هيوارد من المطبخ وقميصه مقطوع تماما من تحت الكم ومليان حروق، وشعره غرقان قيء وماشي بشراب واحد والتاني معجون دم وحمض..
من ورا باب الشقة سمع جاره بينادي:
- بلغت البوليس وهاييجي يطلع ميتينك دلوقتي..انا اغور؟ ماشي!
وقف هيوارد جنب باب الحمام زي الشرطي الي هايهاجم شقة مجرمين. الصباع فين؟
( إنت هاتدخل على البتاع ده بسلك شاريه في التخفيضات؟)
- مافيش بديل..
بص هيوارد جوه الحمام لقا الصباع لسه متدلي بره الحوض وبيزق جزمة هيوارد في غضب.
دخل هيوارد الحمام فجأة فطلع الصباع من جوه الجزمة وبص ناحيته بعُقله اللانهائية، واندفع في الهواء زي الثعبان ناحية هيوارد وانقض على ودانه. فضل هيوارد يشد الصباع وحاول يوصل المنشار له بأي طريقة. واما شغل المناشر وإبتدي يقطع في جسم الصباع لحد ما فصله ورماه بعيد. فضل يتلوى والدم بينفجر منه، لكنه كان لسه غاضب وحاول يهجم على راس هيوارد. مسكه هيوارد وفضل يقطع عُقل تاني منه وهو بيصرخ وبيشتم ، واخيرا عشر عقل منه اتقطعوا، والباقي بدأ يتراجع جوه البلاعة.
- لا! لا!
جري هيوارد على الحوض وهو بيتزحلق في الدم والقيء، الصباع كان بيجري جوه البلاعة عقلة ورا التانية زي القطر. حاول هيوارد يمسكه لكنه اتزحلق منه واختفى في لظلام. مال هيوارد على الحوض وصرخ: 
- تعالى هنا! تعالى اي وقت وهاتلاقيني مستنيك هنا مش ماشي!
بص هيوارد حواليه وكان الحمام فوضى تامة..
- وقت النضافة بقا..
بص هيوارد على بقايا الصباع، وفكر يبقا يرميهم في التواليت..
__________________________

