ياللأطفال! ‏تأليف ‏ستيفين ‏كينج- ‏

ياللأطفال!
تأليف: ستيفين كينج
ترجمة عامية وإعداد: شيرين هنائي
غلاف الترجمة المصرية:مي جمال

كان إسمها الآنسة سيدلي، وكان التدريس لعبتها.
كانت سيدة ضئيلة الحجم، بتضطر تقف على أطراف صوابعها علشان توصل لأول السبورة من فوق، زي ماهي بتعمل دلوقتي كده.
مكانش حد من التلاميذ الي وراها بيضحك أو يتوشوش أو يهمس وإيده مخبيه شفايفه، كانوا عارفين إن الآنسة سيدلي بتقدر تعرف مين الي بياكل لبانة في آخر الصف، ومن معاه بومب في جيبه، ومين عايز يروح الحمام علشان يلعب. آنسة سيدلي بالنسبة لهم كان زي إله عارف كل حاجة بتحصل في اي وقت.
شعرها كان شايب وكانت بتلبس دعامة ضهر علشان ماتبانش محنيَّة، بس الدعامة كانت باينة من تحت فستانها المنقوش. 
رغم حجمها الصغير ده وضعفها كان التلاميذ بيخافوا منها، لسانها كان كُرباج، نظرتها أما كانت بتبص لحد بيعمل حاجة غلط كانت بتحول رُكبه لميّه. دايما بتتباهى بأن قدراتها في التدريس بتتلخص في إنها بتدي التلاميذ ظهرها في ثقة تامة إنهم منتبهين.
____________
دلوقتي الآنسة سيدلي بتكتب قائمة بالكلمات الي الأولاد هايحفظوا طريقة كتابتها النهاردة. 
قالت بصوت واضح وهي بتكتب الكلمة بخط كبير ببطء:
" إجازة."
لفت وبصت للتلاميذ واضافت:
- إدوارد، حطلنا كلمة إجازة في جملة مفيدة.
- ذهبنا إلى نيويورك في الإجازة.
وأضاف إدوار زي المدرسة ما علمته:
- إجازة..ا..ج..ا..ز..ة.
- ممتاز يا إدوارد.
إنتقلت للكلمة التالية، طبعا آنسة سيدلي عندها خدع صغيرة تعلم بيها تلاميذها، وكانت مؤمنة إن التفاصيل الصغيرة مهمة بالضبط زي الكبيرة. 
نادت الآنسة سيدلي:
- جين.
جين كانت سرحانة في كتاب قدامها، فبصت لمدرستها نظرة إحساس بالذنب. قالت سيدلي:
- اقفلي الكتاب حالا لو سمحتي.
اتقفل الكتاب، وبصت جين لمدرستها الي إدتها ضهرها بصة شاحبة كارهة.
- جين، عقابا لك هاتفضلي قاعدة ربع ساعة على مكتبك بعد جرس نهاية اليوم الدراسي.
إترعشت شفايف جين وهي بتقول:
- حاضر يا آنسة سيدلي.
من خدع سيدلي برضو طريقة إستخدامها لنضارتها. أما كانت بتديهم ضهرها كان الفصل كله بيبان معكوس جوه طرف العدسة، وكانت بتنبسط اوي أما تشوف حيرتهم وهم مش عارفين بتشوفهم وضرها لهم إزاي.
بصت دلوقتي في الصورة المعكوسة جوه نضارتها وشافت روبرت وراها بيكرمش مناخيره، بس لا، مش هاتعلق دلوقتي. روبرت من الناس الي لو إدتهم حبل هايشنق بيه نفسه، ممكن تسيبه شوية كمان لحد ما يتمادى ويعمل عملة أكبر تستاهل العقاب.
قالت بصوت واضح:
- روبرت، ممكن تستخدم كلمة "غدا" في جملة مفيدة؟
روبرت شال الهَم وكشر. الفصل كله كان هادي وشمس سبتمبر الدافية بتدفعهم للنعاس. الساعة الرقمية جنب باب الفصل بتعلن إن فاضل نص ساعة واليوم يخلص. والشيء الوحيد الي مانع الأاولاد من النوم فورا هو خوفهم من ضهر الآنسة سيدلي.
- هاه يا روبرت..مستنية..
قال روبرت بطلاقة:
- شيء مُريع سيحدث غدا.
الجملة صحيحة ورصينة وصعبة، لكن حاسة الآنسة سيدلي السابعة مكانتش مريحاها. أضاف روبرت:
- غدا..غ..د..ألف منونّة.
إيدين روبرت كانت محطوطة على مكتبه في هدوء، وخلص جملته وكرمش مناخيره، وكمان إبتسم إبتسامة خفيفة ساخرة بجنب بُقه.
سيدلي فهمت فورا إن روبرت عارف خدعة النضارة وإزاي بتشوفهم فيها.
ماشي...ماشي.
بدأت تكتب الكلمة التالتة من غير ما تُطري على براعة روبرت. فضلت تبص على إنعكاس روبرت في النضارة وكانت عارفة إن شوية وهايطلع لسانه أو يعمل حركة مقرفة بصباعه كلنا عارفينها ( حتى بنات الأايام دي عارفينها.) وهايعمل كده علشان يتأكد من إنها شايفاه، بعدها طبعا هايتعاقب.
الإنعكاس على عدسة نضارة سيدلي كان صغيرة ومشوَّه، وكان بتبص على الكلمة الي بتكتبها، لكنها لمحت روبرت بيتغير.
لمحة صغيرة شافت فيها ملامح روبرت بتغغير لشيء..شيء مختلف..
لفت بسرعة لدرجة إن رقبتها وجعتها.
روبرت بصلها في تساؤل، إيده على مكتبه، مكانش باين عليه أي قلق.
( أكيد إتهيأ لي..كنت بدور له على غلطة وأما مالاقيتش عقلي صورلي المنظر ده..)
- روبرت.
حاولت تخلي صوتها قوى آمر، بص صوتها خانها وطلع قلقان مرتجف.
- أيوه يا آنسة سيدلي.
عينيه كانت بني غامق اوي بلون الطين في قاع بحيرة راكدة.
- ولا حاجة.
لقت تاني للسبورة، وسمعت صوت همسات بين التلاميذ في الفصل. صرخت بصوت عالي وواجهتهم:
- اسكتوا! لو سمعت صوت تاني هاتقعدوا كلكم متعاقبين مع جين.
كانت بتكلم الفصل كله، بس عينيها كانت على روبرت. بص لها بصة طفولية من نوعية: مين أنا؟ مش أنا والله يا آنسة سيدلي.
لفت للسبورة وبدأت تكتب ومابصتش للإنعكاس في نضارتها. آخر نص ساعة من اليوم خلصت، لكن روبرت بصلها بصة غريبة جدا وهو خارج، بصة بتقول: في مابيننا سر مش كده؟
البصة دي ما سابتش مخيلتها، فضلت محشورة في عقلها زي حتة اللحمة الغلسة أما تتحشر بين الضروس. حاجة صغيرة تافهة بس بتنكد على الواحد أحلى نكد.
____________
قعدت الآنسة سيدلي تتغدا لوحدها كالعادة، بيض وتوست، وتفكر في الي حصل. كانت مدركة إنها بتكبر في السن ومتقبلة ده في هدوء، ومكانت مخططة إنها تفضل في التدريس لحد ما تعجز ويشدوها من فصلها وهي بتصرخ زي ما بيشدوا مقامر خسران من قدام ترابيزة القمار. وهي مكانتش خسرانة، طول عمرها بتكسب.
بصت في طبق البيض، وافتركت وشوش الأطفال في سنة تالتة، وكان وش روبرت هو الي واضح فيهم.
قامت ونورت نور زيادة.
_________________
قبل ما تدخل في النوم، شافت وش روبرت طافي قدامها في الضلمة جوه جفونها المقفولة، بيبتسم إبتسامته السخيفة ووشه بتحول بالتدريج..
قبل ما تشوف كان وشه بيتحول لإيه بالضبط وقعت في النوم. بس نومها مكانش مريح. بالتالي الصبح كانت عصبية أكتر وخُلقها ضيق.
فضلت طول الوقت مستنية حد من الأولاد يعمل حاجة غلط علشان تطلع فيها ضيقها، لكن الفصل كان هادي، هادي جدا. كلهم كانوا بيبصولها في خمول، وثقل نظراتهم على وشها كأنه نمل أعمى بيزحف على ملامحها.
( بس بقا! بس! هو أنت عيلة ولا إيه؟)
اليوم جر نفْسه بالعافية، وكانت فرحانة بجرس نهاية اليوم أكتر من التلاميذ نفسهم. فضلت تراقب الأولاد وهم بيجروا من الفصل للشمس بره وفكرت:
( هو إتحول لإيه؟ حاجة مكلكعة كده..حاجة منورة..حاجة مبحلقة في وشي..أيوه..حاجة مبحلقة ومبتسمة ومش طفل خالص..مكانتش طفل لا..كانت قديمة وشريرة..و..)
- آنسة سيدلي؟
بصت قامها فجأة وشهقت. كان أستاذ هانينج واقف بيبتسم لها في إعتذار.
- ما اقصدش أفزعك.
- ولا يهمك.
قالتها بقسوة أكتر من ما كان تقصد. إيه الي حصل لها بس؟
- لو سمحتي ممكن تشوفي حمام البنات فيه حد مستخبي ولا لأ قبل ما تمشي؟
- طبعا.
قامت وحطت إيدها على ضهرها. بصلها أستاذ هانينج نظرة تعاطف.
( وفره على نفسك..مافيش حاجة مسلية تبص عليها.)
مشيت قدام أستاذ هاننينج لحمام البنات، كان في ولاد ماسكين أدوات بيزبول بيضحكوا، وسكتوا فجأة أما شافوها. مجرد ما عدت بدأوا يضحكوا ويهزروا تاني. فكرت الآنسة سيدلي إن الأولاد مابقوش زي زمان..مافيش أدب ولا احترام للكبير. مجرد نفاق في الوش وخلاص.
( مخبيين حقيقتهم ورا أقنعة.)
بعدت الفكرة عن دماغها ودخلت الحمام. كان على شكل حرف إل، الطرف القصير فيه صفين من الأاحواض قصاد بعض. بصت في الكباين واحدة واحدة، وهي بتبص لمحت إنعكاس وشها على مراية وإتفزعت، كان على وشها نظرة مكانتش موجودة من يومين..نظرة مزوعة مرعوبة. أدركت إن الي شافته في نضارتها على وش روبرت تسلل لروحها وبدا ينهش فيها.
إتفتح باب الحمام ودخلت بنتين بيتهامسوا ويضحكوا على حاجة، كانت لسه هاتلتفت وتخرج عادي سمعت إسمها وسط كلامهم. لفت تاني وعملت نفسها بتشوف حاجة في علب المناديل.
- وبعدين راح....
ضحكات..
- هي عارفة بس...
ضحكات تانية، ضحكات فكرت سيدلي بالصابون الدايب.
- الآنسة سيدلي كانت...
( بس..كفاية..كفاية دوشة!)
كانت قادرة تشوف ظلالهم وهي واقفة في الركن جنب الأاحواض وهو مش شايفينها، كانوا مايلين على بعض وعمالين يضحكوا. خاطر تاني جه على بالها، هم عارفين إنها في الحمام. أيوه عارفين..الواطيين عارفين!
كانت عايزة تمسكهم من كتافهم وتفضل تهز فيهم لحد ما أسنانهم تخبط في بعض وتتحول ضحكاتهم لعويل. عايزة تضرب رؤوسهم في الحيطة وتخليهم يعترفوا إنهم عارفين إنها سامعاهم.
هنا، إتغيرت الظلال..كانت بتستطيل وبتتخذ شكل محني كبير، ولزقت سيدلي ضهرها في الحيطة ومسكت قلبها.
لكن ضحكاتهم كانت مستمرة..
الاصوات إتغيرت، مابقتش أصوات بنات..بقت أصوات مالهاش جنس مالهاش روح، أصوات شريرة..شريرة جدا. بصت للظلال المحنية وصرخت..فضلت تصرخ تصرخ تصرخ لحد ما اغمى عليها، وجت وراها الضحكات –زي الشياطين- للظلام.
________________
مكانتش تقدر تقول الحقيقة..
سيدلي كانت عارفة دي وهي بتفتح عينيها وتبص في وشوش الأستاذ هانينج والآنسة كروسين القلقانين. الآنسة كروس كانت ماسكة إزازة لها ريحة فواحة تحت مناخيرها علشان تفوق.
إلتفت الأستاذ هانينج للبنتين الواقفين وراه وطلب منهم يروحوا بيوتهم. إيتسمت البنتين للآنسة سيدلي، إبتسامة من نوعية: في ما بيننا سر مش كده؟ ومشيوا.
طبعا هاتحفظ السر، هاتحكي لمين من غير مايتهمها بالجنون أو خرف الشيخوخة؟ هاتلعب لعبتهم لحد ما تقدر تكشف لؤمهم وتخلعه من جدوره.
تجاهلت الألم في ظهرها وقامت وهي بتقول لزمايلها:
- شكلي إتزحلقت في الميه.
قال الأاستاذ هانينج:
- آسف جدا..إنت كويسة؟
قالت الآنسة كروسين:
- الوقعة وجعت ضهرك؟
- لا خالص..شكل الوقعة عملت معجزة، ضهري زي الفل، ماحسيتش إني كويسة كده من سنين.
- ممكن نبعت نجيب دكتور...
- لا مافيش داعي.
وابتسمت لهم في برود.
- طيب نتصل لك بتاكسي.
- لا مش عايزة..هاركب الأوتوبيس.
مشيت الآنسة سيدلي للباب وهي بتقاوم ألم ضهرها وخرجت. بص الأستاذ هانينج للآنسة كروسين وإتنهد، بصتله الآنسة كروسين وبصت لفوق وماقالتش حاجة.
___________________________
تاني يوم، الآنسة سيدلي خلت روبرت يقعد بعد إنتهاء اليوم الدراسي. مكانش عمل حاجة تستاهل العقاب، فإتهمته زور من غر ما تحس بأي ذنب، فهو على العموم وحش مش طفل صغير ولازم تخليه يعترف بده.
ضهرها كان معذبها، وادركت إن روبرت عارف وفاكر إن ألمها ممكن يعوقها عن معاقبته. ودي ميزة تانية فيها، إنه رغم ألم ظهرها المزمن من 12 سنة إلا إنه ما منعهاش عن ممارسة حياتها بشكل عادي جدا.
قفلت باب الفصل وحبست نفسها معاه. للحظة وقفت مكانها باصة لروبرت، متوقعة إن هايبص للأرض، لكنه ما بصش. فضل باصصلها ومبتسم برُكن بُقه.
سألته بهدوء:
- بتضحك على إيه يا روبرت؟
- مش عارف.
وفضل مبتسم.
- قول لي لو سمحت.
روبرت ما ردش..وفضل مبتسم.فجأة قال روبرت وبطريقة عادية كأنه بيقرا نشرة الأخبار:
- في عدد معقول منا.
جه دور الآنسة سيدلي في الصمت.
- حداشر واحد في المدرسة هنا.
قالت له:
- الأولاد الصغيرين الي بيحكوا حكايات كذب بيروحو النار. عارفة إن اهالكم ما بقوش..مابقوش بيؤدوا أدوارهم ويعرفوكم الصح من الغط. بس بأكد لك إن دي الحقيقة يا روبرت..الأولاد الصغيرين، والبنات الصغيرين برضو، الي بيحكوا حكايات كذب بيروحوا النار.
وسعت إبتسامة روبرت أكتر وقال لها:
- تحبي تشوفيني وأنا بتحول يا آنسة سيدلي؟ تحبي تشوفي وتدققي؟
حست سيدلي إن ضهرها هايتكسر، قالت له في قسوة:
- إمشي من هنا..وهات ولي أمرك معاك بكرة الصبح. 
إستنت يكشر او يعيط كما هو متوقع، لكن على العكس وسعت إبتسامة روبرت أكتر وأكتر لحد ما أسنانه بانت.
- ربورت الحقيقي لسه جوايا، مستخبي بعيد خالص في عقلي. ساعات بيرفس علشان أخرجه.
- إمشي من هنا!
صوت الساعة كان بيعلى في ودانها ويدوخها وروبرت بيتغير..
ملامح وشه ساحت في بعض زي الشمع، عينها إتمطت وإتفتح كأنك بتقطع صفار بيض ني بسكينة، مناخيره وبُقه غطسوا لجوه، راسه طولت، وشعره مابقاش شعر، بقا أشياء بتتحرك زي الدان الرفيعة. وبدأ صوت غريب يطلع من روبرت، صوت زي أصوات الضوارى طلع من مناخيره الي إندمجت مع بُقه وبقوا فتحة سودا مرعبة.
مشي روبرت ناحيتها ببطء، وكانت قادرة تشوف بقايا روبرت القديم فيه.
جريت..
هربت وفضلت تصرخ وهي بتجري في طرقات المدرسة، وبعض التلاميذ بصولها في عدم فهم وذعر.
فتح استاذ هاننينج باب فصله وبص، وشافها بتجري ناحية باب المدرسة الإزاز وبتفتحه في ذعر.
 جري وراها ونادى إسمها: آنسة سيدلي..آنسة سيدلي!
خرج روبرت من الفصل وبص عليها في فضول..
آنسة سيدلي لا شافت ولا سمعت حاجة. نزلت السالم جري وعدت الشارع وصراخها وراها مالي الدنيا. العربيات فضلت تزمر، والأتوتوبيس المسرع الي كان مقرب عليها سواقه إترعب وداس على الفرامل بكل قوته.
وقعت الآنسة سيدلي، وعجلات الأوتوبيس وقفت يا دوب على مسافة عشرين سنتي منها. فضلت تترعش في وسط الشارع والناس بتتلم عليها.
بصت لقت الطلبة ملمومين في حلقة ضيقة حواليها زي المعزين الواقفين حوالين قبر مفتوح. وسط الطلبة كان روبرت، مستعد يرمي عليها أول حفنة تراب في قبرها.
من الطلبة الي كانوا بيبتسموا، وعرفت الآنسة سيدلي إنها قريب هاتصرخ تاني!
كسر الأستاذ هاننينج الحلقة حواليها وطرد التلاميذ بعيد. وبدآت الآنسة سيدلي تعيط.
______________________
مارجعتش تاني فصلها لمدة شهر.
قالت للأستاذ هانينج غن أعصابها تعبانة، فنصحها تشوف دكتور. قالت له إن لو مجلس إدارة المدرسة شايف إنه ماينفعش ترجع تاني ياريت يبلغها علشان تستقيل، لكنه قال لها إنها كده بتسبق الأحداث.
رجعت الآنسة سيدلي المدرسة أواخر أكتوبر وكانت مستعدة تلعب اللعبة وعارفة تلعبها إزاي.
خلال أول أسبوع سابت كل حاجة تمشي طبيعي. لكن الفصل كله كان بيبصلها في قلق، وفضل روبرت يبتسلم لها من مكانه في الصف الأاول. مكاش عندها جرأة توجهله أي كلام.
في مرة كانت في الملعب، مشي روبرت ناحيتها وهو ماسك كورة وقال لها:
- عددنا كتر دلوقتي، اكتر مما تتصوري. بس محدش هايصدقك لو إتكلمتي.
بنت كانت بتتمرجح بصت للآنسة سيدلي وضحكت عليها. ابتسمت الآنسة سيدلي لروبرت وقالت له:
- مش فاهمة ياروبرت. بتتكلم عن إيه؟
فضل الولد مبتسم ورجع يكمل لعب.
______________
الآنسة سيدلي جابت مسدس معاها في شنطتها. كان مسدس أخوها الي مات من عشر سنين. مكانتش فتحت صندوق حاجاته من ساعة مام ات، وأما فتحته لقت المسدس مكانه، وحطت في الطلقات زي ما كان أخوها بيوريها.
دخلت فصلها وإبتسمت للطلبة، ولروبرت بالذات أكتر.
 إبتسم لها روبرت وقدرت تلمح الملامح الغريبة الهلامية بتتراقص تحت جلده.
مكانش عندها فكرة غيه بالضبط الي عايش في جسم روبرت، ومكانش فارق معاها تعرف. كل الي كانت بتتمناه إن روبرت الحقيقي يكون مش موجود وبيتعذب. بس حتى لو روبرت عايش زمانه إتجنن وهو في وضع كابوسي زي ده، والأفضل برضو تريحه من العذاب ووالسجن الغريب الي هو فيه.
قال الآنسة سيدلي للطلبة:
- النهاردة عندنا إمتحان.
الطلبة ما إتضايقوش أو إتوشوا في إعتراض أواي حاجة. فضلوا باصينلها بصات تقيلة ثابتة.
- إمتحان مختلف جدا. هناديكم واحد واحد لأوضة الفيديو وهامتحن الي يدخل، وبعدين أديه حاجة حلوة ويروح البيت بدري. مش إمتحان حلو؟
إبتسموا إبتساماتهم الفارغة وماردوش.
- روبرت، إنت الأول تعالى.
قام روبرت وهو مبتسم وكرمش مناخيره في وشها عادي وقال لها:
- حاضر يا آنسة سيدلي!
أخدت الآنسة سيدلي شنطتها مشيت معاه في الطرقة وسط أبواب الفصول المقفولة لحد أوضة الفيديو. إختارت الأوضة دي بالذات لأنها معزولة صوتيا علشان صوت الأافلام مايزعجش باقي الطلبة في الفصول المجاورة.
دخلوا الأوضة وقفلت الآنسة سيدلي الباب وراهم. قالت لروبرت بهدوء:
- محدش هايسمعك..لا إنت ولا ده..
وخرجت المسدس من شنطتها. ابتسم روبرت في براءة وقال لها:
- في كتير أوي منا، مش بس في المدرسة. تحبي تشوفيني وأنا بتحول تاني؟
قبل ما ترد، بدا وش روبرت يتغير، فضربته سيدلي بالرصاص في وشه. مال على الحيطة والأارفف ووقع بعدها على الأرض..طفل صغير مضروب رصاصة فوق عينه.
كان شكله مؤسف جدا.
شهقت سيدلي وهي بتبص له، الجسد الصغير المتكوم مابيتحركش..كان مجرد جسد طفل..كان روبرت!
لا!
(كل دي كانت تهيؤات يا إيميلي..كل ده كان في دماغك وبس)
لا! لا لا لا!
رجعت الآنسة سيدلي فصلها وإستدعت باقي الطلبة واحد واحد، قتلت منهم 12 ولولا إن الآنسة كروسن دخلت أوضة الفيديو بالصدفة كانت قتلت الفصل كله.
أما فتحت الآنسة كروسن الأوضة شهقت وغطت شفايفها بكفها. بدأت تصرخ وفضلت تصرخ لحد ما الآنسة سيدلي قربت منها وحطت إيدها على كتفها وقالت:
- كان لازم ده يحصل يا مارجرت..أنا عارفة إن المنظر مفزع بس كان لازم يموتوا..كلهم كانوا وحوش..كلهم.
بصت الآنسة كروسن على الأاجسام الصغيرة المتكومة على جنب وكملت صراخ، وكان لسه في بنت ما اتقتلتش قعدت تعيط زي الرضع.
قالت لها الآنسة سيدلي:
- إتحولي! إتحولي علشان الآنسة كروسن تشوفك..وريها إن كان لازم تموتوا!
فضلت البنت  تعيط..
- إتحولي! إتحولي يا قذرة!
رفعت سيدلي المسدس ناحية البنت، فهجمت الآنسة كروسن عليها ووقعتها على ألارض، وأخيرا ضهر سيدلي إستسلم وخانها.
___________________
مكانش فيه محاكمة..
الصحافة كانت بتطالب العقوبة، أولياء الأمور إتجننوا من الي حصل، وسكان المدينة كلهم كانوا مصدومين، لكن في النهاية تم إثبات إن الآنسة سيدلي مجنونة وأودعوها مستشفى جونيبر هيل للصحة النفسية.
كانت تحت سطوة الأأدوية المهدئة طول الوقت، وكانت بتحضر جلسات علاجية كل يوم.
بعد سنة، وتحت شروط قاسية، دخلت سيدلي تجربة علاج في مرحلة تجريبية.
_________________
كان إسمه بادي جينكنز، وكان  التأهيل النفسي لعبته..
قعد ورا شباك شفاف من جهة واحدة، ومعاه أوراقه وأقلامه، وكان قدامه أوضة مفروشة على شكل حضانة أطفال.
في ركن كان الآنسة سيدلي قاعدة على كرسي متحرك وفي إيدها قصة أطفال، وحواليها عدد من الأطفال الصغيرين. كان بيبتسموا لها وهم بيريلوا ويلمسوها بإيديهم الصغيرة المبلولة على طول. الإختصاصي النفسي كان بيراقبها كويس وبيراقب أي بادرة عنف من ناحيتها.
لوقت طويل ظن بادي إنها كانت مستجيبه كويس للعلاج. كانت بتقرأ للأطفال بصوت عالي، وتتطبطب على شعر الطفلة دي، او تلاعب الطفل ده، لكن فجأة بدأ يبان عليها إنها شافت حاجة أزعجتها. كانت بتكشر وبتبعد عينيها عن الأطفال.
قالت  بهدوء:
- خرجني من هنا لو سمحت.
ومكانتش بتكلم حد معين قدامها.
خرجوها من الحضانة، وبادي جينكينز كان بيراقب تعبيرات وش الأاطفال وهي خارجة على كرسيها. كانت عينيهم واسعة ونظرتهم فاضية، لكن بشكل ما نزرة عميقة.
واحد منهم ابتسم، وواحد تاني حط صباعه في بُقه في لؤم، وبنتين مالوا على بعض وضحكوا..
_____________________
في ليلتها، قطعت الآنسة سيدلي حنجرتها بحتة مراية مكسورة.
بعدها بدأ بادي جينكينز يراقب الأطفال زيادة يوم عن يوم، وفي النهاية مابقاش قادر يرفع عينيه عنهم أبدا.
( الطفل الي هناك ده وشه إتغير ولا ده مجرد إنعكاس ضوء؟!)

النهاية 

#king_night
#ليلة_الكينج

Comments

Popular posts from this blog

الغلاف ‏الأخير- ‏شيرين ‏هنائي

الحلقة ‏العاشرة- ‏في ‏مكان ‏مظلم

المنزل ‏في ‏شارع ‏ميبل- ‏ستيفن ‏كينج