الشرطي الي وصل كان ايرلندي وإسمه أوبرايان. وعقبال ماوصل عند باب هيوارد ميتلا كان في عدد من سكان العمارة واقفين في قلق.
خبط الشرطي على الباب برفق الأول، وبعدين فضل يزود قوة الخبطاط لحد ما بقا الباب يتهز بين تحت إيديه.
قالت السيدة خافيير:
- أكسر الباب، ده أنا سمعت صوته من السابع.
رد الجار العصبي الي بلغ الشرطة:
- ده رجل مجنون، شكله قتل المدام جوه.
أضاف السيد دتيلبوم:
- لا لا..أنا شوفتها نازلة الصبح رايحة شغلها.
- يعني ميانفعش تككون رجعت وقتلها؟
فضل الشرطي ينادي على هيوارد من بره لكن محدش رد، فضرب الباب بكتفه بقوة لحد ما إتفتح. دخل وورا دخل الجار العصبي.
- خليكم بره يا فندم..
بص لجار العصبي للفوضى في المطبخ والدم والقيء في كل حتة.
- أخليني بره إزاي؟ الرجل جاري وانا الي إتصلت بالشرطة.
- مش هاينفع..ماتضطرنيش أحجزك في القسم معاه.
الشرطي كان مصمم إن الجار يخرج بره لأنه مش عايزة يشوف قد إيه كان متوتر. منظر المطبخ شنيع والريحة المنتشرة في المكان أشنع. ريحة مواد كيميائية قوية وريحة الدم.
دخل الشرطي المطبخ وهو رافع مسدسه وبص في كل مكان لكن مكانش في حد. صوت ضعيف جاي من وراه خلاه يلف بسرعة وياخد وضع إستعداد لإطلاق النار.
- سيد هيوارد ميتلا؟!
محدش رد لكن الصوت إستمر وكان جاي من ناحية الطرقة..غالبا من الحمام أو أوضة النوم. مشي الشرطي ناحية الحمام وهو رافع مقدمة المسدس لفوق.
باب الحمام كان موارب، والشرطي إتأكد من إن الصوت جاي من وراه وإن الريحة مصدرها الحمام. زق باب الحمام بمقدمة المسدس وبص وصرخ:
- يا ساتر!
الحمام كان عامل زي المدبح. الدم في كل مكان على الحيطان والسقف وكتل دم متجلط على الأرض غير طبعا آثار خطوط دموية على الحوض من بره وجوده. مصدر الريحة اليكماوية كان إزازة سائل تسليك البالوعات المرمية على الأرض. كان في كمان جزمة كل فردة في ناحية وغرقانة دم.
أما دخل أكتر شاف هيوارد، متكوم في الفراغ الصغير بين البانيو والحيطة وماسك منشار صغير بين إيديه وغرقان دم.
إنطباع الشرطي إن الجار العصبي كان عنده حق، أكيد قتل مراته، أو قتل حد عموما..بس فين الجثة؟ بص جوه البانيو مالاقاش حاجة.
- سيد ميتلا؟
- أيوه أنا..
رد هيوارد بصوت ضايع شارد..
- هيوارد ميتلا، محاسب، تحت أمرك..عايز تستخدم الحمام؟ إتفضل..مافيش حاجة هاتضايقك فيه دلوقتي..خلاص حليت المشكلة....على الأقل دلوقتي.
- ممكن ترمي السلاح الي في إيد حضرتك؟
- سلاح؟ ده؟
- أيوه يا فندم.
- حاضر.
رمى ميتلا المنشار الكهربي الصغير على الأرض وإفتكر إزاي قطع الصباع به لحتت صغيرة رماها في التواليت. الشرطي مكانش عارف المفروض يعمل إيه بعد كده؟ يقيد هيوارد وياخده القسم؟
أي حاجة المهم يبعد عن الريحة دي.
كان هيوارد عمال يلهوس ويتكلم عن عدد الصوابع ف يالكف وعدد الثقوب في البلاعة.
- ممكن تمد إيديك ناحيتي يا سيد ميتلا؟
- فيولا كانت دايما تقول إني شاطر.
مالد الشرطي وحط الكلابشات في إيدين هيوارد.
- مين فيولا؟
- مراتي..مكانتش بتتضايق لودخلت الحمام وكان في حد معاها.
الشرطي بدأ يكون صورة عن الي حصل، غالبا الرجل ده قتل مراته بمنشار الزرع ده، وبشكل ما دوب جسمها بالحمض.
- حضرتك قتلت مراتك يا سيد ميتلا؟
- لا لا!! مراتي في شغلها عند دكتور ستون. هاقتلها ليه؟
- واضح إنك قتلت حد.
- لا خالص، ده كان مجرد صباع..بس في أكتر من صباع واحد في الكف زي ما إنت عارف..ولسه ما إتكلمناش عن صاحب الصوابع نفسه! انا قلت له ييجي أي وقت هاستناه، بس رجعت في كلامي..ده كان بيكبر!
طلع صوت حاجة بتتحرك في الميه جنب التواليت، فبص هيوارد ناحية الصوت في فزع وكذلك الشرطي.
- لا! مش هاستخدم التواليت تاني أبدا! ولو كنت مكانك كمان مش هاستخدمه. هافضل ماسك نفسي لحد ما انزل واعملها في الزبالة في الشارع.
ارتجف الشرطي، كان الكلام مجرد هذيان لكنه خوفه. قرب بهدوء من التواليت علشان يرفع الغطا.
- إفتكر إني قلت لك بلاش!
- إيه لي حصل بالضبط هنا يا سيد ميتلا؟! في إيه في التواليت؟
صوت الحركة جوه لتواليت رجع تاني، كأن في سمكة تحت المية حتى إن غطا التواليت إتحرك شوية لفوق. قرب الشرطي من الغطا وفكر وأخيرا قرر يرفع الغطا..

النهاية
#king_night

# ليلة_الكينج

Comments

Popular posts from this blog

عشرة ‏أيام ‏في ‏مصحة ‏عقلية ‏- ‏تأليف ‏نيلي ‏بلاي (كامل)‏

إهداء- ‏ستيفين ‏كينج- ‏ترحمة: ‏شيرين ‏هنائي

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي